الدول الكبرى وإيران تبدآن خطوات تنفيذ «الاتفاق النووي» المرحلي في 20 يناير

أوباما يتوعد بتشديد العقوبات إذا فشلت طهران في التزاماتها > مسؤول إيراني ينفي فتح مكتب مؤقت للوكالة الدولية الذرية

TT

أعلنت القوى العالمية الست وإيران أمس أنها اتفقت على البدء في تنفيذ «الاتفاق النووي» المرحلي الأول، المبرم بين الجانبين في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اعتبارا من 20 يناير (كانون الثاني) الحالي. وتعهدت إيران بموجب هذا الاتفاق بكبح أكثر أنشطتها النووية حساسية مقابل تخفيف العقوبات لاقتصادية الغربية.

وفي تنسيق بين الدول الكبرى المسماة «5+1»، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا، جرى الإعلان عن الاتفاق في آن واحد. ومع تأكيد صدر من وزارة الخارجية الإيرانية، أصدر البيت الأبيض الأميركي بيانا باسم الرئيس باراك أوباما، يشيد فيه بالاتفاق. وقال أوباما: «للمرة الأولى ستبدأ إيران بالتخلص من مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسب عالية وتبدأ بتفكيك بعض البنى التحتية التي تسمح بمثل هذا التخصيب». وأضاف أن الاتفاق جاء نتيجة لـ«عقوبات غير مسبوقة ودبلوماسية شديدة مما ساعد على جلب إيران إلى طاولة المفاوضات». وناشد أوباما أعضاء الكونغرس بوقف العمل على فرض عقوبات جديدة على إيران، محذرا من أن هذه الخطوة «تمثل خطورة على جهودنا لحل هذه القضية بطرق سلمية»، مجددا تعهده بـ«نقض أي مشروع قرار يفرض عقوبات جديدة خلال فترة المفاوضات».

وأشار أوباما إلى أنه وعلى مدى الأشهر الستة المقبلة، التي حددها اتفاق نوفمبر كمرحلة أولى، فإن الولايات المتحدة ومجموعة «5+1» سوف تبدأ بالإيفاء بالتزاماتها، ما دامت تقوم إيران بالشيء نفسه. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنعمد إلى تشديد نظام العقوبات، إذا فشلت إيران في الوفاء بالتزاماتها».

من جهتها قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أمس إن القوى العالمية الست وإيران اتفقت على بدء تنفيذ الاتفاق النووي، وإن الجانبين سيطلبان الآن من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة التثبت من تنفيذ الاتفاق. وأضافت: «سنطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بالأنشطة اللازمة للتثبت والمراقبة ذات الصلة النووية».

بدورها أعلنت الخارجية الإيرانية عن الخطوة نفسها. وقالت المتحدثة باسم الخارجية مرضية أفخم كما نقلت عنها وكالة «مهر» للأنباء أن «تنفيذ خطة العمل المشتركة سيبدأ في 20 يناير».

وهدفت الجولة الأخيرة من المفاوضات في جنيف إلى تسوية ثلاث مسائل عالقة. وقالت مصادر دبلوماسية إن إحداها تتصل بالجيل الأخير من أجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخصيب اليورانيوم.

من جهة ثانية، نفى المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي الأنباء التي ترددت حول فتح مكتب مؤقت للوكالة الدولية للطاقة الذرية في طهران. وقال كمالوندي في تصريح لوكالة أنباء «فارس» الإيرانية أمس: «لم يطرح مثل هذا الأمر في المفاوضات حتى الآن.. هذا النبأ لا أساس له من الصحة». كما نقلت «فارس» عن كمالوندي القول: «لم تطلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية مثل هذا الأمر منا ولا نحن أجرينا محادثات مع الوكالة في هذا الصدد». وأوضح المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن مثل هذه القضية لم تطرح حتى في المفاوضات بين إيران ومجموعة «5+1»، لكن مصدرا دبلوماسيا في فيينا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «فتح مكتب للوكالة الدولية سيحدث بشكل أو بآخر في القريب العاجل ضمن الاحتياجات اللوجيستية التي يتطلبها قيام الوكالة بمهام التحقق والمتابعة اليومية واللصيقة لمدى التزام إيران بتنفيذ بنود اتفاق جنيف النووي» الذي يستمر لمدة ستة أشهر في مرحلته الأولى.

وكان طرفا اتفاق جنيف، أي إيران والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا، برئاسة كاثرين أشتون مفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، قد اختارا الوكالة للعمل كآلية تفتيش وتحقق بشأن مهام الرقابة.

وفي هذا السياق حضرت الوكالة بصفة مراقب اجتماع خبراء في ديسمبر (كانون الأول) عقده الوفدان، ناقشوا فيه بعض القضايا الخاصة بتنفيذ الاتفاق النووي.

في ذات السياق أكدت مصادر بالوكالة لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة عقد مجلس أمناء الوكالة لجلسة استثنائية قبل بدء مهمتها الرقابية الجديدة، حيث يكون لمدير عام الوكالة والأمناء ومجلسهم صاحب الكلمة العليا بشأن التزام كل الأطراف بتنفيذ الاتفاق. وسيجري خلال الاجتماعات التحضيرية وضع خطط مالية وتحديد مصادر التمويل الخاصة بالمهمة، التي تتطلب المزيد من المفتشين ومعدات إضافية بإعداد أكثر مما تحتاج إليه طلعاتها الروتينية الحالية التي يقوم بها مفتشان يقيمان بطهران ومنها يتحركان في طلعات أسبوعية لمراقبة المواقع والمنشآت النووية المعلنة الواقعة تحت نطاق رقابة الوكالة، وفق اتفاقات الضمان حسب اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي التي وقعتها إيران 1968 وصادقت عليها 1970، في حين أن اتفاق جنيف يتطلب مراقبة أوسع وأكثر كثافة.

وكانت مصادر دبلوماسية توقعت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تسدد الدول الموقعة على اتفاق جنيف ما يتطلبه من منصرفات، بينما أشار مصدر بالوكالة إلى أن المبلغ المحدد لهذه المهمة قد يتعدى 5 ملايين دولار، مشيرا إلى أنها لن تكون عقبة، بينما أشارت مصادر أخرى إلى أن المبلغ تبرعت به دولة ولم يعد أمرا يحتاج إلى نقاش.

من جانب آخر تستعد إيران والوكالة وتعملان لإكمال المرحلة الأولى من البرنامج الإطاري للتعاون بينهما، الذي وقعتاه 11 نوفمبر الماضي لفترة ثلاثة أشهر بموجبه زار مفتشو الوكالة مصانع المياه الثقيلة التابعة لمفاعل آراك، كما يستعدون لزيارة منجم اليورانيوم بغشين، كما ينص الاتفاق على أن تمد إيران الوكالة بمزيد من المعلومات عن أنشطتها بالليزر وعن مواقع مفاعلات نووية كانت قد أعلنت أنها بصدد إنشائها.

من جانبه أكد لـ«الشرق الأوسط» مصدر دبلوماسي غربي أن التحدي الحالي لا يتمثل في إنشاء مكتب للوكالة بطهران أو متابعة العمل من أي موقع أو التمويل، وإنما في الكيفية التي تجعل أطراف اتفاق جنيف كافة تتسلح بإرادة سياسية تمكنها من الإجماع الكامل على تفسير وقراءة واحدة ومشتركة لبنود الاتفاق الذي وقعوه وعدوه تاريخيا في نوفمبر الماضي.