عبد المنعم أبو الفتوح في حوار مع «الشرق الأوسط»: أفضل رئيسا شابا لحكم مصر

المرشح الرئاسي السابق شدد على أن الاستقرار لن يعود إلا بـ«العدالة الانتقالية» الشاملة

عبد المنعم أبو الفتوح
TT

قال المرشح السابق للرئاسة المصرية، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، إنه لم يحسم أمره بعد بشأن الترشح مجددا في انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها قبل منتصف هذا العام من عدمه، وأكد أنه ما زال على موقفه الذي يفضل أن يحكم مصر شاب في الأربعينات أو الخمسينات من العمر، لكنه أوضح في حوار مع «الشرق الأوسط» أن أمر ترشحه يرتبط بالقرار النهائي للحزب الذي يرأسه وبالمشهد المصري «سريع التغير».

وتعد انتخابات الرئاسة من أهم الاستحقاقات الواردة في خارطة المستقبل التي أعلنها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي، في الثالث من يوليو (تموز) العام الماضي، وهو يوم الإطاحة بحكم الرئيس السابق محمد مرسي، القادم من جماعة الإخوان المسلمين. كما تتضمن الخارطة أيضا إجراء انتخابات برلمانية، والاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد. لكن أبو الفتوح، الذي قال إنه يرفض هذه الخارطة، شدد على موقف حزبه من الانتخابات البرلمانية المقبلة يتوقف على عدة شروط منها «مدى الالتزام بتطبيق الديمقراطية بجوهرها الحقيقي لا الشكلي».

وأضاف رئيس حزب مصر القوية أن الهيئة العليا للحزب اتخذت قرارها بالتصويت في الاستفتاء على الدستور الذي يبدأ يوم الثلاثاء المقبل بـ«لا»، مشيرا إلى أن الحزب لن يشارك في الاقتراع إلا إذا تحققت بعض الضمانات ليكون الاستفتاء معبرا بالفعل عن رغبة الشعب، مشيرا إلى ما أسماه «إجراءات تعسفية» ضد أصحاب الرأي المخالف للنظام «بما يجعل الأمر أقرب للاستفتاء الديكوري». وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* ما موقف حزب مصر القوية من «خارطة المستقبل» التي أعلن عنها في مصر منذ الثالث من يوليو الماضي؟

- موقفنا معلن وواضح منذ صدور هذه الخارطة القسرية؛ بأننا نرفض هذه الخارطة لأنها لم تأت بالطريق الدستوري والقانوني أولا، ولم تأت بالمطلب الوحيد الذي خرج الناس من أجله وهو الانتخابات الرئاسية المبكرة ثانيا، وبأنها تسببت في دماء كثيرة وانقسام مجتمعي هائل منذ صدورها وحتى الآن ثالثا.

* هل سيشارك الحزب في الاستفتاء على الدستور؟ وهل سيوجه أعضاءه والمصريين بـ«نعم» أم بـ«لا»؟

- اتخذت الهيئة العليا للحزب قرارها بالتصويت على الدستور بـ«لا»؛ على أن يكون ذلك بعد تحقق بعض الضمانات التي قدمت للجنة العليا للانتخابات حتى نضمن أن الاستفتاء معبر حقيقة عن رغبة الشعب المصري وإرادته الحرة، ولكن حدثت تغيرات كثيرة في المشهد قد تضطرنا لتقييم موقفنا مرة أخرى؛ فقد تدخل المستشار عدلي منصور ليفتح التصويت للمغتربين بعد قرار لجنة الانتخابات بحصر التصويت على المسجلين في دوائرهم الانتخابية؛ بما يشكك في نزاهة عملية الاستفتاء، كما تم القبض على بعض من أعضاء الحزب أثناء قيامهم بلصق مطبوعات تدعو المواطنين لرفض الدستور وهو ما يؤكد ألا نية لقبول الرأي المخالف؛ إضافة إلى الكم الهائل من الانتهاكات الحقوقية من قتل واعتقال وتعذيب، إضافة إلى الشحن الإعلامي والتشويه الممنهج لكل رموز ثورة يناير (كانون الثاني) ولكل من يخالف النظام بما يجعل الأمر أقرب للاستفتاء الديكوري منه إلى استدعاء حقيقي لرأي المصريين.

* وما سبب رفضكم للدستور؟

- بالنسبة لأسباب رفضنا للدستور؛ فهذا الدستور بني في النهاية على نفس معادلات دستور 2012 الذي سبق ورفضناه من قبل؛ حيث وضعت فيه نصوص مطاطة للعدالة الاجتماعية لا تقدم جديدا فعليا لحل مشكلات المصريين الاقتصادية والاجتماعية الهائلة، كما أنه يعظم من سلطات رئيس الجمهورية أمام سلطات البرلمان بما يفقد البرلمان أي قدرة حقيقية على رقابة السلطة التنفيذية ومحاسبتها في ظل قدرة الرئيس على وضعه تحت التهديد الدائم بالحل وتعيينه لخمسة في المائة من أعضاء البرلمان، وأخيرا وليس آخرا جعله المؤسسة العسكرية مؤسسة أعلى من كل سلطات الدولة، من حيث طريقة تعيين وزير الدفاع وعدم مراقبة موازنة الجيش ولو الخدمية تفصيلا، ومن حيث السماح بالمحاكمات العسكرية للمدنيين، بالإضافة إلى أسباب أخرى كثيرة نشرناها على مواقعنا وصفحاتنا الاجتماعية.

* يبدأ بعد الاستفتاء على الدستور التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية. هل سيخوض الحزب الانتخابات البرلمانية، وهل توجد شروط لخوض هذه الانتخابات، وما هي، وهل من بينها نظام الانتخاب سواء بالقوائم أو الفردي؟

- نحن نؤمن تماما أن واجب الأحزاب هو المشاركة في أي عملية استدعاء شعبي من خلال الانتخابات أو الاستفتاء؛ لذا فالأصل أن نشارك في كل هذه الممارسات الديمقراطية، ولكن الموقف النهائي لهذا الأمر يتوقف على مدى الالتزام بتطبيق الديمقراطية بجوهرها الحقيقي لا الشكلي، وعلى الأجواء التي تحيط بالعملية الديمقراطية من حريات وحقوق سياسية ومدنية وتكافؤ في الفرص وحيادية بين الأفكار والمرشحين وغيرها من الأمور التي لا قيمة للديمقراطية دون توافرها.

* هل تفكرون في الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ ولماذا؟

- ما زلت على موقفي السابق بأنني أفضل أن يحكم مصر في الفترة القادمة شاب أربعيني أو خمسيني؛ على أن نقدم نحن، الأكبر سنا والأكثر خبرة، خدماتنا لهؤلاء الشباب لدفع مصر إلى الأمام ولتحقيق تغيير حقيقي في هيكل الدولة المصرية التي شاخت؛ إلا أن هذا الأمر مرتبط في النهاية بقرار الحزب النهائي، وبشكل المشهد المصري سريع التغير خلال الفترة القادمة.

* بدأت تنتشر بين بعض الأحزاب فكرة الاندماج بين عدد منها. هل يمكن أن يلجأ حزب «مصر القوية» لمثل هذه الاندماجات. ومع من يمكن أن يكون هناك اندماج للحزب؟ ما رأيكم في فكرة الاندماج الحزبي أصلا، خصوصا وأن مصر أصبح فيها نحو سبعين حزبا؟

- السياسة في مصر في حالة موت سريري منذ الثالث من يوليو، وهناك مساحة تضييق هائلة على كل مساحات العمل السياسي خارج أبواق النظام ودوائره؛ كما أن مساحات القتل والاعتقال والتعديات الأمنية والانتهاكات الحقوقية أعادت العمل السياسي مرة أخرى إلى مساحات الخطر المجتمعي وهو ما تسعى إليه السلطة الحالية بكل قوة حتى تتفرغ لإعادة نظام مبارك بكل تفاصيله ودون مقاومة تذكر.. كل هذه الأجواء جعلت التفكير في مساحات الاندماج أو التقارب السياسي لا تحتل الأولوية في مساحات عمل الأحزاب التي تريد أن تقدم شيئا لهذا الوطن، وهو ما يؤخر نظر مثل هذه الملفات حتى تعود أجواء الحرية مرة أخرى وحتى تنتصر الثورة على أعدائها.

* كيف ترون قرار الحكومة الذي يصف جماعة الإخوان «جماعة إرهابية»؟

- هذا القرار بداية هو تدخل من السلطة التنفيذية في عمل القضاء؛ حيث إنه وفقا للقانون المصري فإن هذا الأمر لا يمكن الاعتداد به إلا من خلال أحكام قضائية وباتة لا من سلطة تنفيذية. كما أن هذا القرار الإداري الصادر من سلطة تنفيذية يغلق تماما كل مساحات التصالح السياسي التي لا حل لمصر من دونها. إضافة إلى أن هذه القرارات المتسرعة وغير المدروسة قد تؤدي إلى زيادة مساحة العنف والإرهاب في الشارع المصري كرد فعل على الإجراءات الاستثنائية غير القانونية التي صدرت قبل هذا القرار وبعده، من حيث مصادرة الأموال وإغلاق المدارس والجمعيات الأهلية وغيرها بما يدفع بالشباب إلى اليأس من كل أدوات العمل السلمي والمجتمعي القانوني ويذهب بهم إلى حيث لا نريد جميعا.

* ما هي رؤيتكم لإعادة الاستقرار إلى الشارع المصري، خصوصا وأن «تحالف دعم الشرعية» يصر على شروطه قبل الدخول في أي حوار مع السلطة، وهي عودة الرئيس السابق محمد مرسي للحكم، وعودة مجلس الشورى المنحل، وعودة دستور 2012، وهل ترى أن هذه الشروط قابلة للاستمرار مع المتغيرات الجديدة التي تشهدها مصر منذ ستة أشهر حتى الآن؟

- لن يعود الاستقرار إلى الشارع المصري إلا عند تحقيق العدالة الانتقالية وتطبيقها على الجميع دون استثناء.. هناك جرائم حدثت من نظام مبارك وما تلاه سواء كان في عهد المجلس العسكري أو في عهد مرسي، ولا تجرى محاكمات حاليا إلا لعهد مرسي فقط مع ما فيها كذلك من إجراءات مخالفة لأبسط قواعد القانون. هذه واحدة، أما الثانية فلا بد من وقف كل الإجراءات الاستثنائية التي تمت طوال الفترة الماضية، ولا بد من وقف حالات الشحن المعنوي والشيطنة والتخوين والتكفير التي تجري من السلطة ودوائرها الإعلامية بالدرجة الأولى وبعض من يعارضونها بدرجة أقل. يضاف إلى أن تردي الخدمات الاجتماعية وسوء الأوضاع الاقتصادية سيظل قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجوه الجميع بما يهدد أمن مصر وسلامتها وهو ما نخشى منه جميعا.

* أبو الفتوح في سطور

* ولد في القاهرة عام 1951. وتخرج في كلية الطب جامعة القاهرة وكان رئيسا لاتحاد الطلاب فيها، ونال شهرة واسعة حين انتقد الرئيس الراحل أنور السادات علانية أثناء لقائه بطلاب الجامعة.

* انضم لجماعة الإخوان المسلمين. وكان عضوا في مكتب الإرشاد للجماعة حتى عام 2009. وشغل لسنوات مواقع قيادية في اتحاد الأطباء العرب. وتعرض للسجن في عهدي السادات ومبارك بسبب انتمائه للجماعة.

* حل رابعا من بين 13 مرشحا في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة التي جرت في 2012، وحصل على أكثر من أربعة ملايين صوت بنسبة بلغت 17.47 في المائة. وأسس حزب «مصر القوية» العام قبل الماضي.