نتنياهو يخطط لضم مستوطنة لكتل يريد الاحتفاظ بها.. ويؤكد حرصه على السلام

العاهل الأردني بحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي تطورات الأوضاع في المنطقة

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لدى استقباله رئيس الوزراء الاسرائيلي في عمان أمس (أ.ب)
TT

قالت مصادر إسرائيلية مطلعة، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يخطط لضم مستوطنة إسرائيلية جديدة، إلى ثلاث كتل كبيرة تريد إسرائيل أن تحتفظ بها في إطار أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين، ما يرفع النسبة إلى 13 في المائة من الأراضي التي يمكن أن تدخل ضمن تسوية التبادل.

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن نتنياهو أبلغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بأن إسرائيل تريد الاحتفاظ بمستوطنة «بيت إيل» الواقعة شمال القدس، والقريبة جدا من رام الله، إضافة إلى كتل «غوش عتصيون» (في الخليل) و«معاليه أدوميم» (قرب رام الله) و«أريئيل» (في نابلس). وادعى نتنياهو في محادثاته مع كيري، أن منطقة بيت إيل ورد اسمها في التوراة وأنها ذكرت في سفر التكوين على أنها المكان الذي حلم فيه النبي يعقوب بسلم يؤدي إلى السماء. وتقول إسرائيل إنها ستحتفظ ببعض الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية، على أن يجري تعديل على الحدود، يدخل هذه الكتل ضمن إسرائيل التي ستعوض السلطة بدورها، بأراض بديلة، لكن لا يوجد اتفاق حول المسألة.

وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»: «إن مسألة تبادل الأراضي معلقة لحين الاعتراف الإسرائيلي بالدولة الفلسطينية، وإنها ستكون بالقيمة والمثل وفي إطار لا يتعدى اثنين إلى ثلاثة في المائة وليس كما يحلم الإسرائيليون». وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن نتنياهو لم يلتزم بنماذج أولية سابقة لاتفاق سلام نصت على مبادلة أي أراض تحتفظ بها إسرائيل في الضفة الغربية بأراض بنفس المساحة داخل إسرائيل، بل عرض شراء بعض أراضي المستوطنات بالمال بدل الأرض.

ورفض متحدث باسم نتنياهو التعليق على التقرير. وتشكل المستوطنات أحد الملفات المعقدة في المفاوضات الحالية بين الطرفين بوساطة أميركية.

وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، أمس: «إن استمرار النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية تشكل العقبة الرئيسة للجهود الدولية المبذولة لتحقيق السلام، وخصوصا الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إضافة إلى تصاعد الجرائم المرتكبة من قبل مجموعات من المستوطنين والتي كان آخرها محاولة إحراق مسجد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في بلدة دير إستيا، في محافظة سلفيت، بحيث ارتفعت نسبة اعتداءات المستوطنين خلال عام 2013 بـ41 في المائة».

وأضاف عريقات في بيان: «إن استمرار هدم البيوت ومصادرة الأراضي وتهجير السكان وتكثيف حصار قطاع غزة، يدل على أن الحكومة الإسرائيلية اختارت طريق الإملاءات والمستوطنات بدل السلام والمفاوضات، وإنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن نتائج وتبعات مثل هذه السياسات».

وفي حين ينتظر الفلسطينيون والإسرائيليون زيارة أخرى لوزير الخارجية الأميركي جون كيري قبل نهاية الشهر، طار نتنياهو إلى عمان والتقى العاهل الأردني عبد الله الثاني، لبحث عملية السلام. وقال ديوان نتنياهو: «إن الزعيمين بحثا آخر التطورات في المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية». ويبدو أن المحادثات تطرقت إلى مستقبل منطقة الأغوار الذي يشهد خلافا عميقا بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويرتبط الأردن بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ويشترك في الحل بالنسبة لملفات مهمة مثل ملف الأغوار، والقدس واللاجئين.

ونوه نتنياهو بأهمية الدور الذي يقوم به الأردن بقيادة الملك عبد الله في الجهود المبذولة لتحقيق السلام. وقال نتنياهو: «إن إسرائيل تولي اهتماما للترتيبات الأمنية بما في ذلك المصالح الأردنية في أي اتفاق مستقبلي»، موضحا أن «مثل هذا الاتفاق سيراعي معاهدة السلام المبرمة بين البلدين».

كما بحث نتنياهو والملك عبد الله الثاني التعاون الاقتصادي في عدة مجالات، إضافة إلى قضايا إقليمية أخرى. وكان نتنياهو أكد قبل ساعات من لقائه عبد الله الثاني، أن «إسرائيل لن تتخلى عن عملية السلام بسبب الصعوبات التي تعترضها وستواصل الإصرار على موضوع الأمن». وأضاف: «إن الاعتراف بكون إسرائيل دولة الشعب اليهودي هو بمثابة شرط ضروري في العملية السياسية ولكن ذلك لا يكفي. نحن نتقدم في العملية سعيا لتحقيق الاعتراف المتبادل واستتباب الأمن على حد سواء».

ورهن نتنياهو التوقيع على اتفاق سلام مع الجانب الفلسطيني باعترافه بـ«يهودية إسرائيل»، وقال في كلمة ألقاها في معهد الأمن القومي الإسرائيلي: «من أجل التوصل إلى اتفاق، يجب توافر عنصرين أساسيين، الاعتراف بالدولة اليهودية، وإنهاء الصراع إلى الأبد».

وترفض السلطة الفلسطينية الاعتراف بيهودية الدولة من بين أشياء أخرى ترفضها، مثل بقاء مستوطنين أو جنود على الأرض الفلسطينية، وتأجيل بحث مسألة القدس، والتنازل عن حق عودة اللاجئين.

وبسبب هذه الخلافات توقفت المفاوضات قبل شهرين، بينما تصدم محاولات كيري وضع اتفاق إطار بعقبات كبيرة.

وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، أعلن في مؤتمر صحافي أول من أمس، أن العملية السياسية «تصطدم بحائط مسدود» قائلا إن الحكومة الإسرائيلية «تضع جملة من الاشتراطات التي يعرفون أن لا قيادة فلسطينية في الماضي أو الحاضر أو المستقبل ومعها الشعب الفلسطيني، يمكن أن تقبل بها».

وذكر بيان للديوان الملكي الأردني، أن الملك عبد الله الثاني أكد خلال اللقاء، أهمية استغلال عامل الوقت والبناء على الفرصة المتاحة، من خلال الجهود المكثفة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لتحقيق تقدم ملموس في مفاوضات السلام وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية، والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.

وشدد الملك عبد الله الثاني على أن المصالح الأردنية العليا، خصوصا تلك المتعلقة بقضايا الوضع النهائي «تقع في قمة أولوياتنا». كما أكد العاهل الأردني أهمية قيام جميع الأطراف المعنية بتحقيق السلام العادل والشامل بتوفير الأجواء المناسبة لإنجاح عملية التفاوض.

من جانبه، أطلع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العاهل الأردني على مسار مفاوضات السلام والجهود الأميركية في هذا المجال.

ويأتي لقاء الملك عبد الله الثاني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد لقائه أخيرا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقبله مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري، وذلك في إطار التشاور والتنسيق المستمر بينه والأطراف المعنية بعملية السلام، وحرصا منه على تحقيق تقدم ملموس يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني، ويحمي في نفس الوقت المصالح الأردنية العليا، خصوصا في مفاوضات قضايا الوضع النهائي، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي تجري فيها بلورة الإطار التفاوضي بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية الولايات المتحدة الأميركية. وحضر اللقاء رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومدير مكتب الملك، ومدير المخابرات العامة، والوفد المرافق لرئيس الوزراء الإسرائيلي.