المعارضة التايلاندية تبدأ تنفيذ خطة شل العاصمة

يسعى المتظاهرون إلى استقالة الحكومة من أجل تشكيل «مجلس شعبي» يشرف على الإصلاحات

القيادي في حركة الاحتجاج سوثيب ثوغسوبان يحث المحتجين على الاستمرار في التظاهرات مؤكدا أنها ثورة شعبية في وسط العاصمة بانكوك أمس (أ.ب)
TT

ملأ عشرات آلاف من متظاهري المعارضة التايلاندية الشوارع الكبرى في وسط بانكوك أمس في محاولة لشل العاصمة وتصعيد حملة للإطاحة برئيسة الوزراء. ويسعى المتظاهرون إلى استقالة رئيسة الوزراء ينغلوك شيناواترا من أجل تشكيل مجلس شعبي يشرف على الإصلاحات للحد من سيطرة عائلتها الثرية ومعالجة ثقافة المال السياسي الأوسع.

وتجمع آلاف المتظاهرين الذين لوحوا بالأعلام على أهم تقاطعات الطرق في المدينة وأعدوا المنصات والخيم وأكشاك الطعام المجاني.

وتوعدت حركة الاحتجاجات المنظمة باحتلال عدة أنحاء من العاصمة حتى استقالة ينغلوك وبعرقلة استحقاق مرتقب في فبراير (شباط) تخشى أن يعيد عائلة شيناواترا إلى السلطة.

وصرح القيادي في حركة الاحتجاج سوثيب ثوغسوبان قائلا «إنها ثورة شعبية». وهذا الناشط يعد شخصية بارزة في المعارضة ويواجه اتهامات بالقتل في أعقاب قمع تظاهرات سياسية عام 2010 عندما كان نائبا لرئيس الوزراء. وقال للصحافيين إن «ينغلوك لم تعد رئيسة الوزراء في نظر المتظاهرين»، فيما كان يقود حشدا كبيرا في مسيرة عبر العاصمة. وهدد فصيل متشدد من الحركة بمحاصرة مقر البورصة وحتى برج مراقبة المطار إن لم تستقل رئيسة الوزراء في غضون أيام. وحذر الدبلوماسي التايلاندي السابق والأستاذ المساعد في جامعة كيوتو اليابانية بافين شاشافالبونغبان «سيكون الوضع قابلا للانفجار إلى حد كبير». وأوضح «في الواقع لا يمكن للمتظاهرين التراجع، لقد تجاوزوا حد العودة». وأكدت الحكومة أنها ستدعو جميع الأطراف إلى لقاء الأربعاء لبحث اقتراح اللجنة الانتخابية إرجاء انتخاب الثاني من فبراير، ولو أنه لا يرجح الموافقة على طلب المعارضة إرجاءه عاما على الأقل.

بعد ساعات على بدء الاحتجاجات نجحت الحركة في إنجاز تعطيل واسع في مناطق بانكوك التجارية والفندقية التي ملأها متظاهرون عمدوا إلى الصفير. كما أغلقت مدارس كثيرة فيما خزن عدد من السكان المياه والطعام.

لكن حركة المدينة التي تضم 12 مليون نسمة تقريبا وباتت معتادة على التظاهرات السياسية الكبيرة في السنوات الأخيرة لم تشل تماما.

فخطوط المترو والقطار في المدينة واصلت عملها وفتحت المتاجر والمطاعم أبوابها فيما وعد المتظاهرون بالحفاظ على خط سير مفتوح لمرور سيارات الإسعاف والحافلات. وفيما اعتادت البلاد التظاهرات الاحتفالية، شهدت أحيانا انقلابها المفاجئ إلى مواجهات عنيفة ولا سيما ليلا حيث تدخل مسلحون مجهولون أحيانا للتحريض على العنف.

وقتل ثمانية أشخاص من بينهم شرطي وأصيب العشرات بجروح في أعمال عنف شهدتها شوارع البلاد منذ انطلاق الاحتجاجات قبل شهرين. وانعكاسا للتوتر أطلقت أعيرة نارية من آلية متحركة على مقر الحزب الديمقراطي في وقت باكر من صباح الاثنين فيما أصيب حارس بجروح في مكان آخر في مشادة، بحسب الشرطة. هذه التظاهرات هي الفصل الأخير في أزمة سياسية مستمرة منذ سنوات في تايلاند منذ الإطاحة بشقيق ينغلاك الأكبر، رئيس الوزراء السابق في المنفى حاليا ثاكسين شيناواترا من السلطة في انقلاب نفذه ضباط كبار من أنصار الملكية عام 2006. واندلعت التظاهرات الأخيرة بعد فشل تمرير قانون عفو كان ليجيز لثاكسين العودة إلى البلاد متجنبا السجن نتيجة إدانة سابقة بالفساد. ويملك رجل الأعمال الملياردير الذي أصبح سياسيا، قاعدة انتخابية واسعة في شمال تايلاند لكنه مكروه لدى الكثير من أهالي الجنوب والطبقة الوسطى في بانكوك والإداريين المؤيدين للملكية. ويفترض نشر نحو 20 ألف شرطي لمواكبة التظاهرات، علما أنه لم يسجل لهم حضور كثيف في الشوارع. ولم تحاول الحكومة وقف التظاهرات على الرغم من تحذيرات من أنها ستكلف الاقتصاد والأعمال المحلية كثيرا في حال طالت. وصرح صاحب متجر لتصفيف الشعر تونغ (69 عاما) «بالطبع الأمر يؤثر علي- أنا متوتر جدا». وأضاف «لا يأتي أي زبون حاليا، فزبائني لا يمكنهم القيادة إلى هنا».

من جهة أخرى نظمت تظاهرات أصغر في العاصمة تأييدا لانتخاب فبراير ومعارضة لشل المدينة فيما تجمع أنصار الحكومة في عدة مدن في تايلاند. ويعد الانقسام الأهلي هذا الأسوأ منذ 2010 عند مقتل أكثر من 90 شخصا في مواجهات في الشارع بين أنصار ثاكسين وعناصر الجيش. لكن الجيش المعروف بدعمه الحازم للملكية ضد ثاكسين أكد هذه المرة أنه لن يقمع التظاهرات الأخيرة. ويأتي ذلك فيما تستعد البلاد لنهاية حكم فاق ستة عقود لملك البلاد المريض بوميبول أدولياديج.