الأمم المتحدة محذرة مقاتلي «داعش»: أعمال الإعدام الجماعية «جرائم حرب»

المرصد السوري يحصي مقتل ألف شخص منذ بدء اشتباكاتها مع مقاتلي المعارضة

مقاتلون من «داعش» خلال عرض عسكري في مدينة الرقة السورية (أ.ب)
TT

أحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل أكثر من ألف شخص في المعارك الدائرة منذ نحو أسبوعين في سوريا بين عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وتشكيلات أخرى من المعارضة المسلحة. وفي حين أفاد بأن 113 مقاتلا معارضا و21 مدنيا «أعدمهم» التنظيم في مناطق مختلفة، بموازاة إعدام كتائب المعارضة 56 عنصرا بعد أسرهم، حذرت مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي من أن أعمال الإعدام الجماعية في شمال البلاد يمكن أن تعتبر «جرائم حرب».

بيلاي أصدرت أمس بيانا ذكرت فيه أنه «في الأسبوعين الماضيين تلقينا تقارير عن حدوث حالات إعدام جماعي متتالية لمدنيين ومقاتلين لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية في حلب وإدلب والرقة من جانب جماعات المعارضة المسلحة المتشددة في سوريا، وبصفة خاصة الدولة الإسلامية في العراق والشام». وأشارت إلى أنها «يمكن أن تعتبر (جرائم حرب) ويمكن أن يتعرض منفذوها لملاحقة قضائية».

وأكدت المفوضة العليا لحقوق الإنسان أن «إعدام المدنيين والأشخاص الذين لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية انتهاك واضح لحقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي، وقد تشكل جرائم حرب». وأشارت إلى «تقارير مثيرة للانزعاج بشكل خاص، بالنظر إلى الأعداد الكبيرة للأشخاص، بمن فيهم المدنيون، الذين يعتقد أن جماعات المعارضة المسلحة في سوريا تحتجزهم»، مذكرة بأن «أخذ الرهائن محظور بموجب القانون الإنساني الدولي، وقد يشكل أيضا جريمة حرب». وحثت بيلاي من ثم «جميع أطراف النزاع على الاحترام التام لالتزاماتها بموجب القانون الدولي»، مذكرة إياها بأن «كل شخص يشترك في جرائم خطيرة ينبغي محاسبته».

جدير بالذكر أن تنظيم «داعش» يخوض اشتباكات عنيفة منذ مطلع الشهر الحالي مع مقاتلي كتائب معارضة وأخرى إسلامية كانوا اتهموها بعمليات خطف وقتل واعتقالات عشوائية والتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية واستهداف المقاتلين والناشطين الإعلاميين. ولجأ تنظيم «داعش» في رده على المجموعات التي تقاتله في مناطق عدة، وأبرزها «الجبهة الإسلامية» و«جبهة ثوار سوريا» و«جيش المجاهدين»، بعدد من العمليات الانتحارية، غالبيتها بسيارات مفخخة، تسببت بمقتل العشرات. وفي حين طرد مقاتلو المعارضة مقاتلي تنظيم «داعش» من مناطق واسعة في حلب، فإنه لا يزال يحكم سيطرته الكاملة على مدينة الرقة، مركز المحافظة الوحيد الخارج بشكل تام عن سيطرة النظام.

من جهة ثانية، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بارتفاع عدد الذين قضوا منذ الثالث من الشهر الحالي وحتى منتصف أول من أمس في الاشتباكات بين الطرفين إلى 1069 مقاتلا في محافظات حلب وإدلب والرقة وحماه ودير الزور وحمص. وأشار إلى أن 608 مقاتلين معارضين قضوا «خلال اشتباكات واستهداف سيارات للكتائب وتفجير سيارات مفخخة»، كما قتل 312 مقاتلا من «داعش» ومن الموالين لها خلال هذه المعارك، إضافة إلى مقتل 130 مدنيا آخرين.

ومع استمرار الاشتباكات بين الطرفين في مدينة سراقب بمحافظة إدلب، التي تعد مركز ثقل لتنظيم «داعش»، وجه الإسلامي الأردني المتشدد عمر محمود عثمان الملقب بـ«أبو قتادة»، خلال جلسة محاكمته بتهم تتعلق بالإرهاب في عمان أمس، رسالة إلى كل من أبو بكر البغدادي أمير «داعش» وأبو محمد الجولاني أمير «جبهة النصرة»، مطالبا إياهما بـ«وقف الاقتتال بين الفصائل الإسلامية». وقال أبو قتادة في مناشدته إن «الواجب الشرعي يحتم على أبو بكر البغدادي أن يسحب تسمية (داعش) وينضوي في العمل تحت اسم (جبهة النصرة)»، وطالب الطرفين بـ«الصلح مع الفصائل الإسلامية وقتال من يقاتلهم»، كما دعا كلا منهما إلى «إنهاء الخطف لأنه لا يجوز قتل أو خطف مسلم أو غير مسلم ما لم يحمل السلاح ضدكم».

وكان الجولاني قد دعا الأسبوع الماضي إلى وقف المعارك الدائرة بين الجبهة وتشكيلات من المقاتلين السوريين المعارضين من جهة، وعناصر «داعش» من جهة أخرى. واتهم، في تسجيل صوتي، التنظيم المتشدد بارتكاب «سياسة خاطئة» أدت إلى تأجيج هذا الصراع، محذرا من أن استمراره قد «ينعش» نظام الرئيس بشار الأسد. ولقد شاركت جبهة النصرة في المعارك إلى جانب مقاتلي المعارضة المؤلفين من «الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين» و«جبهة ثوار سوريا» في بعض هذه المعارك، لكنها بقيت على الحياد في مناطق أخرى.

في هذه الأثناء دارت اشتباكات عنيفة أمس بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة في محيط حاجز الكازية عند المدخل الجنوبي لمدينة دير الزور، بالتزامن مع إفراج «داعش» عن أربعة من قادة الكتائب الإسلامية المقاتلة في ريف دير الزور الشرقي كانت قد اعتقلتهم في وقت سابق أثناء توجههم إلى مدينة الرقة، بحسب المرصد السوري.

وتعرضت مناطق في مخيم خان الشيح ومدينتي الزبداني وداريا في ريف دمشق لقصف مروحي بالبراميل المتفجرة، بالتزامن مع قصف نظامي مدفعي على مدينتي داريا والزبداني. ووقعت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة على أطراف داريا المتاخمة للعاصمة السورية.

وأفادت وكالة «سمارت» للأنباء عن سقوط ثمانية قتلى من القوات النظامية من جراء انفجار لغم أرضي زرعه مقاتلو «الجبهة الإسلامية» في مقر النظام في حي تشرين بالعاصمة دمشق. وأعلن «المكتب الإعلامي لحركة أحرار الشام الإسلامية» قتلها عددا من قوات النظام وإصابة آخرين خلال محاولة الأخير اقتحام بلدات البلالية والدير سلمان والزمانية والجربا في الغوطة الشرقية بريف دمشق.