«داعش» تستعيد معاقلها في الرقة وتنفذ 16 هجوما انتحاريا

نحو 700 قتيل حصيلة معارك الفصائل السورية المسلحة و«الدولة الإسلامية»

مقاتلون في المعارضة السورية يعدون صاروخا في مطبخ بمنزل مهجور في مدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

استعاد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) المرتبط بتنظيم القاعدة السيطرة على معظم معاقله في مدينة الرقة في شمال شرقي سوريا أمس، موجها بذلك ضربة لجماعات المعارضة المسلحة التي يقاتلها منذ أيام للقضاء عليها. وجاء ذلك بينما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل نحو 700 شخص في تسعة أيام من المعارك بين عناصر «داعش» ومقاتلي المعارضة السورية.

وقال ناشطون إن جماعة «داعش» خاضت معارك مع المقاتلين المتبقين من الوحدات الإسلامية المنافسة ومن بينها جبهة النصرة المرتبطة أيضا بـ«القاعدة» في عدد من أحياء الرقة. كما استعادت الجماعة بلدة تل أبيض الواقعة على الحدود التركية في بداية الأسبوع.

وقال الناشط أبو خالد الوليد إن كثيرا من مقاتلي أحرار الشام، وهي من أقوى الجماعات الإسلامية المسلحة، اختاروا عدم مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لأن المقاتلين من أهالي المنطقة ولا يناصب بعضهم بعضا العداء. وأضاف لوكالة «رويترز»: «لم يرَ الكثيرون معنى لمقاتلة أقاربهم. والدولة الإسلامية في العراق والشام تسيطر الآن على 95 في المائة من الرقة وريفها. وعادت تل أبيض أيضا إلى سيطرتها». والرقة الواقعة على نهر الفرات على بعد 385 كيلومترا شمال شرقي دمشق هي عاصمة المحافظة الوحيدة التي سقطت في أيدي معارضي الرئيس بشار الأسد منذ بدء الانتفاضة المناهضة لحكمه في مارس (آذار) 2011.

وكان تنظيم «داعش» انسحب من الرقة ومدن أخرى في شمال شرقي سوريا هذا الشهر بعد أن هاجم تحالف لعدد من جماعات المعارضة الإسلامية معاقله، مستغلا الاستياء الشعبي المتزايد من مقاتلي التنظيم الأجانب وحملتهم لفرض تفسيرهم المتشدد للشريعة. وفي محافظة حلب غرب الرقة قال نشطاء إن تنظيم «داعش» استعاد عدة بلدات ريفية، من بينها حريتان وبصراتون، حيث قتل مسلحوه قائدا كبيرا في كتائب نور الدين زنكي، وهي من الوحدات المهمة في جيش المجاهدين الذي شكل أخيرا وكان يقاتل الدولة الإسلامية في العراق والشام في حلب. وقالت المصادر إن القتال اشتد أمس أيضا بين وحدات الجيش السوري الحر حول بلدة رتيان قرب حلب وفي أورم الصغرى إلى الشرق، حيث جعل الاقتتال المدينة عرضة لزحف قوات الأسد عليها.

وفي غضون ذلك نفذ عناصر «داعش» 16 تفجيرا انتحاريا، غالبيتها بسيارات مفخخة خلال الأسبوع الماضي، ما أدى إلى مقتل عشرات المقاتلين والمدنيين، بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتأتي هذه التفجيرات على هامش المعارك المتواصلة بين التنظيم وتشكيلات مقاتلي المعارضة منذ الثالث من يناير (كانون الثاني)، وإثر توعد أحد قادة الدولة الإسلامية المرتبطة بـ«القاعدة» باللجوء إلى السيارات المفخخة في حال واصل مقاتلو المعارضة حملتهم ضد تنظيمه. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن: «فجر 16 انتحاريا أنفسهم خلال الأسبوع الماضي، غالبيتهم في سيارات مفخخة، في حين استخدم آخرون أحزمة ناسفة»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «عشرات الأشخاص لقوا مصرعهم جراء هذا التفجيرات في حلب والرقة (شمال) وإدلب (شمال غرب) وحمص (وسط)»، موضحا أن 39 مقاتلا معارضا قضوا السبت في تفجيرات حلب وإدلب والرقة.

كما أعلن المرصد مقتل نحو 700 شخص في تسعة أيام من المعارك بين عناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام ومقاتلي المعارضة السورية.

وقال المرصد إن عدد القتلى ارتفع إلى 697 منذ فجر يوم الجمعة الثالث من الشهر الحالي وحتى منتصف يوم السبت الماضي.

وأشار إلى مقتل 351 مقاتلا معارضا، بينهم 53 مقاتلا أعدمهم الجهاديون. كما قتل 246 مقاتلا من الدولة الإسلامية، بينهم 56 عنصرا على الأقل أعدموا بعد أسرهم من الكتائب المقاتلة في ريف إدلب (شمال غرب). كما أدت المعارك إلى مقتل مائة مدني، بينهم 21 أعدمتهم الدولة الإسلامية في مقرها الرئيس في مدينة حلب (شمال)، بينما قضى الآخرون لإصابتهم بطلقات نارية في الاشتباكات. وتوقع مدير المرصد أن تكون حصيلة القتلى «أكثر من ألف شخص»، مشيرا إلى أن المعارك «عنيفة جدا وثمة تكتم من الطرفين» حول الخسائر البشرية.

وفي غضون ذلك، اعتبرت «الدولة الإسلامية» أن هذه الاشتباكات تهدف إلى «القضاء» عليها تمهيدا لمؤتمر «جنيف2» المقرر عقده هذا الشهر للبحث عن حل للنزاع السوري.