وزير النفط السوداني لـ «الشرق الأوسط»: مستعدون لإعادة عمل حقول إنتاج النفط وتأمينها من مسؤولية جوبا

مسؤول في جنوب السودان يعلن سعي بلاده لحل مشاكل الشركات التي تضررت من القتال

TT

وصف نائب رئيس جنوب السودان السابق الدكتور رياك مشار، الذي يقود تمردا ضد الرئيس سلفا كير الوثيقة التي قدمتها وساطة «إيقاد»، إلى طرفي النزاع لوقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين السياسيين بالضعيفة، وتنحاز إلى جوبا بشكل واضح، مشددا على موقف حركته بالإفراج عن المعتقلين، ومن ثم وقف إطلاق النار، مبديا ارتياحه لتراجع الخرطوم عن تأييدها لسلفا كير، في وقت أكد فيه مسؤول سوداني أن مسؤولية تأمين حقول النفط في ولاية الوحدة بجنوب السودان من مسؤولية جوبا، مؤكدا استعداد بلاده لتقديم المساعدات الفنية.

وقال نائب رئيس جنوب السودان السابق زعيم التمرد الدكتور رياك مشار لـ«الشرق الأوسط»، إنه بحث مع وسطاء «إيقاد»، الذين التقوا معه، أمس، قضايا وقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين السياسيين وكيفية الوصول إلى حل نهائي للأزمة في بلاده، وأضاف: «ما زلنا عند موقفنا بأن وقف العدائيات يجب أن يجري بعد إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وسحب القوات الأوغندية من جنوب السودان، ولن نتراجع عن ذلك»، مشيرا إلى أنه حاول إقناع الوسطاء بأن قضية وقف العدائيات هي المعضلة الأساسية، من حيث التنفيذ وطرد القوات الأوغندية، وأضاف: «لكن الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وهم في السجن، لا يأخذ سوى قرار يعد في ربع ساعة وتفتح الأبواب، ويتم الإفراج، أما وقف إطلاق النار، فهو أصعب شيء».

وقال مشار الذي يتحدث من مكان غير معلوم، بعد أن التقت به الوساطة الأفريقية والمبعوث الأميركي الخاص إلى السودان وجنوب السودان دونالد بوث، إن فريق الوسطاء أدرجوا في الوثيقة التي تسلمها منهم الموضوعين ذاتهما، وهما وقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وأضاف: «حقيقة الوثيقة التي قدمها الوسطاء ضعيفة لم تكن واضحة في الإفراج عن المعتقلين السياسيين، ولم تشر إلى القوات الأوغندية وطردها»، وتابع: «نحن وافقنا على وساطة (إيقاد) بحسن نية، على الرغم من أن إحدى دول الإيقاد تحاربنا وهي أوغندا، ولكن توجهنا إلى التفاوض لحل المشكلة سلميا»، وأضاف أن الرئيس السوداني عمر البشير قد أعلن تأييده لحكومة سلفا كير، عندما زاره الأسبوع الماضي في جوبا، لكنه عاد وقال: «لكن وجدنا أن الخرطوم تراجعت، وهذا الموقف الجديد للسودان أفضل لنا بالطبع».

وكانت وزارة الخارجية السودانية قد نفت تصريحات سابقة نسبت إلى وزيرها علي كرتي، تقول إن الخرطوم وجوبا اتفقنا على نشر قوات مشتركة لتأمين حقول النفط في جنوب السودان، وجاءت التصريحات الأولى عقب زيارة الرئيس عمر البشير جنوب السودان، الأسبوع الماضي.

إلى ذلك، قال وزير النفط السوداني مكاوي محمد عوض لـ«الشرق الأوسط» إنه «بحث مع نظيره الجنوبي استيفن ديو داو، الذي وصل إلى الخرطوم في زيارة مفاجئة، أمس، إعادة تشغيل حقول النفط في ولاية الوحدة، التي شهدت الأسبوع الماضي قتالا عنيفا بين المتمردين، بزعامة نائب الرئيس السابق رياك مشار وقوات جيش جنوب السودان التي استردت المنطقة، وأضاف: «لقد توقف النفط في ولاية الوحدة، وبعد أن استرد جيش جنوب السودان البلدة، تسعى الحكومة هناك لاستئناف ضخ النفط من جديد»، مشيرا إلى أن إنتاج حقول ولاية الوحدة لا يتعدى 45 ألف برميل يوميا، وأن الإنتاج الأعلى في ولاية أعالي النيل، التي تتأرجح ما بين 200 و250 ألف برميل يوميا، وقال: «نحن مستعدون لتقديم المساعدات الفنية لإعادة ضخ النفط في حقول ولاية الوحدة من جديد، متى ما كانت جوبا مستعدة بموجب اتفاقية التعاون بين البلدين، فيما يخص النفط».

وقال عوض إن تأمين حقول النفط والفنيين والعاملين مسؤولية دولة جنوب السودان، وأضاف: «نحن في وزارة النفط لا نناقش هذه المسائل العسكرية والأمنية، وإنما هي من اختصاص الجهات الأخرى، وبحسب سياسات جوبا ونحن لا نتدخل في ذلك»، وأبدى الوزير السوداني استعداد بلاده لتلبية كل الطلبات التي طلبها وزير النفط بجنوب السودان, بأسرع فرصة ما يمكن من تدفق النفط والفائدة للشعبين.

من جهته، قال استيفن ديو داو إن حكومته تعتزم إعادة عمل حقول النفط في ولاية الوحدة إلى الإنتاج، وأضاف أن هذا العمل يحتاج إلى عمل مشترك من وزارتي البلدين ودفع شركتي «باي ميل» و«النيل الكبرى» اللتين تعملان في حقول بلاده كي تعيدا إنتاج النفط، وأضاف أن «المباحثات مع نظيره مكاوي عوض جاءت للتباحث حول كيفية مساعدة الشركات العاملة في جنوب السودان، لا سيما أنها تواجه هذه الأيام بعض التحديات خاصة في ولاية الوحدة»، مؤكدا أنه بحث مع مكاوي مشكلات الإمداد والمعدات والمساعدات الفنية واحتياجات الشركات من القوى العاملة من السودان وإمكانية الاستفادة من المهندسين السودانيين في مجال البترول في حقول ولايتي الوحدة وأعالي النيل، مؤكدا أن لجانا من الجانبين ستبدأ بحث الأمر.

وقالت مصادر عليمة لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة النفط السودانية وافقت على مد الجنوب باحتياجاته خلال الأيام القليلة المقبلة، وأضافت أن الفريق الفني سيتوجه إلى بانتيو، استجابة لمطالب جوبا، عقب وصول المعينات المطلوبة. وكان المتحدث الرسمي باسم الجيش الشعبي فيليب اقوير، قد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن جيش بلاده قد استرد ولاية الوحدة نهاية الأسبوع الماضي، حيث يقع حقلا بانتيو وسارجاث النفطيان.

من جهة أخرى شهدت الخرطوم أمس مشاورات بين وزيري النفط في السودان وجنوب السودان لبحث إعادة تشغيل حقول النفط بولاية الوحدة عقب استرداد الجيش الحكومي للولاية من سيطرة القوات الموالية لرئيس الوزراء الأسبق رياك مشار.

وأدى استيلاء القوات المتمردة على ولاية الوحدة إلى تعطل إنتاج نفط الولاية، بسبب إجلاء الشركات العاملة في تلك الحقول لموظفيها ومهندسيها من هناك. واستردت حكومة جنوب السودان عاصمة الولاية «بانتيو» التي تضم حقلي «بانتيو وسارجاث» النفطيين الجمعة الماضي، ما يعني استعادة سيطرتها على حقول النفط هناك.

ووصل وزير النفط بجنوب السودان استيفن ديو داو الخرطوم أمس في زيارة غير معلنة من قبل، لبحث استئناف تصدير نفط الواحدة البالغ 45 ألف برميل يوميا، من جملة إنتاج النفط في جنوب السودان والبالغ 250 ألف برميل. وعقب وصوله، اجتمع الوزير ديو داو مع نظيره السوداني مكاوي محمد عوض، وبحثا إعادة تشغيل الحقول التي توقفت عن العمل بعد أن أجلت شركات النفط الأجنبية موظفيها من جنوب السودان، إثر اندلاع القتال بين الفرقاء الجنوبيين قبل زهاء الشهر. وقال الوزير ديو للصحافيين، إن حكومته تريد إعادة حقول النفط في ولاية الوحدة إلى الإنتاج، وهو الأمر الذي يحتاج دفع وزارتي النفط في البلدين لـ«شركة النيل الكبرى» السودانية وشركة «باي ميل» في جنوب السودان لاستئناف إنتاج النفط. وأضاف: «المباحثات جاءت للتباحث حول كيفية مساعدة الشركات العاملة في جنوب السودان، لا سيما أنها تواجه هذه الأيام بعض التحديات خاصة في ولاية الوحدة».

وأوضح أنه بحث مع نظيره السوداني عوض مشكلات الإمداد والمساعدات الفنية، واحتياجات الشركات للقوى العاملة السودانية، وكيفية الاستفادة من مهندسي البترول السودانيين في حقول ولايتي الوحدة وأعالي النيل، واتفقا على تكوين لجان مشتركة لبحث القضايا الفنية.

ووعد السودان الاثنين الماضي، أثناء زيارة الرئيس عمر البشير لعاصمة الجنوب جوبا، بإرسال 900 من فنيي النفط السودانيين إلى جنوب السودان لمساعدته في تشغيل حقول النفط، وسد النقص الذي تسبب فيه إجلاء الشركات للفنيين والمهندسين الأجانب من جنوب السودان، هربا من القتال الدائر هناك.

وأعلن الوزير السوداني استعداد بلاده لتلبية كل طلبات وزير النفط بجنوب السودان، وقال: «ستلبى بأعجل ما يمكن حتى يتدفق النفط لصالح الشعبين».

ويعتمد الاقتصاد السوداني الذي يواجه ظروفا قاسية، بشكل كبير على رسوم عبور النفط، واستخدام المنشآت النفطية السودانية، وتصديره عبر ميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر.

وتبلغ عائدات عبور النفط الجنوبي 1.5 مليار دولار سنويا، ويعتمد عليها السودان بشكل كبير، فيما يعتمد اقتصاد جنوب السودان كليا على عائدات تصدير النفط، وحال توقفها فإن اقتصاد أحدث بلدان العالم سيتأثر بشكل كبير.