كيتا يزور نواكشوط للمرة الأولى منذ انتخابه رئيسا لمالي

لإنهاء مرحلة الفتور وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين

TT

بدأ رئيس دولة مالي إبراهيما بوبكر كيتا، أمس، أول زيارة لموريتانيا منذ انتخابه رئيسا لمالي في يوليو (تموز) 2013.

وتأتي الزيارة بعد دعوة تلقاها كيتا من نظيره الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وذلك في ظل تزايد الحديث في الفترة الأخيرة عن فتور كبير في العلاقات بين البلدين.

ويرافق الرئيس المالي في زيارته لموريتانيا التي تستمر ثلاثة أيام، وفد رفيع المستوى يضم ثمانية وزراء يتقدمهم وزير الخارجية والتعاون الدولي، بالإضافة إلى مسؤولين عسكريين من أبرزهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في دولة مالي.

يشار إلى أن موريتانيا تستقبل على أراضيها قرابة 100 ألف لاجئ مالي، عرب وطوارق، من سكان شمال مالي (إقليم أزواد)، ومنذ طرد الجماعات الإسلامية المسلحة من كبرى المدن في شمال مالي بدأ الحديث عن عودة اللاجئين في ظل خشية اللاجئين من أعمال (عرقية) انتقامية قد يقوم بها الجنود الماليون.

وانتدبت السلطات الموريتانية والسفارة المالية في نواكشوط للقاء الرئيس كيتا، ثلاثين لاجئا من العرب والطوارق، قدموا إلى نواكشوط من مخيم «أمبره» في أقصى الشرق الموريتاني على الحدود مع مالي، وسيلتقي هؤلاء اللاجئون بوزير المصالحة وتنمية الشمال المالي، وذلك لمناقشة قضية «عودة اللاجئين».

ويعتقد الموريتانيون أن زيارة كيتا لبلادهم تحمل أهمية كبيرة، وخاصة أنها تعيد الدفء للعلاقات بين نواكشوط وباماكو، باعتبارهما ترتبطان بعلاقات تاريخية ذات طابع اجتماعي وثقافي واقتصادي وأمني وحتى سياسي.

وبدأت العلاقات بين البلدين تشهد نوعا من الفتور منذ فترة حكم الرئيس الأسبق أمادو توماني توري، الذي اتهمته موريتانيا بالتهاون في مواجهة الجماعات الإسلامية المسلحة، التي تنشط في شمال مالي، وتجعل منه قاعدة خلفية لتنفيذ هجمات داخل الأراضي الموريتانية، وكثيرا ما نفذ الجيش الموريتاني عمليات عسكرية داخل الأراضي المالية ضد هذه الجماعات.

واستمرت العلاقات «متوترة» بين حكم الرئيس ولد عبد العزيز والرئيس المالي الأسبق توماني توري، حتى مطلع 2012 حين اندلع تمرد في شمال البلاد أدى إلى الانقلاب على توري وتنصيب حكومة انتقالية في باماكو بقيادة الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري. ولم تكن حكومة تراوري هي الأخرى مرتاحة للتصرفات الموريتانية تجاهها، حيث انتقدت في أكثر من مرة احتضان نواكشوط لقيادات من العرب والطوارق مطلوبين لدى باماكو.

ويرى الماليون أن موقف موريتانيا خلال الأزمة التي مروا بها في العامين الماضيين «لم يكن واضحا بما يكفي»، حيث احتضنت نواكشوط قادة التمرد وأكدت في الوقت نفسه دعمها للوحدة الترابية لمالي، وفي أكثر من مناسبة وصفت نواكشوط بعض مطالب الحركات المتمردة في الشمال بـ«المشروعة»، ودعت إلى نقاشها بالطرق السياسية والخروج بحل «سلمي» ينهي أزمة إقليم أزواد.

ورغم الانتقادات المتبادلة بين حكومتي البلدين في أوج أزمة مالي، فإن العلاقات في شكلها الرسمي كانت توحي بأن كل شيء على ما يرام، وكانت تصريحات المسؤولين من الطرفين تنفي وجود أي فتور، وتؤكد أن العلاقات بينهما «متميزة»، غير أن حفل تنصيب الرئيس المالي كيتا في سبتمبر (أيلول) الماضي، أظهر عمق الشرخ في جدار العلاقات بين البلدين، حيث انخفض مستوى الحضور الرسمي الموريتاني للحفل ممثلا في السفارة الموريتانية في باماكو، في ظل حضور عشرات من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات، وهو ما عده البعض رسالة غير ودية من نواكشوط.

وتأتي زيارة كيتا لنواكشوط كمحاولة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين اللذين يواجهان نفس التحديات في منطقة تعد مرتعا جديدا للإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة.