جنوب السودان يعلن استعادة قواته لعاصمة ولاية الوحدة النفطية

المتحدث باسم الجيش ينفي مشاركة قوات أجنبية.. ومشار يؤكد استمرار وفده في المحادثات

أمراة من جنوب السودان مع طفلها الذي يتلقى العلاج في عيادة لمنظمة أطباء بلا حدود في مدينة مينكامان جنوب بور (أ.ف.ب)
TT

أعلنت دولة جنوب السودان إعادة سيطرة قواتها على مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة من قبل المتمردين بزعامة نائب الرئيس السابق رياك مشار، وكشفت عن استسلام عدد من جنود التمرد إلى القوات السودانية في بلدة هجليج المجاورة لحدود الجنوب، مع تأكيدها بعد وجود أي تنسيق عسكري مع الخرطوم، فيما أكد زعيم التمرد رياك مشار سيطرة القوات الحكومية على الولاية، وأن قواته انسحبت لإعادة تنظيم صفوفها، لكنه قال إن هدفه عاصمة البلاد جوبا وليس المدن الولائية، مشددا على مواصلة وفده عملية التفاوض، داعيا إلى ربط إطلاق سراح المعتقلين تزامنا مع وقف إطلاق النار.

وقال المتحدث الرسمي باسم جيش جنوب السودان فيليب اقوير لـ«الشرق الأوسط» إن قواته حسمت المعركة مع قوات التمرد بعد ساعتين من الاشتباكات في مداخل مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة الغنية بالنفط، وأضاف: «سيطرت قواتنا بشكل كامل بقيادة الفريق جوك رياك على مدينة بانتيو في الساعة الثانية والنصف بعد الأمس بالتوقيت المحلي لجنوب السودان». وقال إن قواته تقوم بعملية تمشيط واسعة لتأمين المدينة في مداخلها ومخارجها، مشيرا إلى أن قائد قوات التمرد التابعة لرياك مشار قد فر منها وأن بعضا من ضباط وجنود التمرد سلموا أنفسهم إلى القوات السودانية في بلدة هجليج المجاورة لحدود الجنوب، وتابع: «السيطرة على بانتيو تعني السيطرة على كل حقول النفط في ولاية الوحدة».

ونفى اقوير بشدة وجود أي تنسيق مع الجيش السوداني أو أي قوات أجنبية في الحرب التي تخوضها قوات الجيش الشعبي ضد المتمردين، وقال إن الجيش الحكومي لديه وحدة كاملة لسلاح الجو ومروحيات مقاتلة كانت تستخدمها ضد المتمردين، مؤكدا أن ضبط بعض الأسلحة والسيارات لم تكن موجودة في قيادة «الفرقة الرابعة» في ولاية الوحدة التي أعلن قائدها جيمس كوانق شول انضمامه إلى رياك مشار، لكنه قال إن التقييم الميداني من قبل الجيش الشعبي ما زال جاريا لمعرفة تفاصيل هذه الأسلحة، وأضاف: «لا علم لنا بوجود دولة تدعم المتمردين». وقال إن القيادة العامة للجيش الشعبي وجهت قواتها المتمركزة في المنطقة الواقعة بين منقلا وبور للتقدم إلى داخل مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي لاستعادتها وتطهير المنطقة من التمرد.

من جانبه أكد نائب رئيس جنوب السودان السابق رياك مشار لـ«الشرق الأوسط» الذي يقود تمرد ضد حكومة سلفا كير منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، انسحاب قواته «مرحليا» من مدينة بانتيو، وقال: «نعم جيش سلفا كير دخل بانتيو بعد انسحاب قواتنا مرحليا لإعادة تنظيم صفوفها لاستعادة المنطقة». وأضاف أن التوازن العسكري سيتغير على الأرض في وقت قريب جدا، وقال: «نحن ذاهبون إلى جوبا وهدفنا ليس مدن الولايات وإنما عاصمة البلاد لأنها مركز السلطة»، نافيا علمه بدخول القوات السودانية أو الجبهة الثورية إلى جانب جيش جنوب السودان، لكنه قال: «نحن نراقب الحدود ونقوم بعملية تقييم وسنعرف إن كان الجيش السوداني قد شارك مع قوات الجيش الشعبي أم لا».

وشدد مشار على أن وفده في المفاوضات سيواصل الحوار مع وفد الحكومة في أديس أبابا، وقال: «لن نسحب وفدنا من المفاوضات، وبعد أن قمنا بعملية تقويم كاملة أكدنا على مواصلة الحوار بقلب وعقل مفتوحين»، كاشفا عن اتصالات أجرتها جهات دولية وإقليمية معه أمس حول مواصلة التفاوض، وقال: «لقد كان هناك اتصال من رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين وتحدثنا طويلا حول سير عملية التفاوض وطلب منا وقف إطلاق النار». وأضاف: «لقد اقترحنا أن تجري العملية متزامنة، بأن يجري إطلاق سراح المعتقلين السياسيين تزامنا مع وقف إطلاق النار ونشر فريق المراقبة». وعد أن هذا المقترح هو الأخير من جانبه لإنجاح عملية التفاوض.

وقال مشار إن الوساطة والمجتمع الدولي فشلا في الضغط على سلفا كير للإفراج عن المعتقلين لتجري عملية وقف إطلاق النار، وأضاف: «مواقف المجتمع الدولي غير منطقية؛ لأن عملية وقف إطلاق النار تعني الدخول في أجندة سياسية، والمعتقلون في جوبا هم المعنيون بالقضايا السياسية». وتابع: «سلفا كير لا يريد إنهاء النزاع سلميا ويسعى لتحقيق انتصارات عسكرية على الأرض، ولكنه يعلم أن ذلك لا يدوم طويلا لأن هناك أزمة سياسية خطيرة في البلاد».

وقد رفض مشار الأربعاء مقترح جوبا لإنهاء الأزمة بشأن المعتقلين بأن يجري الإفراج عنهم على أن ينقل التفاوض إلى مقر الأمم المتحدة في جوبا.

وكان البيت الأبيض قد حث الجانبين في الصراع المميت في جنوب السودان على توقيع اتفاق لإنهاء المعارك على الفور، وقالت سوزان رايس مستشارة الرئيس باراك أوباما لشؤون الأمن القومي في بيان، إن على الزعيمين مسؤولية العمل للحيلولة دون أن تصاب بلادهما بمزيد من العنف، وأضافت: «يجب على السيد مشار على وجه الخصوص أن يلتزم بوقف الأعمال الحربية دون شروط مسبقة». وقالت: «واستمراره في الإصرار على الإفراج عن المعتقلين بوصفه شرطا مسبقا لإنهاء المعارك أمر غير مقبول ويتعارض مع إرادة المعتقلين».

وقالت رايس: «تشعر الولايات المتحدة بخيبة أمل لأن المعتقلين الذين تحتجزهم حكومة جنوب السودان لم يفرج عنهم بعد». وأضافت: «تكرر الولايات المتحدة دعوتها للرئيس سلفا كير للإفراج عن المعتقلين فورا وتسليمهم إلى منظمة الإيقاد حتى يمكنهم المشاركة في المفاوضات السياسية».