الأمين العام للأمم المتحدة يدعو قادة العراق إلى معالجة العنف جذريا

المالكي يرفض في مؤتمر صحافي مع كي مون وقف الاعدامات.. والدعوات إلى «تغليب لغة الحوار» في الأنبار

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مؤتمر صحافي مشترك في بغداد أمس (أ.ب)
TT

دعا بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي وصل بغداد، أمس، في زيارة رسمية قادة العراق إلى معالجة جذور العنف الذي طال أمده في البلاد. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي: «أود أن أحث قادة البلاد (...) على معالجة أسباب المشكلات من جذورها».

وأضاف كي مون قائلا إنه: «يجب عليهم ضمان ألا يهمل أحد»، مؤكدة ضرورة «تلاحم سياسي واجتماعي وحوار يشمل الجميع». وقال إنه قلق بشكل خاص إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في أجزاء من العراق «وأدين بشدة الهجمات المروعة التي استهدفت المدنيين»، داعيا «جميع القادة السياسيين إلى التوحد في موقفهم ضد الإرهاب، والعمل معا لتحقيق استقرار الوضع». ودعا إلى «اتخاذ تدابير لتعزيز النسيج الاجتماعي في البلاد - من خلال المشاركة السياسية والمؤسسات الديمقراطية، واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان، والتنمية الشاملة». وعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في نهاية أبريل (نيسان) المقبل «فرصة مهمة لتعزيز الأمن والاستقرار السياسي في العراق وخطوة أخرى في العملية الديمقراطية».

من جهته، أعلن المالكي في المؤتمر الصحافي رفضه الدعوات المطالبة بتغليب الحوار في أحداث محافظة الأنبار. وقال المالكي إن «الحديث عن تغليب لغة الحوار في الأنبار مرفوض لأننا لا نحاور القاعدة وأن ما يجري في الأنبار وحد العراقيين في حربهم ضد القاعدة». وأفادت مصادر كردية بأن من المنتظر أن يزور الأمين العام للأمم المتحدة اليوم أربيل ويجتمع مع رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني ورئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني للتباحث معهما حول الأوضاع السياسية بالعراق.

أيضا رفض المالكي أمس دعوة أطلقها كي مون إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام في العراق حيث أعدم 169 شخصا العام الماضي. وقال المالكي إن «الدستور العراقي لا يمنع إقامة هذا الحكم والعراق بلد مسلم والإسلام يؤمن بمبدأ القصاص بمعنى أن من يقتل يعرف أنه سيعدم»، معتبرا أن هذه العقوبة «ستكون رادعا». وأضاف «نحترم قرارات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان ولكن لا نعتقد أن من يقتل الناس له حقوق يجب أن تحترم».

وتأتي زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى بغداد في وقت يواجه العراق أزمة هي الأخطر منذ سنوات وذلك إثر اندلاع مواجهة مكشوفة مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وسط مخاوف من إمكانية انتقالها إلى محافظات أخرى بالإضافة إلى إمكانية نشوب حرب أهلية في العراق على أثر استمرار التدهور الأمني اللافت الذي شهده العراق في النصف الثاني من العام الماضي.

وفي هذا السياق، قال محمد الشبكي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من مصلحة العالم الآن أن يقف مع العراق في حربه ضد الإرهاب لأن الإرهاب آفة عالمية وبالتالي فإن ما يقوم به العراق الآن من مواجهة مع هذا التنظيم المسلح والمدعوم إنما هو بالنيابة عن العالم أجمع». وأضاف الشبكي أن «القاعدة تضرب اليوم في كل مكان بالعالم من ليبيا والجزائر ومصر وسوريا إلى العراق وصولا إلى روسيا، وهو ما يتطلب أكثر من مجرد الوقوف بالتصريحات، بل يتطلب عقد مؤتمر دولي يضع آليات محددة لمواجهة هذا التنظيم». وأوضح الشبكي أن «الحرب الدائرة الآن في الأنبار كشفت حقائق أساسية من بينها أن هناك فرقا بين تسليح الجيش العراقي الذي يعتمد على بنية دولة، ومع ذلك فإن تسليحه ضعيف جدا، وبين ما يتمتع به هذا التنظيم من أسلحة حديثة وإمكانيات» معتبرا أن «الوقفة الشجاعة لأهالي الأنبار في مواجهة هؤلاء تستدعي من الجميع الوقوف إلى جانبهم في هذه المعركة الحاسمة».

على صعيد آخر، يتوجه إلى الولايات المتحدة الأميركية قريبا رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي. وقال بيان عن مكتب النجيفي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أنه سيتوجه إلى واشنطن في 22 يناير (كانون الثاني) الحالي، وذلك تلبية لدعوة وجهتها الإدارة الأميركية بهدف «بحث ومناقشة الأوضاع الحالية في العراق وخصوصا الأزمة في الأنبار، إضافة إلى تسليط الضوء على المشهدين السياسي والأمني في المنطقة وتداعياتهما المحتملة على المسارات كافة في العراق لا سيما في ظل تنامي دور الإرهاب». وأضاف البيان أن النجيفي سيبحث «مع صناع القرار ومعاهد ومراكز الدراسات الاستراتيجية مديات التحول الديمقراطي في العراق». وفي هذا السياق، أكد محمد الخالدي، مقرر البرلمان والقيادي في كتلة «متحدون» التي يتزعمها النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مخاوف لدى الإدارة الأميركية وصناع القرار هناك مما يجري في العراق حاليا». وأضاف الخالدي أن «أزمة الأنبار ستكون على رأس جدول الأعمال لا سيما أن ما يجري في الأنبار اليوم هو ليس وليد الساعة، بل إننا سبق أن حذرنا منه لأنه نتيجة طبيعية للسياسات الخاطئة التي اتبعتها الحكومة العراقية في التعامل سواء مع المكون السني بشكل عام أو ومع قضية التظاهرات والتي توجتها برفع الخيام عنوة واعتقال النائب أحمد العلواني». وأضاف أن «النجيفي سيقدم للإدارة الأميركية تصورات شاملة لحل الأزمة بشكل فعال»، متوقعا أن «يتدخل الأميركيون بشكل قوي خلال الفترة المقبلة في الشأن العراقي بعد أن بدأت الأوضاع تفلت من أيديهم، وهو ما يشكل تهديدا لمشروعهم الذي بذلوا من أجله الكثير في العراق».