تنحي جوتوديا لم يطفئ نيران العنف في جمهورية أفريقيا الوسطى

عملية انتقام ورحيل جماعي للأجانب

TT

شهدت بانغي عمليات نهب وسلب وإطلاق نار ومواجهات عنيفة أمس، غداة استقالة الرئيس ميشال جوتوديا التي تركت جمهورية أفريقيا الوسطى من دون سلطة تنفيذية بانتظار انتخاب البرلمان الانتقالي رئيسا جديدا للدولة.

وواصل الأجانب المقيمون في أفريقيا الوسطى، لا سيما المنحدرون من تشاد وغرب أفريقيا، مغادرة البلاد بأعداد كبيرة فرارا من أعمال العنف ومناخ الحقد. وشرعت «المنظمة الدولية للهجرة» في تنظيم رحلات جديدة ابتداء من يوم أمس لإجلاء 800 تشادي في مرحلة أولى. وقد طلب 60 ألف مهاجر أفريقي في الإجمال المساعدة من سفاراتهم، كما ذكرت المنظمة الدولية للهجرة.

وعمد لصوص صباح أمس على تقاطع ريكونسيلياسيون (المصالحة) في وسط المدينة إلى نهب متاجر بعدما خلعوا أبوابها، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها. وأصيب شخصان على الأقل بالرصاص خلال عمليات النهب. وقال الطالب برسون «إن عمليات سلب ونهب تجري منذ أمس (الجمعة)، ومتاجر المسلمين هي التي تتعرض للسلب والنهب في هذا القطاع. هناك عدد كبير من عناصر سيليكا (التمرد السابق الداعم لجوتوديا) في المنطقة. يجب أن نجردهم بسرعة من السلاح، وإلا حصلت مجزرة».

وجرت حوادث مماثلة في مناطق أخرى من العاصمة التي تحيط بها المدرعات الفرنسية المنتشرة في إطار «عملية سنغاريس» ووحدات من القوة الأفريقية (ميسكا). وفي حي بيمبو (جنوب) عمدت مجموعة يتألف القسم الأكبر منها من الشبان إلى إفراغ محتويات مسجد وتفكيكه ونقل قرميده. وقال أحد اللصوص «يتعذر العيش مع مسلمين. لا نريد عربا في وسط أفريقيا».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أيضا عن رئيس الصليب الأحمر في أفريقيا الوسطى القس أنطوان مبابوغولو قوله إن «عمليات نهب وسلب كبيرة قد حصلت، والذين تعرضوا للسلب والنهب لدى وصول سيليكا (في مارس/ آذار، حين استولى جوتوديا على السلطة) يقومون بدورهم بعمليات نهب». وأسفر إطلاق نار سمع خلال الليل عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، هم مدني وعنصر ميليشيا مسيحية معارض للرئيس (انتي بالاكا) وعنصر من حركة سيليكا السابقة، كما ذكر الصليب الأحمر.

وجاءت أعمال العنف غداة استقالة الرئيس جوتوديا الذي تتهمه المجموعة الدولية بعدم التصدي لأعمال العنف الدينية التي تحولت مجازر جماعية، بضغط من رؤساء أفريقيا الوسطى الذين استدعوه إلى قمة استثنائية. ونقلت وكالة «رويترز» عن «مصادر حكومية في تشاد وبنين» أمس أن جوتوديا سافر أمس إلى بنين حيث منفاه.

ويتعين على أفريقيا الوسطى التي باتت من دون سلطة تنفيذية بعد استقالة رئيس الوزراء الانتقالي نيكولا تيانغايي أيضا، أن تسارع إلى إيجاد رئيس انتقالي جديد، وذلك بناء على طلب فرنسا التي كانت ترغب في استقالة جوتوديا. وتقع المهمة على عاتق المجلس الوطني الانتقالي (البرلمان الانتقالي) المؤلف من 135 عضوا جرى تعيينهم بعد استيلاء جوتوديا على السلطة في مارس الماضي، وهم ينتمون إلى مختلف الأحزاب السياسية وحركة سيليكا والمجتمع الأهلي والمؤسسات العامة. وسيبدأ المجلس الوطني الانتقالي جلسة خاصة في بداية الأسبوع لانتخاب رئيس جديد للدولة، بعد أن تؤكد المحكمة الدستورية شغور السلطة.

والمرحلة الانتقالية تستمر فترة أقصاها 15 يوما، سيتولاها رئيس المجلس الوطني الانتقالي ألكسندر فردينان نغندت. وستقع على عاتق الرئيس الجديد مهمة كبيرة تقضي ببسط السلام في البلاد وإعادة تشكيل إدارة مترهلة والسماح لمئات آلاف المهجرين بالعودة إلى منازلهم حتى يتمكن من تنظيم انتخابات عامة ترغب فرنسا في إجرائها قبل نهاية 2014.