النواب الكرد ينسحبون من جلسة البرلمان لاعتراضهم على مناقشة ميزانية 2014

اتهموا المتنفذين في بغداد بـ«المزايدات السياسية بسبب قرب الانتخابات»

TT

بينما أعلن مسؤول عراقي رفيع المستوى أن قانون موازنة عام 2014 الذي أرسلته الحكومة إلى البرلمان للمصادقة ينص على استقطاع الأضرار التي سببها إقليم كردستان إثر عدم تسليمه النفط المنتج للحكومة الاتحادية، لم ينجح مجلس النواب العراقي في جلسته الاعتيادية أمس في إكمال النصاب القانوني «الذي يؤهله لمناقشة الموازنة العامة الاتحادية لعام 2014».

وجاء عدم اكتمال النصاب القانوني للحضور بسبب انسحاب النواب الكرد من الجلسة «حيث كان عدد النواب الحاضرين فيها 130 من أصل 325 نائبا». وبرر عدد من النواب الكرد انسحابهم من الجلسة باعتراضهم على «إدراج موضوع الموازنة العامة في جدول الأعمال للجلسة المنعقدة أمس والتي حاول رئيس مجلس النواب والقوائم الشيعية في المجلس إدراجها ضمن برنامج عمل الجلسة».

وقالت النائبة عن التحالف الكردستاني أشواق جاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن النواب الكرد اعترضوا على هذه الفقرة «كونها تخالف المادة 135 من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي، حيث كان رئيس المجلس أسامة النجيفي ينوي إدخالها ضمن برنامج الجلسة، وهو ما لم يكن متفقا عليه مسبقا». وأوضحت الجاف أن اعتراض النواب الكرد على هذه الفقرة كان بسبب أن «المشروع لم يمر باللجنة المختصة لمناقشتها وإبداء الرأي حولها وإعدادها للمناقشة كما ينص النظام الداخلي للمجلس»، مشيرة إلى أن رئيس المجلس «انتظر لمدة نصف ساعة للبدء بأعمال الجلسة حيث كان الأخير مصرا على عقدها، لكن موقف نواب التحالف الكردستاني على مقاطعة الجلسة وعدم المشاركة فيها أدى بالنجيفي إلى تأجيلها».

كما أكدت النائبة أن الحكومة العراقية «تمارس في كل عام ومع قرب موعد الموازنة العامة حربا نفسية ضد إقليم كردستان العراق بسبب المشاكل العالقة التي لم تحل حتى الآن بين بغداد وأربيل».

ولم تخف الجاف أن «الحكومة العراقية غير جادة بالمرة لحل المشاكل العالقة بين الطرفين في ما يتعلق بمسائل البيشمركة والميزانية الخاصة بها والميزانية الخاصة بالمادة 140 من الدستور العراقي والتي اعتبرت كخارطة طريق لحل مسألة كركوك والمناطق المستقطعة من الإقليم دستوريا، بالإضافة إلى مسألة النفط والغاز ومستحقات الشركات النفطية العاملة في الإقليم والتي تعترض الحكومة العراقية عليها».

كما أكدت النائبة أن ما تفعله الجهات المتنفذة في الحكومة العراقية والقوائم البرلمانية في مجلس النواب العراقي لا يعدو كونه «مزايدات سياسية على حساب الكرد، ودعاية انتخابية تتكرر في العراق مع قرب كل عملية انتخابية كما حصل العام الماضي مع قرب انتخابات مجالس المحافظات، والآن العراق مقبل على انتخابات مجلس النواب».

وحول التهديدات المباشرة وغير المباشرة حول قطع حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية، أوضحت النائبة أن «حصة الإقليم من الموازنة ليست هبة أو عطية تمنحها بغداد للإقليم، بل هي حق مشروع، حيث يعتبر الإقليم شريكا فيها من خلال عائدات النفط وعائدات المعابر والنقاط الحدودية». كما شددت على أن الجلوس على طاولة الحوار «هو أفضل طريقة للخروج من هذه المشاكل دون أي خسائر».

وقد كانت الخلافات بين أربيل وبغداد تجددت منذ الأسبوع الماضي، وبالأخص «بعد الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، حيث اعترض فيها الأخير على آلي تعامل الإقليم مع المسائل العالقة بينها وبين بغداد، وبالأخص في ما يتعلق بموضوع النفط والغاز والذي أكد (المالكي) أن رد أربيل على ما طلب توضيحه من قبل بغداد بشأنه لم يكن منطقيا».

من جهته، قال علي الموسوي، مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي، لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، إن «مسودة قانون 2014 تنص على أن تقوم وزارة المالية باستقطاع الأضرار التي سببها إقليم أو محافظة لعدم تسليم النفط المنتج إلى الحكومة الاتحادية من حصتها».

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أعلن أول أمس في اجتماع لقادة الكتل السياسية أن سبب تأخير إرسال قانون الموازنة إلى البرلمان هو تخلف إقليم كردستان عن تسليم النفط المنتج إلى وزارة النفط والبالغ 400 ألف برميل يوميا. وبلغت مجمل خسائر العام الماضي نحو تسعة مليارات دولار، إثر امتناع الإقليم عن تسليم النفط المنتج في أراضيه إلى وزارة النفط، بحسب بيان الحكومة.

ويتسلم إقليم كردستان 17 في المائة من موازنة الدولة التي تبلغ هذا العام 140 مليار دولار، لكنه يرفض تسليم نفطه المنتج منذ ثلاثة أعوام ويقوم ببيعه عن طريق تركيا وإيران، بحسب الحكومة العراقية.

وعلاوة على ذلك، تعاقد الإقليم مع شركات أجنبية لاستخراج النفط من أراضيه، وقام ببناء شبكة أنابيب للتصدير عبر تركيا من دون موافقة بغداد.

من جهة أخرى، أكد مسؤول رفيع في وزارة النفط أن الحكومة قررت منذ الشهر الحالي احتساب قيمة أربعمائة ألف برميل التي يرفض تسليمها الإقليم إلى بغداد على أسعار البيع العالمي وخصمها من حصتها من الموازنة المقبلة. ورفضت بغداد قيام الإقليم ببيع نفطه من دون العودة إلى الحكومة المركزية، واعتبرت ذلك مخالفة صارخة للدستور.

وبدأت عمليات تصدير النفط من إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي، حسبما أعلن وزير الطاقة التركي تانيز يلدز في الثاني من الشهر الحالي. وتعتمد موازنة العراق بنسبة 90 في المائة على تصدير النفط الذي يصدر بمعدل 2500 مليون برميل يوميا ينتج معظمها من جنوب البلاد.