سوريا تتحول إلى واحدة من أكبر منتجي ومستهلكي المنشطات

اتهامات متبادلة باستخدام «كبتاغون» من طرفي النظام والمعارضة.. وربما لتمويل الحرب

TT

مع تواصل الحرب الأهلية الشرسة، أصبحت سوريا منتجا ومستهلكا كبيرا للمنشطات التي زاد الإقبال عليها مع انفلات الأوضاع الأمنية، وأصبحت تجارتها تدر عائدات تصل إلى مئات الملايين الدولارات سنويا، وهو ما قد يوفر المال اللازم لشراء الأسلحة، كما أنها تساعد المقاتلين، من طرفي النزاع، على الصمود في ساحة القتال لفترات طويلة.

وحسب تقرير لـ«رويترز»، نقلا عن خبراء المخدرات والتجار والناشطين المحليين، فإن إنتاج سوريا لواحد من أكثر المنشطات شعبية، المعروف باسمه التجاري السابق كبتاغون، زاد عام 2013، وتخطى الإنتاج في دول أخرى في المنطقة مثل لبنان.

ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، فإن حجم استهلاك الكبتاغون خارج منطقة الشرق الأوسط لا يُذكر، لكنه منشط مهم في دول الخليج.

ونظرا لموقعها الجغرافي في ملتقى طرق في الشرق الأوسط، أصبحت سوريا نقطة عبور للمخدرات المقبلة من أوروبا وتركيا ولبنان، والمتجهة إلى الأردن والعراق والخليج.

ويقول تاجر من عائلة بارزة في تجارة المخدرات، في وادي البقاع بلبنان، إن الإنتاج في لبنان انخفض بنسبة 90 في المائة عام 2013، وأرجع ذلك إلى انتقال الإنتاج إلى سوريا. وقال أيضا إن بعض الإنتاج ربما انتقل من تركيا إلى سوريا خلال العام الماضي.

ويقول الناشط الإعلامي خبيب عمار، ومقره دمشق، إن المقاتلين السوريين الذين يتاجرون في المخدرات يشترون السلاح بالأموال التي يجنوها من هذه التجارة، لكن لم يمكن التحقق بصورة مستقلة من مزاعم أن عائدات الكبتاغون تستخدم لتمويل أي من جانبي الصراع.

وتقول كل من قوات الحكومة السورية وقوات المعارضة أن الجانب الآخر يستخدم الكبتاغون حتى يتحمل الاشتباكات المتواصلة، دون الحصول على نصيب من النوم، بينما يقول أطباء إن المواطنين السوريين العاديين يلجأون بدرجة متزايدة إلى تعاطي المنشط الذي يتراوح سعر القرص منه بين خمسة دولارات و20 دولارا.

وأنتج منشط الكبتاغون لأول مرة في الغرب خلال الستينات لعلاج الاكتئاب والخدر، وهو مرض يتميز بنوبات نوم. وفي الثمانينات حظرته معظم الدول لخصائصه التي تؤدي إلى الإدمان، ولم يعد يُستخدم بشكل مشروع.

ويقول الطبيب النفسي اللبناني رمزي حداد إن هذا العقار له تأثيرات المنشط. ويضيف: «يمنحك حالة من النشوة. تصبح ثرثارا ولا تنام ولا تأكل وتشعر بالحيوية». ويوضح أن إنتاجه رخيص وسهل ولا يتطلب إلا «المعرفة الأساسية بالكيمياء وبضعة موازين».

وتشن السلطات السورية واللبنانية حملات متكررة لضبط المختبرات المحلية المستخدمة لإنتاج المنشط. ويقول العقيد غسان شمس الدين رئيس وحدة مكافحة المخدرات في لبنان إن الأقراص تخبأ في شاحنات تجيء من سوريا إلى موانئ لبنانية، لتشحن بعد ذلك إلى الخليج.

وتظهر الأرقام الرسمية أن لبنان ضبط أكثر من 12.3 مليون قرص كبتاغون عام 2013. ويقول شمس الدين إن معظمها جاء من عدد من الضبطيات الكبيرة في وادي البقاع المتاخم لسوريا. وشملت أحداها 5.3 مليون قرص في عملية تورطت فيها أسرة سوريا تهرب المخدرات منذ عشر سنوات.

ويقول التاجر اللبناني إن اللاعبين الرئيسين في تجارة الكبتاغون هم أسر معروفة في وادي البقاع، بدأت بالاتجار في الحشيش والكوكايين منذ عشرات السنين. ويضيف أن هذه الأسر، إما تنتج الأقراص بنفسها، أو تقدم المواد والمعدات إلى شركاء لها داخل سوريا، ثم تساعد في تهريبها مرة أخرى إلى خارج البلاد.

وتتحدث وسائل الإعلام السورية كثيرا عن أقراص الكبتاغون التي تضبطها القوات الحكومية إلى جانب الأسلحة التي تعثر عليها، حين تعتقل مقاتلين أو تغير على قواعدهم.

وقال ضابط في مكافحة المخدرات في مدينة حمص، وسط سوريا، إنه لاحظ تأثير الكبتاغون على محتجين ومقاتلين احتجزوا لاستجوابهم.

وأضاف: «نضربهم ولا يحسون بالألم. بعضهم كان يضحك ونحن نكيل له ضربات شديدة. نترك السجناء 48 ساعة دون استجواب حتى يذهب تأثير الكبتاغون، وبعدها يصبح الاستجواب سهلا».

وترد المعارضة بأن الحكومة تحاول تشويه سمعتها وأن «ميليشيا الشبيحة» الموالية للحكومة هي التي تتاجر في الكبتاغون.

ويقول الناشط المعارض عمار إن استخدام المنشط قاصر على مؤيدين للحكومة ومقاتلين يستغلون الثورة لمزاولة أنشطة إجرامية مربحة. ويضيف: «في هذه الأيام يفعل المجرمون والمدمنون ما يحلو لهم. لقد زاد عددهم بسبب الجوع والفقر والبطالة».

ويؤكد طبيب نفسي اسمه جورج أنه عالج مدمني الكبتاغون في عيادته باللاذقية، وهي معقل للحكومة. ويقول: «استخدام الكبتاغون والأقراص الأخرى زاد بعد الثورة، حتى بين المدنيين، نتيجة للضغوط النفسية والاقتصادية». ويضيف أن الحكومة تبالغ في أمر انتشار المنشط بين المعارضين، لكن على الأرجح فإن الشبيحة ومقاتلي الجيش السوري الحر المعارض يستخدمون العقار، خاصة حين يكونون مكلفين بمهام ليلية أو مهام أخرى طويلة».