إيران تعلن الاتفاق على المسائل العالقة بالمفاوضات النووية

واشنطن: أحرز تقدم لكن الحديث عن اتفاق غير دقيق * روحاني ونتنياهو يحضران منتدى دافوس بنهاية الشهر

عناصر من الأمن السويسري يثبتون حواحز لحماية مقر المنتدى الأقتصادي العالمي المزمع عقده في دافوس هذا الشهر (أ.ب)
TT

أعلن عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني رئيس وفد إيران للمباحثات على مستوى المديرين السياسيين التي عقدت بمدينة جنيف على مدار اليومين الماضيين، أن المباحثات قد انتهت باتفاق يحل كل المسائل العالقة، وأن النتائج ستعرض على بقية الأطراف الموقعة للحصول على موافقتها قبل البدء في تنفيذ الاتفاق الذي وقعته إيران 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مع مجموعة خمس زائد واحد التي تضم كلا من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا بجانب ألمانيا برئاسة كاثرين أشتون مفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، ويقضي بحد إيران من أنشطتها النووية لفترة ستة أشهر مقابل رفع محدود للعقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب تجاوزات وعدم التزام بمواثيق الأمان وحظر انتشار السلاح النووي.

وقال مايكل مان المتحدث باسم وزيرة خارجية أوروبا كاثرين أشتون في بيان: «لقد جرى إحراز تقدم كبير حول كل المسائل المتعلقة بالموضوع، لكن الولايات المتحدة قالت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية إنه أحرز تقدما في المفاوضات، لكن التقارير عن التوصل إلى اتفاق غير دقيقة»، مشيرة إلى أن المفاوضات تقنية وفيها الكثير من التفاصيل.

من جانبه قال عراقجي إنه رغم التوصل إلى حل للخلافات حول تنفيذ الاتفاق فإن «أمر تنفيذه أصبح منوطا بمصادقة العواصم»، من جانبه قال: «ولم يؤكد ما إذا كان التاريخ المستهدف للتنفيذ لا يزال 20 يناير (كانون الثاني)»، مؤكدا أن ذلك ستقرره حكومة كل بلد.

وجاءت تصريحات عراقجي في ختام اجتماع مع هلغا شميدت نائبة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون التي يمثل مكتبها مجموعة خمسة زائد واحد التي تضم بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة إضافة إلى ألمانيا، في المفاوضات مع إيران.

وكان ممثلو إيران والاتحاد الأوروبي استانفوا صباح أمس اليوم الثاني من المحادثات في جنيف، الهادفة لوضع تفاصيل تطبيق الاتفاق المؤقت حول البرنامج النووي الإيراني. وزاد من تعقيد الحوار بين نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وهيلغا شميدت مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي التي تتولى المباحثات باسم مجموعة «5+1» (الصين وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا)، ضرورة التشاور مع القوى الكبرى التي وقعت اتفاق 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013.

وقال عراقجي للتلفزيون الإيراني «تقع على السيدة شميدت مسؤولية ثقيلة لأن عليها التشاور في كل مسألة مع الدول الست» غير الحاضرة في جنيف. وقال إنه في يوم الخميس كانت «هناك مسألة أو اثنتان معلقتان، وهما موضع خلاف، وقد تم بحثهما، وتبادلنا وجهات النظر بشأنها. وقررنا الدخول في فترة استراحة لتتمكن من التحدث إلى الدول الست».

وكانت ويندي شيرمان، مبعوثة الولايات المتحدة، وهي ثالث مسؤول في الخارجية، موجودة في جنيف الخميس. وعقدت اجتماعا مع عراقجي وشميدت لإبلاغهما أفكارا أميركية «مفيدة في البحث عن تسوية للقضايا المعلقة في الاتفاق»، بحسب جين بساكي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية. كما عقدت اجتماعا ثنائيا مع الوفد الإيراني وصفه عراقجي بأنه «اجتماع قصير نسبيا».

وقالت المتحدثة الأميركية «هذه المسائل بالغة التعقيد وتحتاج تسويتها وقتا في مستوى الخبراء الفنيين ووسائل تطبيقها»، مشيرة إلى أن ذلك هو هدف المباحثات الجارية مع الأمل في أن ينفذ الاتفاق المحدد لستة أشهر بشكل مبكر. وكان اجتماعان سابقان على مستوى الخبراء في فيينا ثم جنيف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي توصلا إلى اقتراح تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) لتطبيق هذا الاتفاق الذي يشكل في نظر الجميع تقدما مهما بعد أكثر من عشر سنوات من التوتر حول البرنامج النووي الإيراني.

والاتفاق بين مجموعة «5+1» وإيران ينص على الحد من تخصيب اليورانيوم في إيران لفترة ستة أشهر لا تفرض خلالها على طهران عقوبات جديدة.

ورغم نفيها المتكرر، يشتبه الغربيون وإسرائيل في سعي إيران إلى حيازة سلاح نووي تحت غطاء برنامجها النووي المدني. لكن لا تزال هناك «مسائل لم تحل» يعود أمر تسويتها إلى القرار السياسي. وبحسب مصادر دبلوماسية فإن إحدى أهم هذه المسائل تتعلق بالأجيال الجديدة من أجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخصيب اليورانيوم. وبالنسبة لعراقجي توجد ثلاث مسائل لا تزال موضع خلاف ويأمل في حلها أثناء هذه الاجتماعات.

وتجري مباحثات جنيف في الوقت الذي بات القادة الإيرانيون يعبرون فيه عن القلق بشكل أكثر وضوحا من بطء تطبيق الاتفاق وما يعتبرونه محاولات للتراجع عنه. وفي اتصال هاتفي الخميس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أتاح انفتاحه التوصل إلى الاتفاق، من «البحث عن الأعذار لإثارة المشاكل في عملية المفاوضات»، بحسب وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إيسنا). ودعا «بعض الدول إلى احترام التزاماتها وتفادي بعض الأساليب التي يمكن أن تحجب حسن نيتها»، في إشارة ضمنية واضحة إلى محاولات الكونغرس الأميركي اتخاذ إجراءات لتشديد العقوبات ضد إيران.

وفي هذا الصدد، قال مساعدون في مجلس الشيوخ الأميركي إن ما يزيد على نصف أعضاء المجلس يؤيدون مشروع قانون يفرض على إيران عقوبات جديدة إذا خالفت الاتفاق المؤقت الذي يحد من برنامجها النووي، لكن لا توجد خطط بعد لطرحه للمناقشة في المجلس. وهدد البيت الأبيض بنقض مشروع القانون. وتقول إيران إن الاتفاق المؤقت الذي توصلت إليه مع القوى الكبرى في جنيف في نوفمبر سيعتبر منتهيا إذا فرض الكونغرس الأميركي عقوبات جديدة.

وتبين سجلات الكونغرس أن مشروع القانون الذي أطلق عليه قانون إيران غير المسلحة نوويا يحظى الآن بتأييد ما لا يقل عن 54 من أعضاء مجلس الشيوخ المائة، حيث انضم ستة أعضاء إلى مؤيديه الأربعاء. وقال مساعد في المجلس إن عضوين آخرين انضما الخميس ليصل العدد الإجمالي إلى 56 مؤيدا.

وليس مؤكدا أن المشروع سيطرح على المجلس، وما إذا كان باستطاعة مؤيديه حشد أغلبية الثلثين اللازمة لتجاوز نقض الرئيس باراك أوباما له، أم لا. وقال مساعد كبير في مجلس الشيوخ إنه ليس مزمعا بعد طرح المشروع على المجلس على الرغم من تزايد عدد مؤيديه. ويفرض مشروع القانون عقوبات على إيران كذلك إذا لم توافق على اتفاق شامل في وقت لاحق هذا العام أو العام المقبل.

وكان المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي قال أول من أمس إن المفاوضات الخاصة بتنفيذ الاتفاق كشفت عداء الولايات المتحدة لإيران. وكان خامنئي من قبل يؤيد الاتفاق على الرغم من انتقادات المتشددين دينيا وسياسيا.

وفي لندن، كشفت مصادر عن مفاوضات بين إيران وروسيا على اتفاق مقايضة قد يسمح لطهران بزيادة صادرات النفط بنسبة كبيرة، وهو ما يمثل تحديا للعقوبات الغربية التي أسهمت في إجبارها على توقيع اتفاق مبدئي في نوفمبر لتقييد أنشطتها النووية. وقالت ثلاثة مصادر روسية وإيرانية قريبة من المفاوضات إن الجانبين يناقشان التفاصيل النهائية للاتفاق الذي سيسمح لموسكو بالحصول على ما يصل إلى 500 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني مقابل معدات وسلع روسية. وقال مصدر روسي «يتحقق تقدم جيد في الوقت الراهن وتوجد فرص قوية للنجاح.. نناقش التفاصيل وموعد توقيع الاتفاق يتوقف على تلك التفاصيل». ولم يتضح ما إذا كان الجانبان سيبدآن تنفيذ المقايضة قبل اتفاق إيران والقوى الست العالمية ومن بينها روسيا على تفاصيل الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في جنيف في نوفمبر، أم لا.

وبسبب العقوبات الأميركية والأوروبية انخفضت صادرات النفط الإيرانية أكثر من النصف خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية لتصل إلى نحو مليون برميل يوميا. وإذا اشترت روسيا 500 ألف برميل يوميا فسترتفع صادرات إيران 50 في المائة، ويتحسن الاقتصاد. وبحسب أسعار النفط الحالية التي تقارب 100 دولار للبرميل ستكسب إيران نحو 1.5 مليار دولار إضافية شهريا. ولم تتوافر تفاصيل عن المعدات والسلع التي تعرضها روسيا في المقابل.

قال منظمو المنتدى الاقتصادي العالمي أمس إن الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيحضران المنتدى المقرر أن يعقد هذا الشهر في منتجع دافوس السويسري.

وقالت متحدثة باسم المنتدى ردا على سؤال بشأن حضور الاثنين «نعم هذا مؤكد»، ورفضت ذكر أسماء المشاركين الآخرين في المنتدى السنوي.