الجزائر تستنكر المواقف الفرنسية حول «إفراط جيشها في استعمال القوة» في حادثة الهجوم على منشأة غاز

الخارجية الجزائرية: التدخل الحاسم لقواتنا كان ضروريا للحفاظ على السيادة والسلامة

TT

عبرت الحكومة الجزائرية عن استياء بالغ من «حملة مغرضة تشنها وسائل إعلام أجنبية»، تتعلق بحادثة الهجوم على المركب الغازي بجنوب الجزائر، مطلع العام الماضي. وقالت إنها «ترفض بشدة تبرئة مقترفي الاعتداء الإرهابي الشنيع»، في إشارة إلى ما ذكر في وسائل إعلام فرنسية بأن الجيش الجزائري «أفرط في استعمال القوة»، عندما اقتحم المنشأة الغازية مما أدى، حسبها، إلى قتل 37 رهينة أجنبي، كانوا يعملون في الموقع.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية، مساء أول من أمس، عن المتحدث باسم وزارة الخارجية عمار بلاني أن الجزائر «تأسف للحملة الإعلامية المغرضة التي تتعرض لها في ذكرى الاعتداء الإرهابي الجبان، الذي استهدف المجمع الغازي بتيقنتورين»، الذي يقع بمنطقة عين أمناس بأقصى جنوب شرق البلاد. ووقع الهجوم الذي تبنته كتيبة «الموقعون بالدماء»، التي تتبع لـ«القاعدة»، في 16 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي.

وأفاد بلاني أن بلاده «ترفض بشدة العرض المغلوط (لمجريات الأحداث) والادعاءات السخيفة الصادرة عن تلك الوسائل الإعلامية، التي من منطلق أفكار مسبقة قامت بتبرئة تامة لمقترفي ذلك الاعتداء الإرهابي الشنيع، وجعلت من عصابة من المجرمين لا دين لهم ولا قانون، مفاوضين مفترضين يستحقون الأخذ والرد معهم». مشيرا إلى أن «تدخل قوات الأمن الجزائرية كان ضروريا من أجل إنقاذ مئات الأرواح البشرية، وحماية موقع استراتيجي كان الإرهابيون يخططون لتفجيره». وأضاف: «التدخل الحاسم (للقوات الجزائرية الخاصة لإنهاء احتجاز الرهائن)، تميز بقدر كبير من الاحترافية. وجاء استجابة للضرورة الملحة المتمثلة في الحفاظ على السيادة والسلامة الترابية لبلادنا، التي لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تقع رهينة في يد قوى الشر والدمار». وقالت السلطات الجزائرية، بعد حسم الموقف، إن الإرهابيين كانوا يخططون لنسف المنشأة بمن فيها. بعبارة أخرى، تعتقد الجزائر أن المحتجزين الأجانب كانوا سيموتون كيفما كان الحال، إذا لم تتم الاستجابة لشروط الخاطفين وهو تأمين ممر لهم إلى مالي. ورفضت الجزائر بشدة الخضوع للشروط.

وتابع الناطق باسم الخارجية: «لا يسعنا اليوم إلا أن نتساءل حول نيات أولئك الذين يريدون إخفاء الحقيقة، وهي أن مسؤولية الوفيات التي وقعت للأسف، يتحملها بشكل كامل الإرهابيون. كما نتساءل عن التشكيك في نجاح عملية عسكرية كانت على قدر كبير من التعقيد، والتي أجمع المجتمع الدولي بأسره على أنها كانت أفضل رد على عمل حربي حقيقي، نفذ بصفة جبانة ضد دولة وشعب».

وأسفر تدخل الجيش الجزائري عن طريق قواته الخاصة، لإنهاء احتجاز الفنيين المحليين والأجانب، عن مقتل 37 أجنبيا وجد من بينهم يابانيون ونرويجيون وفلبينيون، ومن فرنسا وبريطانيا أيضا. كما قتل كل الإرهابيين، بحسب قوات الأمن الجزائرية، في العملية وعددهم 32، على رأسهم الجزائري محمد الأمين بن شنب قائد الهجوم.

وإذا كانت السلطات البريطانية هنأت الجزائر على ما عدته «نجاحا»، أظهر اليابان امتعاضا شديدا بحجة أن الجيش الجزائري كان بإمكانه التفاوض مع الخاطفين لحماية أرواح الرهائن.

وبعد عام تقريبا من الحادثة، أصدرت فرنسية نجت من الهجوم كتابا يروي تفاصيل العملية أهم ما جاء فيه أن القوات الخاصة الجزائرية «استخدمت القوة المفرطة وأطلقت النار بشكل عشوائي، مما أدى إلى مقتل الرهائن». وقالت موريال رافي وهي ممرضة عملت في مجمع بتيقنتورين، في كتابها إنها وافقت على العمل في صحراء الجزائر، «بعد ما سمعت بأن المنشآت النفطية الجزائرية هي الأكثر أمنا في العالم، وأن الجيش الجزائري هو الذي كان يتولى حراستها».

وتساءلت موريال في الكتاب، عن «السهولة» التي وجدها إرهابيون في الاعتداء على مصنع ضخم، مراقب بواسطة طائرات دون طيار ويقع في منطقة عسكرية يراقبها جيش معروف بقوته؟. ورجحت الممرضة الفرنسية «وجود تواطؤ بين الإرهابيين وبعض عمال الشركة المحليين، الذين أرادوا التنديد بطريقتهم بالظروف المعيشية السيئة، التي يعيش فيها سكان منطقتهم».

وأعلن قاض فرنسي متخصص في مكافحة الإرهاب، الشهر الماضي، تقديم بلاغ ضد مجهول في حادثة المصنع الغازي، بتهمة «تشكيل عصابات مسلحة وحجز تعسفي للرهائن، ومحاولة اغتيال جماعية لها علاقة بعصابة إرهابية». ويسعى القاضي إلى فتح تحقيق، لتحديد المسؤوليات في مقتل المواطن الفرنسي يان ديجو، وهو عسكري سابق كان يعمل حارسا في المنشأة الغازية، والذي قتل في العملية التي نفذها الجيش الجزائري.

يشار إلى أن الجزائر تتعامل بحساسية كبيرة جدا، ضد إيحاءات بتورط قواتها الأمنية في مقتل آلاف المدنيين في مجازر جماعية، وقعت في تسعينات القرن الماضي خلال فترة المواجهة مع الجماعات المسلحة. وكانت التهم تأتي من وسائل إعلام فرنسية، مما تسبب في أحيان كثيرة في توتر العلاقات السياسية مع فرنسا.