الجيش يستعد لحسم معركة الرمادي وسط تصاعد الاهتمام الدولي بأزمة الأنبار

«داعش» توحد شيوخ العشائر بعد أن فرقتهم الخلافات السياسية

مسلحون ينتشرون في أحد شوارع الفلوجة أول من أمس (أ.ب)
TT

على نحو بدا مفاجئا للجميع وحدت المعركة الحالية التي تقودها عشائر محافظة الأنبار غرب العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) شيوخ المحافظة، بعد أن عصفت بهم الخلافات السياسية وخيام الاعتصام. فبالإضافة إلى وقوف زعيمي مجلس إنقاذ الأنبار والمجلس التأسيسي لأبناء العراق، الأخوين حميد ومحمد الهايس، مع الحكومة العراقية، بالضد من زعيم مؤتمر صحوة العراق أحمد أبو ريشة والشيخ علي حاتم السليمان أحد أبرز قادة الحراك الشعبي، فإن أبو ريشة يقف الآن في مقدمة من يتصدى لـ«داعش» في الأنبار، بعد أن التقى رئيس الوزراء نوري المالكي مرتين.

وكان المالكي قد شكل صحوات جديدة يقودها الزعيم العشائري المنشق عن أبو ريشة، وسام الحردان الذي لا تزال لديه خلافات سياسية عميقة مع أبو ريشة. وفي آخر تصريح له أعلن الحردان، أمس، إنه أجرى اتصالا مع علي الحاتم، الذي لا تزال الحكومة تصنفه على أنه جزء من المشكلة في الأنبار.

وحسب الحردان، أبدى الحاتم استعداده لمقاتلة «داعش». وفي هذا السياق، أعلن رئيس المؤتمر التأسيسي لأبناء العراق، الشيخ محمد الهايس، الموالي بقوة للحكومة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤامرة على الأنبار هي مؤامرة على العراق كله، ولما وجدنا كشيوخ عشائر حجم هذا التآمر فقد كان لا بد لنا أن نتوحد حيال عدو واحد يستهدفنا جميعا».

وأضاف الهايس أن «المعركة تدور في الأنبار، ومن يتصدى لها هي عشائرنا، ولذلك فإنه لا أهمية لأي خلاف مهما كان حيال ما يتعرض له الوطن من مخاطر، ولذلك رمينا خلافاتنا جانبا، ونحن الآن في خندق واحد»، مشيرا إلى أنه «لا توجد خلافات عشائرية أصلا منذ البداية، بل إن الخلافات هي خلافات سياسية وليست عشائرية». وردا على سؤال بشأن طبيعة الموقف داخل الرمادي، وما إذا كان التصدي لـ«داعش» لا يزال وقفا على رجال العشائر، قال الهايس إن «المعارك التي تدور حاليا محصورة في منطقة البوبالي، وهي محاصرة تماما الآن، وكانت مزروعة بالألغام من قبل الجماعات المسلحة، غير أن الجيش تمكن من إزالة هذه الألغام تمهيدا لاقتحام المنطقة، وهذا من شأنه حسم المعركة في غضون فترة قصيرة قد لا تتعدى أياما قلائل».

وعلى صعيد متصل، فإنه في حين جرت تسوية الأزمة في مدينة الفلوجة، وعادت الأسر النازحة بسبب القصف العسكري، فإن النزوح لا يزال مستمرا في منطقة الخالدية بين الرمادي والفلوجة، بسبب استمرار القصف هناك.

وفي هذا السياق، استبعد أبو ريشة اقتحام الفلوجة من قبل قوات الجيش، وقال في بيان أمس إن «قوات الجيش لن تقتحم الفلوجة، ولن تكون فيها عملية عسكرية كون العشائر تعمل على دعم قوات الشرطة وتوفير الخدمات للمواطنين وحمايتهم، وسيعالج أي خرق إرهابي في الفلوجة، من قبل عشائر المدينة التي اختير لها قائمقام ومدير للشرطة جديدان».

وأضاف أبو ريشة إن «فلول (داعش) و(القاعدة) في ساعاتهم الأخيرة في الرمادي ومنطقة جزيرة الخالدية».

بموازاة ذلك، يتصاعد الاهتمام الدولي بما يجري في الأنبار. ففي حين أعلنت الجامعة العربية دعمها للعراق في التصدي لتنظيمات «القاعدة»، فإن من المتوقع أن يصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون زيارة إلى بغداد اليوم.

وفي هذا السياق، أكد سامي العسكري، عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، وعضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق يحظى الآن بتعاطف دولي أكثر مما نجده لدى كثير من السياسيين داخل العراق، الذين هم غارقون في نزاعاتهم الداخلية». وأضاف أن «هذه المعركة أفرزت مواقف شديدة التباين بين رجال العشائر وزعمائها وبين السياسيين الذين لا يهمهم مصير البلد»، محملا رئيس البرلمان أسامة النجيفي ما وصلت إليه الأمور، وذلك على أثر «المؤتمر الصحافي الذي عقده، وطالب فيه بسحب الجيش من المدن، وهو ما استجاب له المالكي وحصل ما حصل».

وأوضح أن «النجيفي للأسف يتصيد مواقف سياسية وكسب الأصوات، وقد أثبتت التطورات الأخيرة أن كثيرا من الأصوات التي تبدي حرصا ظاهرا على الأنبار تتناغم مع المجموعات الإرهابية».

ودعا العسكري الحكومة إلى «الاهتمام بأهالي الأنبار بعد انتهاء المعركة وتلبية كل مطالبهم وتعويض وقفتهم البطولية الحالية».