استمرار النزوح من الفلوجة.. ومخاوف من انتقال سيناريو الأنبار إلى ديالى

إمام مسجد أكد أن المدينة تتعرض للقصف العشوائي.. ومقتل العشرات من المدنيين

عراقي يتفحص بناية في مدينة الفلوجة تعرضت للقصف المدفعي من قبل الجيش العراقي أمس (رويترز)
TT

شدد خطيبا جمعة الرمادي والفلوجة على أهمية وضع حلول حقيقية للمشكلات التي تعانيها محافظة الأنبار وعموم العراق من أجل استقرار الأوضاع، مؤكدين أن المطالب التي خرج من أجلها المعتصمون باقية لحين تنفيذها في وقت برزت فيه مخاوف من إمكانية انتقال سيناريو الأنبار إلى محافظة ديالى (60 كم شمال شرقي بغداد) بسبب خطورة الأوضاع الأمنية والسياسية فيها.

وقال إمام جمعة الفلوجة الشيخ عبد الحميد جدوع خلال الخطبة التي أقيمت في جامع الفرقان (وسط الفلوجة) إن «الفلوجة تشهد إبادة جماعية من قبل المالكي وجيشه الذين يقصفون منازل العوائل بالهاونات والمدافع والطائرات منذ أكثر من عشرة أيام تقريبا، وأسفر قصفهم عن مقتل وإصابة المئات أغلبهم من النساء والأطفال والعجزة». وأضاف جدوع: «على المالكي وحكومته سحب جيشه وإيقاف القصف العشوائي ضد منازل الأبرياء ومحاسبة الضباط والجنود الذين ارتكبوا مجازر جماعية ضد أهل الفلوجة بقتل الأطفال والنساء والشيوخ».

من جهته أكد إمام جمعة الرمادي محمد الدليمي إن «مطالب المعتصمين باقية لحين تلبيتها، وإن المعتصمين لا يطلبون غير إحقاق الحق وإعادة الحقوق إلى أهلها وإشاعة روح العدل». وأضاف: «نحن لا نريد إطلاق سراح المجرمين والقتلة، بل نطالب بالإفراج عن الأبرياء المعتقلين تحت حجج وذرائع كاذبة وإلغاء العمل في (أربعة إرهاب)، والمخبر السري الذي يشي بالأكاذيب من أجل منافع مادية أو عداوة مع آخرين من أجل إلحاق الضرر بهم».

وبينما أكد شهود عيان من الفلوجة تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن أن «موجة من النزوح من المدينة، لا سيما من أطرافها، بدأت منذ الجمعة بسبب سقوط قذائف هاون على عدد من الأحياء في المدينة»، فقد أقر نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي أن الجماعات المسلحة تسيطر على وسط المدينة. وطبقا لشاهد العيان ضياء الجميلي فإن «الأوضاع داخل الفلوجة تبدو شبه طبيعية، حيث لا توجد مظاهر مسلحة، لكن في الوقت نفسه لا توجد مظاهر دولة أو قانون»، مشيرا إلى أن «هناك الكثير من الشائعات باتجاه اقتحام المدينة من قبل الجيش من أجل طرد المسلحين الذين لا يبدو لهم نشاط واضح في المدينة، ما عدا السيطرات داخل المدينة التي جرت من قبل شيوخ العشائر وبالتعاون مع المجلس المحلي».

ومن جهته أكد المواطن عبد الرزاق العيساوي الذي نزح مع عائلته إلى منطقة الرضوانية (غرب بغداد) أن «قذائف الهاون التي سقطت خلال اليومين الماضيين على بعض الأحياء بما فيها مستشفى المدينة العام، تبدو مجهولة الهوية، حيث لا نعرف إن كان مصدرها الجيش أو جماعات مسلحة».

لكن نائب الرئيس العراقي والقيادي بدولة القانون خضير الخزاعي أكد في تصريح صحافي أمس أن «الأوضاع الأمنية في مدينة الرمادي تحت سيطرة الأجهزة الأمنية وأبناء العشائر»، مشيرا إلى أن «الحكومة العراقية تحلت بالصبر الكبير مع ملف الأنبار لتجنب إراقة دماء العراقيين».

وفي وقت لا تزال فيه أزمة الأنبار مفتوحة على كل الاتجاهات فقد برزت مخاوف من إمكانية انتقال سيناريو الأنبار إلى محافظة ديالى التي تعد واحدة من أكثر المناطق سخونة في البلاد اليوم. وفي هذا الإطار أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة ديالى والقيادي في كتلة «متحدون» محمد الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوضاع في ديالى صعبة وسبق أن حذرنا منها في وقت مبكر، وقد جرى تشكيل لجان رئاسية ونيابية من أجل معالجة تلك الأوضاع إلا أنه لا توجد جدية وحرص حقيقي للمعالجة». وأضاف الخالدي أن «الحكومة المركزية في بغداد هي التي تتحمل مسؤولية تردي الأوضاع هنا في ديالى؛ لأن الملف الأمني هو من مسؤوليتها ولا تقبل أحدا يتدخل به».

من جهته أكد محافظ ديالى المسحوب اليد عمر الحميري لـ«الشرق الأوسط» أن «القرار الذي جرى اتخاذه من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي بسحب يدي غير قانوني؛ لأنه ليس من صلاحية رئيس الوزراء إصدار مثل هذا القرار»، مبينا أنه «منتخب من قبل مجلس المحافظة، وبالتالي فإن المجلس هو من يملك صلاحية سحب يده أو إعفائه، وكذلك رئيس الجمهورية»، معتبرا أن «مثل هذه الإجراءات من شأنها زيادة حدة التوتر والاضطرابات في المحافظة الساخنة أصلا». وبشأن طبيعة الأوضاع الأمنية في ديالى قال الحميري إن «الوضع عندنا ليس خافيا على أحد، والسبب في ذلك أن هناك سيطرة للميليشيات المسلحة والمدعومة من جهات سياسية (لم يسمها) كما أن القوات الأمنية والعسكرية لا تقوم بدورها في محاربتها أو وضع حد لما تقوم به من ممارسات من تفجير للمساجد وتهجير للأهالي على خلفيات طائفية». وردا على سؤال بشأن الاتهامات التي توجه لـ«القاعدة» في عمليات التفجير والتفخيخ قال الحميري: «إننا نعد الميليشيات و(القاعدة) وجهين لعملة واحدة، ولكننا من خلال التجربة نستطيع أن نميز بين عمل الجهتين، حيث إن السيارات المركونة هنا وهناك التي تنفجر وزرع العبوات الناسفة وتفجير المساجد هذه من عمل الميليشيات؛ لأن عمل (القاعدة) هو الهجمات الانتحارية والأحزمة الناسفة». وبشأن المخاوف من امتداد جماعات داعش وغيرها إلى ديالى قال الحميري إن «العمل هنا مختلط بين الميليشيات و(القاعدة) وأخواتها؛ لذلك فإن المهمة قد تكون أصعب، وبالتالي فإننا في الوقت الذي لا نستطيع فيه القول إن سيناريو الأنبار يمكن استنساخه هنا، لكننا ما نعانيه الآن لا يقل خطورة، وقد تزداد في المستقبل في حال بقيت المماحكات السياسية والصراعات الطائفية على حالها، لا سيما مع وصول اللجنة الرئاسية التي جرى تشكيلها لمعالجة الأوضاع في المحافظة إلى طريق مسدود».