مصادر مصرية مسؤولة لـ «الشرق الأوسط»: لن نرد على الغنوشي لأنه لا يمثل تونس

احتفالات شعبية بالدستور الجديد ومؤشرات قوية على إجراء الانتخابات الرئاسية أولا

قوات الأمن تلقي القبض على أحد العناصر التابعة لجماعة الإخوان خلال اشتباكات في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

ظهرت مؤشرات جديدة أمس على اتجاه السلطات المصرية لإجراء الانتخابية الرئاسية قبل البرلمانية، لاستكمال باقي بنود خارطة المستقبل التي أعلنها قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو (تموز) الماضي. ومن هذه المؤشرات ما أفادت به مصادر قضائية أمس عن ظهور نشاط مفاجئ داخل أمانة اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. وتزامن ذلك مع تنظيم ألوف المصريين في عدة ميادين كبرى بالمحافظات احتفالات بـ«نجاح الاستفتاء على الدستور الجديد»؛ والمقرر أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات عن نتيجته النهائية اليوم (السبت) وسط توقعات بأن تصل نسبة من وافقوا عليها لأكثر من 95 في المائة.

وبينما واصلت جماعة الإخوان مناوشاتها مع قوات الأمن في القاهرة وعدة محافظات، أثارت تصريحات زعيم حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، غضب عدد من السياسيين والمسؤولين في العاصمة المصرية، والتي قال فيها إن بلاده على استعداد لاستقبال عناصر الإخوان المصريين في حال طلبهم اللجوء السياسي إلى تونس.

وبينما أفادت مصادر مصرية مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» بأنها لن ترد على «الغنوشي لأنه لا يمثل تونس»، قال وزير الخارجية المصرية السابق، السفير محمد العرابي، رئيس حزب المؤتمر لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات الغنوشي تثبت أن الإخوان أصبحوا «خارج إطار الزمن».

واستبق ألوف المصريين الموعد الرسمي لإعلان نتيجة الاستفتاء واحتفلوا بالمؤشرات المبدئية لنتيجة الاقتراع التي حازت إقبالا كبيرا. وظهرت جموع المحتفلين وهم يرفعون صور السيسي والأعلام الوطنية في عدة ميادين في القاهرة والإسكندرية والغربية والمنوفية، وذلك عقب صلاة الجمعة. وردد المشاركون في احتفال بالاستفتاء أمام ساحة القائد إبراهيم الشهيرة بالإسكندرية، هتافات منها «الشعب قالها قوية.. نعم للاستقرار»، إضافة إلى هتافات مؤيدة لقائد الجيش داعية إياه للترشح لرئاسة الدولة.

وفي القاهرة نظم المصريون احتفالات شعبية قرب ميدان التحرير وفي ساحة مسجد النور بالعباسية وفي عدة ضواحٍ شعبية ترددت فيها الأغاني المؤيدة للجيش وخارطة المستقبل. وقال شهود عيان ونشطاء في حركات وأحزاب سياسية إن الاحتفالات امتدت أيضا إلى محافظات في الدلتا وطغت على المناوشات المتفرقة التي حاولت جماعة الإخوان من خلالها إفساد فرحة المصريين بالدستور الجديد. وتعرضت الجماعة إلى هزائم متلاحقة منذ الإطاحة بمرسي كان من بينها خسارة العديد من المواقع النقابية والحزبية وتعرض معظم قياداتها للمحاكمة إضافة إلى تصنيفها كـ«منظمة إرهابية».

ويترقب المصريون أن يعلن الرئيس المؤقت عدلي منصور عن موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال أيام، مع وجود مؤشرات قوية على إجراء الانتخابات الرئاسية أولا، وهو أحد المطالب التي يجمع عليها العديد من السياسيين ممن شاركوا في جلسات الحوار الوطني مع الرئيس منصور الشهر الماضي. ومن هذه المؤشرات تشكيل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لأمانتها العامة، برئاسة المستشار حمدان فهمي، رئيس هيئة مفوضي المحكمة الدستورية.

وأثارت تصريحات زعيم حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، غضب عدد من السياسيين والمسؤولين في القاهرة، والتي قال فيها إن بلاده على استعداد لاستقبال عناصر الإخوان المصريين في حال طلبهم اللجوء السياسي إلى تونس، لكن مصادر في الحكومة قالت إنها لن ترد بشكل رسمي على تصريحات الغنوشي لأنه ليست له صفة رسمية في الدولة التونسية.

واستنكرت عدة أحزاب وحركات مصرية ما صدر من الغنوشي. وقال وزير الخارجية المصرية السابق، السفير محمد العرابي، رئيس حزب المؤتمر لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات الغنوشي «غير مستغربة» كونه أحد فروع جماعة الإخوان، وأضاف أن مثل هؤلاء الناس أصبحوا «خارج إطار الزمن». وتابع قائلا: «تصريحات الغنوشي بعيدة عن السياسة ولا تنم عن أن هذه الجماعة تستطيع أن تقوم بعمل سياسي أو تحكم دولة».

وتواجه السلطات تحديا من جماعة الإخوان التي ينتمي إليها الرئيس السابق، بإصرار عناصر من الجماعة على الاستمرار في تنظيم مسيرات ومظاهرات، تصطدم عادة مع المواطنين وقوات الأمن، وأدت أمس - بحسب مصادر طبية وشهود عيان - إلى مقتل ثلاثة على الأقل وإصابة العشرات وتوقيف عشرات آخرين في عدة مناطق بالقاهرة والمحافظات. وجاءت دعوة الجماعة لتنظيم الاحتجاجات بعد يومين من إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وأطلقت الجماعة على مظاهرات أمس وباقي أيام الأسبوع «أسبوع التصعيد الثوري». وتحظر الحكومة التظاهر من دون الحصول على ترخيص. ومن المرجح أن تستمر الجماعة في التصعيد حتى موعد الذكرى الثالثة لثورة يناير يوم 25 من هذا الشهر، وفقا لما قالته مصادر مسؤولة في وزارة الداخلية المصرية. ولقي شخص مصرعه وأصيب اثنان في اشتباكات بين عناصر الإخوان وقوات الأمن في محافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة. وقال شهود عيان إن اثنين آخرين قتلا في اشتباكات أخرى في أنحاء البلاد. وقالت مصادر أمنية إن الاشتباكات استخدمت فيها عناصر يعتقد أنها تابعة لجماعة الإخوان أسلحة آلية وخرطوش. وألقت قوات الأمن القبض على العشرات.

وفي القاهرة شهدت ضاحية المهندسين اشتباكات بين عناصر الإخوان وقوات الأمن. وقالت مصادر أمنية إن أنصار الجماعة قاموا بإشعال النار في إطارات السيارات وصناديق القمامة. كما أطلقوا الزجاجات الحارقة والألعاب النارية في اتجاه قوات الشرطة التي ردت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. ووقعت اشتباكات أخرى في ضاحية الألف مسكن.

وفي محافظة السويس أطلقت قوات الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريق مسيرة إخوانية. وأكد شهود عيان أن قوات الأمن طالبت عناصر الإخوان بالانصراف أولا، إلا أنها ردت بالهجوم على قوات الشرطة بالزجاجات الحارقة، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين الطرفين.

على صعيد ذي صلة وجه النائب العام المصري الاتهام لثلاثة صحافيين موقوفين يعملون لدى قناة «الجزيرة» القطرية، بتهم من بينها بث معلومات كاذبة لخدمة مصالح جماعة الإخوان، والبث التلفزيوني من دون ترخيص وفقا للقوانين المعمول بها، وتهم أخرى تتعلق بـ«الإعلان عن أمور من شأنها التأثير في عمل القضاة أو أعضاء النيابة العامة في القضايا أو التحقيقات المطروحة أمامهم والتأثير على الرأي العام». ومن بين الموقوفين، بيتر غريست (أسترالي) ومحمد عادل فهمي (كندي من أصل مصري) وباهر محمد (مصري). وقالت النيابة المصرية إن «بعض المتهمين أقروا في التحقيقات بانضمامهم للجماعة الإرهابية». وينفي محامو المتهمين التهم الموجهة إليهم.