بغداد تبدأ باتخاذ إجراءات قانونية ضد كردستان بسبب ما تسميه «النفط المهرب»

اتهمت أنقرة بالعمل على تقسيم العراق وهددت بعقوبات ضد الشركات التركية

TT

من المؤمل أن تبدأ الحكومة العراقية سلسلة إجراءات صارمة ضد إقليم كردستان والحكومة التركية على خلفية بدء عمليات تصدير النفط من الإقليم إلى تركيا عبر شركة جديدة جرى استحداثها هناك باسم شركة كومو على غرار شركة سومو الوطنية بخلاف ما جرى الاتفاق عليه بين بغداد وأنقرة أواخر الشهر الماضي وبعلم الأكراد.

وقال وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي في حديث نقلته وكالة رويترز إن «بغداد ستتخذ إجراءات قانونية ضد تركيا وإقليم كردستان وكذلك الشركات الأجنبية عند أي مشاركة في عمليات تصدير النفط المهرب من أراضي كردستان من دون موافقة بغداد».

وأضاف لعيبي أن «الحكومة تستعد لاتخاذ إجراء قانوني ضد أنقرة»، لافتا إلى أنها «ستدرج في القائمة السوداء أي شركة تتعامل مع مشروع خط الأنبوب المار من أراضي كردستان عبر تركيا دون الموافقات الأصولية من بغداد».

وتأتي هذه التهديدات بعدما تشربت أخبار عن مواقع سياسية كردية على شبكة الإنترنت تشير إلى أن وفدا من حكومة إقليم كردستان سيزور بغداد اليوم.

وأفادت هذه الأخبار غير المؤكدة بأن نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان سيترأس اليوم وفدا لزيارة بغداد ولقاء المسؤولين للعمل باتجاه حلحلة الأزمة بين العاصمة وأربيل.

وكان التحالف الكردستاني أعرب عن «أسفه» لمصادقة مجلس الوزراء على موازنة 2014 «من دون الرجوع إلى ملاحظاته خلال اجتماعه الأخير مع رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي»، وبين أنه «خطأ كبير وخلق لأزمة جديدة»، عادًّا «تهديدات الحكومة الاتحادية بقطع حصة الإقليم من الموازنة بأنه عقاب جماعي للكرد».

وقالت نجيبة نجيب عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني وعضو اللجنة المالية البرلمانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام الفيدرالي لا سيما في بداياته لا يمكن أن يخلو من المشكلات، لكن أن يتحول كل شيء لدينا إلى أزمة طاحنة وعقوبات جماعية، فهو أمر يدل على عدم وجود حسن نية في التعامل مع هذا الملف، وكذلك هناك إصرار مسبق على عدم التوصل إلى حل معقول».

وأكدت نجيب أن «اللجوء إلى سياسة قطع الأرزاق من خلال استقطاع أموال النفط المصدر من الإقليم إلى تركيا من حصة الإقليم من الموازنة أمر غير صحيح، لا سيما أن الجميع لا بد أن يدرك أنه مع عدم تشريع قانون النفط والغاز فإن باب الاجتهادات سيبقى مفتوحا»، مشيرة إلى أن «التركيز الدائم على البعد السيادي والوطني لأي إجراء ينطوي على نوع من المناورة لأن الإقليم لا يعمل خارج الدستور، بل إن الدستور في وضعه الحالي يعطي الأرجحية للإقليم أو للمحافظات غير المنتظمة في حال حصول خلاف مع المركز». وأوضحت أن «المالكي خلال اجتماعنا به الأسبوع الماضي عبر عن عدم رضاه عن تصدير النفط إلى تركيا من كردستان رغم وجود اتفاق مبدئي بشأن ذلك».

من جانبها أكدت وزارة النفط العراقية على لسان الناطق الرسمي باسمها عاصم جهاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «الإجراءات القانونية ضد تركيا لن تشمل مقاطعة الشركات النفطية فقط، بل تشمل كل الشركات العاملة في العراق؛ لأن الأتراك نقضوا ما جرى الاتفاق عليه في آخر زيارة للوفد التركي برئاسة وزير الطاقة إلى بغداد، حيث وافق الجانب التركي على الآليات التي يجري بموجبها تصدير النفط العراقي إلى الخارج وتتمثل بعدة خطوات، وهي احتساب النفط المصدر حسب الكميات، ويجري التصدير عن طريق شركة النفط الوطنية (سومو) وتوضع الإيرادات في صندوق (دي آي إف) حيث تستقطع نسبة خمسة في المائة تعويضات للكويت، وأن يكون التعاقد مع شركات عالمية لديها مصافي نفط تتلاءم مع النفط العراقي»، مشيرا إلى أن «الأتراك رحبوا بذلك، كما جرى الاتفاق أيضا على هذه الآلية مع الأكراد من خلال اجتماع نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني ورئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني». وأوضح جهاد أن «وزارة النفط فوجئت بوجود إعلان مناقصة في إقليم كردستان لتصدير النفط من خلال شركة اسمها (كومو) وبالفعل فقد جرى تصدير كميات من النفط، وهو ما يتناقض مع الدستور والاتفاقيات»، كاشفا عن «وجود اتفاقية بين العراق وتركيا تعود إلى عام 1976 تقوم على موافقة الأتراك على الخطوات السيادية العراقية لتصدير النفط، وما حصل أخيرا إنما هو امتداد لتلك الاتفاقية». وتابع جهاد أن «الحكومة أوعزت إلى وزارة المالية، وطبقا لقانون الموازنات المالية الذي ينص على استقطاع نسبة الضرر من حصة الطرف المتسبب، وبالتالي فإنه سوف يجري استقطاع ما كميته 400 ألف برميل من حصة إقليم كردستان من الموازنة لحين تسليم العائدات إلى الحكومة المركزية»، معتبرا أن «إصرار تركيا على عدم احترام الإجراءات والسياقات والقوانين السيادية العراقية كأنها تعمل على تقسيم العراق، علما بأن كل القرارات والإجراءات العراقية إنما هي إجراءات دولية تعتمدها كل دول العالم في سياق توحيد إيراداتها الوطنية».