مصادر أميركية: نتنياهو مستعد لاتفاق سلام تاريخي ينفذ على أمد طويل

الفلسطينيون وافقوا على مدة زمنية أقصاها ثلاث سنوات ضمن «حل نهائي»

رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال حضوره جلسة الكنيست الافتتاحية (رويترز)
TT

قالت مصادر أميركية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبدى استعداده لاتخاذ خطوات تاريخية تجاه اتفاق سلام مع الفلسطينيين، لكنه اشترط تنفيذه على مدى زمني طويل، وهو الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون.

ويريد نتنياهو تجنب الانسحاب فورا من منطقة الأغوار الحدودية، أو إخلاء جماعي للمستوطنين من الضفة الغربية أثناء توليه منصبه، ولهذا يطرح جدولا زمنيا طويلا. وقال موقع «واللا» الإسرائيلي نقلا عن مصادر أميركية ذات علاقة مباشرة بالمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، إن نتنياهو طرح ذلك خلال اجتماعه الأخير بوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، وخلال المباحثات التي أجراها العام الماضي كذلك مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وقالت المصادر الأميركية إن نتنياهو أبلغ كيري وأوباما بأنه مستعد للذهاب نحو اتفاق تاريخي لكن بشرط أن يجري تنفيذ خطوات الانسحاب من الضفة خلال فترة طويلة. وأضافت المصادر «نتنياهو يدرك أن إسرائيل مجبرة على الذهاب نحو اتفاق سلام، لكنه لا يريد أن يكون الشخص الذي يخلي عشرات الآلاف من المستوطنين من الضفة الغربية مرة واحدة، وينسحب عن الحدود الشرقية (الأغوار) ولذلك فإن أفضل سيناريو بالنسبة له، هو توقيع اتفاق تدريجي، بحيث يجري تنفيذ جوانبه الرئيسة والأساسية خلال فترة ولاية رؤساء الوزراء القادمين».

ويرفض الفلسطينيون فكرة التوقيع على حلول انتقالية جملة وتفصيلا، ويريدون ألا تتعدى الفترة الزمنية لأي اتفاق نهائي مدة ثلاث سنوات. وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن السلطة مستعدة للتوقيع على اتفاق يتضمن انسحابا تدريجيا من الضفة لفترة لا تتجاوز ثلاث سنوات. ويريد نتنياهو كما يبدو فترة أطول بكثير. وفي مرات سابقة طرح الإسرائيليون الانسحاب من الأغوار بعد 40 سنة. وتشكل هذه النقطة واحدا من الملفات المستعصية في المفاوضات التي يتوسط فيها الأميركيون.

ويعكف وزير الخارجية الأميركي على وضع اتفاق إطار بين الفلسطينيين والإسرائيليين لكنه يواجه عقبات كبيرة، إذ يصر الإسرائيليون على البقاء في غور الأردن واعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل دولة يهودية، والاحتفاظ بكتل استيطانية كبيرة في الضفة، وعدم تقسيم القدس، بينما يصر الفلسطينيون على الانسحاب الإسرائيلي من الضفة والقدس الشرقية، ويرفضون الاعتراف بيهودية إسرائيل. وعلى الرغم من ذلك، تقول المصادر، إن نتنياهو يقول لكيري في الاجتماعات المغلقة كلاما مغايرا للذي يقوله في وسائل الإعلام. وكان السفير الأميركي لدى إسرائيل، دان شابيرو، أكد أن كيري سمع خلال تجواله بين القدس ورام الله من نتنياهو ما لم يسمعه أحد من قبل.

وقالت المصادر الأميركية، نتنياهو أبدى استعداده للتوصل إلى اتفاق تسوية تاريخية تشمل تنازل إسرائيل عن غالبية مساحة الضفة الغربية لكن على أن يجري ذلك تدريجيا.

وعادة يقول مسؤولون إسرائيليون إنهم لا يمكن أن يعودوا إلى حدود 1967 لأنها غير قابلة للدفاع. وحتى نتنياهو نفسه، قال الأسبوع الماضي، إنه لن ينسحب من القدس والخليل في الضفة الغربية. لكن المصادر قالت إنه كان مستعدا لذلك، على أن ينفذ هذا بشكل تدريجي، أي أن يضع جدولا زمنيا طويلا لإخلاء المستوطنات في الضفة والجيش الإسرائيلي من منطقة غور الأردن.

ويشعر الأميركيون بأن نتنياهو قريب من نقطة تجاوز اللا عودة، وأنهم لا يتأثرون بالتصريحات التي يدلي بها نتنياهو خلال اجتماعاته الحزبية، لأنهم يعرفون أنه مضطر لإرضاء اليمين في إسرائيل وفي الحزب الذي يقوده، حزب الليكود. وأقر وزير المالية الإسرائيلي يائير لابيد، بأنه «لا بد في نهاية المطاف من الانفصال عن الفلسطينيين». وقال «نعرف أن أي اتفاق يجب أن يتضمن إخلاء 90 ألف مستوطن من مساكنهم في الضفة، هذه ستكون الدراما الأكبر منذ إقامة إسرائيل، وعلى الحكومة التفكير برصد وتحويل الأموال إلى مستوطنات الجليل والنقب». وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية: «لا يمكن لإسرائيل الاستمرار باستيعاب أربعة ملايين فلسطيني يعيشون في أوساطنا، فوجودهم بيننا مستقبلا يعني حقهم في الانتخابات ونهاية الدولة اليهودية». وتابع: «سيكون هناك ثمن للاتفاق، لكن لا يوجد تفكير بتقسيم القدس. نحن بحاجة للتخلص من الفلسطينيين، لذا علينا جميعا دعم الفصل عنهم ودعم العملية السياسية بما يحقق لإسرائيل أهدافها».

ولا يرى الفلسطينيون في طرح نتنياهو أمرا مثيرا، إذ يطالبون بانسحاب إسرائيل من كل الضفة الغربية في غضون ثلاث سنوات بما يشمل القدس الشرقية ومنطقة الأغوار مع إخلاء المستوطنات، التي تحوي أكثر من نصف مليون مستوطن، وإجراء تبادل أراض طفيف بالقيمة والمثل، وحق تقرير مصير اللاجئين.