«أصدقاء سوريا» يعلن أن «جنيف2» في موعده ويحث على مشاركة الائتلاف

لافروف يلتقي الجربا.. والأخير يتلقى ضمانات من مجموعة الـ11 بأن لا مستقبل للأسد في سوريا

رئيس الوزراء الفرنسي لوران فابيوس وإلى جانبه رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس (رويترز)
TT

اعتبرت مصادر دبلوماسية في باريس أن اجتماع المجموعة الأساسية من أصدقاء سوريا أو ما يعرف بـ«مجموعة لندن» في باريس أمس، والذي حضره، إلى جانب رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا، كل وزراء خارجية دول «مجموعة لندن» الـ11: «مرحلة مهمة أتاحت إطلاق دينامية سياسية جماعية» وبينت «وحدة الموقف» لجهة التمسك بانعقاد مؤتمر «جنيف2» للسلام في سوريا، وخصوصا «عمل الجميع في الاتجاه نفسه».

وشرحت المصادر المشار إليها معنى الجملة الأخيرة بالقول إن الساعات الثماني والأربعين الأخيرة وفرت الفرصة للتأكيد على التزام جميع الحاضرين إزاء المجموعات المقاتلة ميدانيا «لتوفير المناخ السياسي الذي يتيح للائتلاف الوطني السوري قبول المشاركة في مؤتمر جنيف2».

وفهم من أوساط أحمد الجربا ومن أوساط دبلوماسية أخرى أن «مجموعة من اللقاءات مع القادة الميدانيين ستجري في الساعات القادمة وقبل استحقاق الـ17 من الشهر الجاري حيث يفترض أن يحسم الائتلاف موقفه ويتخذ قرارا لجهة المشاركة من عدمها من أجل (توفير الغطاء) الضروري للذهاب إلى جنيف بحيث لا يكون هناك قطيعة بين الوفد المفاوض ومن هو موجود ميدانيا».

وشددت المصادر المشار إليها على أن «عمل مجموعة الـ11 في الاتجاه نفسه وتسخير قدراتها على التدخل لدى الجهات التي تستمع إليها بالغ الأهمية» الأمر الذي يعني عمليا منع الانشقاقات والمحافظة على وحدة الائتلاف ووجود تناغم بين القوات المقاتلة والممثلين السياسيين للمعارضة. ونقل عن الجربا قوله للوزراء الـ11 إنه «يتعين عليهم التوجه للشعب السوري لإفهامه ما الغرض من جنيف» كما يتعين عليهم أن «يعملوا يدا واحدة وفي الاتجاه نفسه».

وفي كلمته المختصرة عقب انتهاء الاجتماع، لخص وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الموقف العام بقوله: «لا حل للأزمة السورية إلا الحل السياسي ولا إمكانية للحصول على حل سياسي من غير اجتماع جنيف2 الذي يوفر الجواب على تطلعات الشعب السوري المشروعة والتي تتحكم بعودة سوريا إلى الاستقرار والسلام».

وأكملت مصادر قريبة منه بالقول إن كل ذلك مربوط بنجاح الائتلاف السوري الذي تلقى رئيسه رسالة الدعوة في التوافق على موقف إيجابي من المؤتمر الدولي الموعود. وقال فابيوس إن «جنيف2»: «يجب أن يعقد في موعده» وأن تكون غايته «توفير قيام عملية انتقال سياسي تضع حدا للنظام الاستبدادي الحالي وتقوم على تطبيق خريطة الطريق لجنيف1».

ورد الجربا على الوزير الفرنسي بالقول إنه «طرح الهواجس التي تعتري السوريين وعرض المطالب وأوضح حقيقة ما يجري على الأرض»، في إشارة ضمينة إلى الشروط التي طرحها الائتلاف لقبول جنيف2. ووصف الاجتماع بأنه «استثنائي وخرج بقرارات واضحة وهامة» مضيفا أن «تنحية (الرئيس السوري بشار) الأسد من أي مشهد من مستقبل سوريا باتت أمرا محسوما». وأشار الجربا إلى أن «عملية تسليم السلطة بكل مؤسساتها أصبحت موضع إجماع مدون ولا مجال للنقاش فيه». وفي رأيه أن الأزمة السورية «دخلت مرحلة الحسم».

غير أن لا الجربا ولا الوزير الفرنسي ولا المصادر التي تابعت الاتصالات أمس أشار إلى أن رئيس الائتلاف وعد بقبول دعوة أمين عام الأمم المتحدة ما يعني أن خيار المشاركة أو عدم المشاركة ما زالتا قائمتين. وذهبت بعض المصادر إلى القول إنه «لا يمكن الحسم اليوم» وإن «جنيف2» سيرى النور، وإن ما سعت إليه مجموعة الـ11 هو لتوفير الظروف كي يعقد المؤتمر.

وفي لقاء لافت، التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجربا على هامش اجتماع باريس. ويعتبر اللقاء الثنائي النادر، الذي لم ترشح عنه أي تفاصيل، مهما لناحية التنسيق قبل اجتماع «جنيف2»، وبمثابة تلبية للدعوة التي تلقاها الائتلاف لزيارة موسكو. وأفادت وزارة الخارجية الروسية على صفحتها عبر «تويتر» أن لافروف أجرى محادثات مع الجربا، أرفقته بصورة أظهرت الجربا ولافروف ومرافقيهما حول طاولة المحادثات.

وشهدت العاصمة الفرنسية اتصالات ومشاورات على كل الخطوط والصعد شارك فيها غالبية الوزراء الموجودين فيها والمبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي. بيد أن الأنظار تتجه إلى الاجتماع الذي سيلتئم صباح اليوم في مقر السفير الأميركي في باريس ويضم وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره لافروف والإبراهيمي.

وتمخض اجتماع الـ11 عن بيان مطول من 14 فقرة أطلق عليه اسم «بيان باريس للمجموعة الأساسية» جرى التفاوض على تفاصيله في اجتماع الخبراء السبت. وتذكر الفقرة الأولى بأن الغرض من «جنيف2» هو «تمكين الشعب السوري من التحكم بمستقبله وإنهاء النظام الاستبدادي الحالي من خلال تنفيذ عميلة انتقال سياسي حقيقية». فيما تندد الفقرة الثانية بـ«فظائع النظام التي يرتكبها ضد شعبه بمساندة حزب الله وغيره من المجموعات الأجنبية»، متوقفة عند استخدام البراميل المتفجرة وسياسة التجويع التي تعتبرها «جريمة حرب» وتدعو المجتمع الدولي لرفض استمرارها.

وتدعو «مجموعة لندن» النظام إلى وقف هجماته العشوائية ضد المدنيين فورا وإطلاق سراح جميع الأشخاص المعتقلين بصورة تعسفية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية. والأهم في الفقرة الثالثة أن البيان «يحث روسيا وإيران على استخدام نفوذهما الكامل على النظام» من أجل الانصياع لهذا الطلب ما يعني عمليا تحميلهما مسؤولية الأعمال التي يرتكبها النظام.

ويخصص البيان فقرة كاملة للتنديد باللعبة المزدوجة التي يلعبها النظام الذي يقول من جانب إنه جاهز للمشاركة في مؤتمر «جنيف2» ومن جهة أخرى يرفض الغرض من التئامه المنصوص عليه في رسالة الدعوة وفي قرار مجلس الأمن رقم 2118 أي إقامة سلطة انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية.

وقالت المصادر الدبلوماسية إن على روسيا «مسؤولية كبرى» لأنها ساهمت في بلورة خريطة الطريق وصوتت لصالح قرار مجلس الأمن وتؤكد أنها تريد حلا سياسيا وبالتالي فإنها لو لم تعمل في هذا الاتجاه فسيعني وجود تناقضات بين ما تقوله وتفعله.

واستبق الـ11 قرارا قد يتخذه النظام لجهة تنظيم انتخابات رئاسية يترشح الأسد لها، إذ أكدت المجموعة أن الانتخابات «في حال تناقض تام» مع عملية «جنيف2» وأنها ستكون بمثابة «مهزلة» من أجل «إبقاء رجل في السلطة تعتبر الأمم المتحدة أنه ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». ونبهت إلى أن مجموعة الـ11 ستعتبر انتخابات كهذه باطلة سلفا.

وتريد المجموعة «الفقرة 7» تحديد مهلة زمنية لكي لا تجرجر المحادثات في جنيف إلى ما لا نهاية. بيد أن المصادر الدبلوماسية رفضت تحديد مهل معينة تاركة الأمور للمتفاوضين. لكنها بالمقابل اعتبرت أنه يتعين أن تفضي مسيرة جنيف إلى «تحقيق منافع فورية للشعب السوري» مطالبة «جميع الأطراف» بوقف استخدام الأسلحة الثقيلة خلال عملية التفاوض والتزام بهدنات إنسانية. وتمثل الفقرة الأخيرة استجابة «جزئية» لمطالب المعارضة التي تتمسك بوقف القصف وإطلاق السجناء قبل المفاوضات. ويشدد الـ11 على أنه «حالما تقام الهيئة الحاكمة الانتقالية التي تسيطر على جميع المؤسسات الحكومية ومن ضمنها القوات المسلحة وأجهزة الأمن والمخابرات لن يكون لبشار الأسد وشركائه المقربين الملطخة أيديهم بالدماء أي دور في سوريا» لا بل إن الفقرة 8 تشدد على محاسبة «جميع المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية».

وفي مسعى لطمأنة الجهات المترددة بدعم أطراف في المعارضة، حث البيان «جميع المجموعات المسلحة (المعارضة) أن تحترم قيم الديمقراطية والتعددية وتعترف بالسلطة السياسية للائتلاف» فيما الفقرة ما قبل الأخيرة أدانت وجود المقاتلين الأجانب في سوريا معددة منهم حزب الله أو القوات المدعومة من إيران أو «المقاتلين ضمن المجموعات المتطرفة» مطالبة بخروجهم من هناك.