دستور مصر الجديد يدخل أيام الحسم

ملصقات الدعاية تزين المحال والسيارات والشوارع

إحدى اللافتات في وسط القاهرة التي تدعو لـ«نعم للدستور» («الشرق الأوسط»)
TT

بصوت واهن أنهكته ضغوط الحياة والسنين، لكنه مشرب بعفوية المصريين المعهودة، قالت رجاء صبرة (75 عاما) «سوف أذهب لأدلي بصوتي علشان حال الناس ينصلح». وأضافت صبرة، وهي تشير إلى المدرسة التي سوف تقترع فيها على الاستفتاء (شرق القاهرة) «صوتي له معنى ويمكن أن يغير الحال»، وتابعت «أتوقع طوابير كبيرة أمام اللجان وعدم المقاطعة». وقالت السيدة المسنة لـ«الشرق الأوسط»: «لن تخيفنا تهديدات الإخوان.. وسوف أدلي بصوتي حتى لو انتظرت 8 ساعات كي تفتح اللجان أبوابها».

وقبل يومين من بدء أول استحقاقات خارطة المستقبل في مصر، دخل سباق الاستفتاء على الدستور والمقرر بدء عملية الاقتراع عليه 14 و15 يناير (كانون الثاني) الحالي مرحلة الحسم. وكثفت قوى سياسية دعايتها أمس من خلال الندوات والمؤتمرات في القاهرة والمحافظات، فيما نشطت الدعاية الانتخابية بشكل خاص أمام المساجد التي دخلت بقوة على خط تأييد الدستور والتصويت عليه بنعم. وبينما دعا خطباء المساجد إلى أهمية المشاركة في الاستفتاء، مؤكدين أن الإيجابية واجب شرعي، وأن الإنسان السلبي تجاه مجتمعه لا يتساوى بالإنسان الفعال المشارك، أكدت دار الإفتاء المصرية في ردها على بعض الفتاوى التكفيرية التي تعتبر الديمقراطية كفرا وتحرم المشاركة في أي من استحقاقاتها، أنه لا يلزم من الدعوة إلى الديمقراطية اعتبار حكم الشعب بديلا عن حكم الله؛ إذ لا تناقض بينهما.

وانتشرت صور وبوسترات ولافتات أعلى الكباري وفي الشوارع الرئيسة بالقاهرة والمحافظات تطالب المواطنين بالمشاركة في الاستفتاء، مشيرة إلى أن المشاركة بالأساس تدعيم لشرعية النظام الحالي ومكافحة ما اعتبرته «إرهاب» جماعة الإخوان المسلمين.

وبالتزامن مع ذلك، يعرض التلفزيون الرسمي وقنوات فضائية خاصة إعلانات قصيرة وأغاني لمطربين وكلمات لشخصيات مشهورة، تدعو المواطنين للتصويت بـ«نعم» للدستور، وأطلقت حملة «تمرد» (الشعبية) نوعا جديدا من الدعاية للدستور عن طريق ممارسي رياضة الغطس في مدينة شرم الشيخ السياحية، بعنوان «رسالة من تحت الماء» لتأييد التصويت بنعم، ووضع المشاركون في الحملة لافتات بلاستيكية في عدد من مناطق الغطس في مياه البحر الأحمر، بهدف توصيل رسالة أن المصريين في طريقهم إلى دستور جديد.

وفي سياق المشهد، برزت السيارات الخاصة باعتبارها الوسيلة الأكثر شيوعا في الدعاية الدستور، فأصبحت شوارع مصر كرنفالا للافتات «نعم للدستور» التي تحتل الزجاج الخلفي والجانبي للسيارات.

سيد عبد الحكيم، الذي يملك متجرا لبيع «الأدوات المنزلية»، وجد في سيارته وسيلة مثلى للدعاية للدستور الذي ألصق صورة كبيرة له على زجاج السيارة الخلفي. ويقول عبد الحكيم لـ«الشرق الأوسط»، إنه «اشترى صورة الدستور من ماله الخاص من أحد البائعين، ولم يأت أحد ليطلب منه وضع الملصق الدعائي على سيارته لاقتناعه بالدستور». ويشير عبد الحكيم إلى أن سر اقتناعه بالدستور هو أنه دستور توافقي لكل المصريين وليس لجماعة معينة.

عبد الحكيم لم يكتف بسيارته، وإنما جعل من متجره أيضا نافذة للترويج للدستور، إذ يملك مرزوق متجرا للأدوات المنزلية في أحد الممرات التجارية المزدحمة بمنطقة العتبة وسط القاهرة، واتفق هو ومن معه من أصحاب المتاجر على تعليق الملصقات الدعائية للدستور على واجهات متاجرهم حتى يراها زوار الممر التجاري.

واستعمل بائع متجول في أحد شوارع القاهرة واجهة عربته الصغيرة لتكون وسيلة دعائية للدستور وبجوارها صورة الفريق أول عبد الفتاح السيسي قائد الجيش المصري. ويقول زين توفيق، صاحب «عربة بيع الفول السوداني»، لـ«الشرق الأوسط»، إنه بعد اقتناعه بالدستور سأل عن عنوان أماكن بيع الملصقات وذهب وأحضر واحدا لتعليقه.

ويشكو توفيق من أنه أحيانا عندما يذهب لإحضار بعض الأغراض بعيدا عن عربته، وحين يعود يجد أن ملصق الدستور قد تم تمزيقه، لكنه برر ذلك قائلا «إنه إذا كان البعض لا يتفق معي في تأييدي للدستور، فعلى الأقل يكون محترما، ويمكنه أن يرفع رايته المضاد، لكن لا يمزق رايتي. وأضاف توفيق أنه لذلك كلما وجد الملصق وقد تمزق، ذهب وأحضر ملصقا جديدا».

في السياق ذاته، قال المستشار هشام مختار، عضو الأمانة العامة باللجنة العليا للانتخابات، إن 87 ألف مصري بالخارج طبعوا بطاقات بيانات الناخب اللازمة للتصويت على الدستور الجديد حتى الآن، مضيفا أن «39 ألف مصري بالخارج صوتوا على الدستور في نهاية اليوم الثاني أول من أمس الخميس، وذلك في 138 لجنة فرعية بـ161 دولة بالعالم».

وأكد المستشار مختار أن أمس شهد إقبالا متزايدا من المصريين المشاركين في الاستفتاء على الدستور في دول الخليج، نظرا لأن يوم الجمعة هو العطلة الأسبوعية الرسمية بتلك الدول.