مصر تقر الدستور بأغلبية ساحقة.. وجهات سيادية تطالب السيسي بتبكير إعلان موقفه من الرئاسة

رئيس اللجنة العليا للانتخابات: 98.1 في المائة قالوا نعم للدستور.. وعدد المشاركين غير مسبوق

رئيس لجنة الانتخابات يعلن النتائج الرسمية للاستفتاء على الدستور في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

قالت مصادر في جهات سيادية مصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس إنها أشارت على قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي بتبكير إعلان موقفه من الترشح للرئاسة لطمأنة المصريين قبل ذكرى 25 يناير (كانون الثاني) السبت المقبل، وهو الموعد الذي كان مزمعا لإعلان موقفه، وذلك لقطع الطريق على أعمال عنف متوقعة من جانب متشددين موالين للرئيس السابق محمد مرسي، في ذكرى الثورة. في حين أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات، المستشار نبيل صليب، أمس، نتيجة الاستفتاء على الدستور، وقال إن 98.1 في المائة صوتوا بـ«نعم»، وإن عدد المشاركين في الاقتراع غير مسبوق.

وتتخوف السلطات على ما يبدو من وقوع أعمال شغب بداية من يوم الجمعة المقبل من جانب أنصار الرئيس السابق عن طريق استغلال احتفالات المصريين التي كانت مزمعة في عدة ميادين من بينها ميدان التحرير وقصر الاتحادية وأمام مقر الجيش (وزارة الدفاع). وأبلغت المصادر أمس بصدور توجيهات بإرجاء الحشود الجماهيرية وتوجيهها للانعقاد في صالات رياضية مغطاة ومؤمنة بالعاصمة، قائلة إن «السيسي ربما يستبق ذكرى ثورة يناير ويعلن خلال وقت وجيز وقبل نهاية هذا الأسبوع موقفه من الترشح للرئاسة».

وعدت قيادات سياسية ومحللون نجاح الاستفتاء على الدستور بمثابة ضوء أخضر لمح قائد الجيش قبل أسبوع لحاجته إليه للاستجابة لمطالب شعبية تدعوه لخوض انتخابات الرئاسة المقرر أن يفتح باب الترشح لها في منتصف مارس (آذار) المقبل، على أن تجرى الانتخابات نفسها في منتصف أبريل (نيسان) وفقا للمصادر نفسها التي أشارت إلى أن الرئيس المؤقت عدلي منصور سيعلن عن بيان رئاسي خلال فترة وجيزة رجحت أن تكون اليوم (الأحد) دون إعطاء تفاصيل عن مضمون البيان.

وكشفت المصادر السيادية أمس عن أنها أشارت على السيسي بتبكير الإعلان للرأي العام عن موقفه من الترشح للرئاسة، وعدم الانتظار إلى الموعد الذي كان مزمعا وهو السبت المقبل. ويقترن هذا الأمر مع تنبيه أجهزة أمنية معنية على حملات مدنية داعمة لترشح السيسي، لكي تعقد مؤتمراتها الشعبية في صالات رياضية مغلقة، بدلا مما كان مخططا له من مؤتمرات في الميادين الكبرى في ذكرى يناير. ورفضت مصادر عسكرية رسمية التعليق.

وأوضحت المصادر التي تعمل في اثنين من الأجهزة الأمنية الرفيعة في البلاد أنه توجد تعليمات صدرت أمس لقادة تكتلات مدنية بوقف حملات حشد الجماهير التي كانت تهدف للخروج يومي 24 و25 من الشهر الحالي لميدان التحرير وميادين أخرى للاحتفال بذكرى ثورة يناير ونجاح استفتاء الدستور والمطالبة بترشح السيسي للرئاسة، تحسبا لاستغلالها من جانب المتشددين وجماعة الإخوان لإثارة الاضطرابات في البلاد.

وقالت إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يرجح أن يعقد اجتماعا خلال ساعات، مشيرة إلى أنه سيوضع على رأس جدول أعمال هذا الاجتماع حسم مسألة ترشح السيسي للرئاسة من عدمه. وأوضحت أن المؤشرات تقول إن «السيسي سيترشح»، وإنه «سيعلن عن ذلك في خطاب موجه إلى الشعب، خلال اليومين المقبلين، وسيقول فيه إنه سيرشح نفسه استجابة للضغوط الشعبية، وهي ضغوط حقيقية وكبيرة».

وتابعت المصادر أنه وفقا للمعلومات فإن «الجيش كله سوف يبارك هذا الخيار الوطني (ترشح السيسي)، من خلال الاجتماع» المشار إليه. وخص أحد هذه المصادر «الشرق الأوسط» بمزيد من التفاصيل بقوله «جرى التأكيد على قادة التكتلات المدنية التي تطالب بترشح السيسي وتدعو للحشد الجماهيري يومي 24 و25 من الشهر الحالي، بأن عليها أن تغير خطتها وتتقبل احتمال لجوء السلطات لغلق الميادين الكبرى في ذكرى يناير»، مشيرا إلى وجود «تقارير تفيد باعتزام متشددين موالين للرئيس السابق تنفيذ أعمال تخريبية بالقاهرة». وتابع قائلا «الجديد في الأمر أن السيسي أصبح عليه أن يحسم موقفه، والمرجح أن يوافق، وألا ينتظر خروج الناس في 25 يناير». وأضاف «يوجد احتمال أن يكون هناك تراجع عن الحشد في ذلك اليوم. كثير من الفعاليات تقرر وقفها واستعدادها لتغير خططها وفقا لاختلاف الحسابات (الخاصة بالوضع الأمني في ذكرى يناير)».

وفي السياق نفسه، وفي تحول لافت مساء أمس، قررت عدة تكتلات مدنية تضغط لترشيح السيسي للرئاسة، عقد مؤتمراتها «الشعبية الحاشدة» في صالات مغلقة بالعاصمة وليس في الميادين كما كان مقررا «ولو بشكل مؤقت»، وفقا لما ذكره لـ«الشرق الأوسط» عبد النبي عبد الستار، المتحدث باسم حملة «كمل جميلك» المؤيدة لترشح السيسي.

ومن جانبه، قال «تيار الاستقلال»، الذي يقوده خليط من سياسيين ونواب ووزراء سابقين وفنانين ومثقفين، إنه قرر إقامة مؤتمر شعبي كبير يوم غد (الاثنين) في الصالة المغطاة باستاد القاهرة في شرق العاصمة «احتفالا بنتيجة الاستفتاء على الدستور»، و«دعم استكمال خارطة المستقبل»، و«مطالبة الفريق أول السيسي بالترشح للرئاسة نزولا على رغبة الشعب المصري»، بحسب ما قاله المستشار أحمد الفضالي، رئيس «تيار الاستقلال».

ومن المزمع مشاركة ثلاثة على الأقل من وزراء من الحكومة الحالية في هذا المؤتمر، من بينهم كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة، وأحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي. وقال الفضالي، الذي برز اسمه في مرحلة ما بعد 30 يونيو (يونيو) ضمن مجموعة أسماء تقود تكتلات مؤيدة للجيش وتدعو لإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، إن «جموع الشعب تقدر للقوات المسلحة والشرطة والقضاء دورهم في نجاح الاستفتاء رغم التحديات والتهديدات والمخاطر من الجماعة الإرهابية»، في إشارة إلى جماعة الإخوان التي تصنفها الحكومة منذ الشهر الماضي كـ«منظمة إرهابية».

كما قررت تكتلات أخرى عقد مؤتمرات يوم بعد غد (الثلاثاء) في الصالة المغطاة أيضا، منها «جبهة مصر بلدي» وتكتل يحمل اسم «مجلس شورى القبائل العربية». وقال النائب البرلماني السابق أحمد رسلان، رئيس المجلس، لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف هو «الاحتفال بالدستور ومطالبة الفريق أول السيسي بالترشح للرئاسة». وأضاف أن «السيسي سيترشح بعد ما ظهر من التفاف شعبي حول القوات المسلحة والمؤسسة العسكرية من خلال نتيجة الاستفتاء على الدستور».

وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع إعلان اللجنة العليا للانتخابات أمس نتيجة الاستفتاء على الدستور رسميا، بعد أن جرى التصويت عليه يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين. وقال المستشار صليب، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، إن عدد المشاركين في الاستفتاء بلع 20613677 ناخبا، بما نسبته 38.6 في المائة من عدد الناخبين البالغ إجماليه 53423485 ناخبا، وإن نسبة من قالوا نعم بلغت 98.1 في المائة.

وشدد صليب على أن العدد الكبير للمشاركين في الاستفتاء لا سابق لها من قبل، مشيرا إلى أن عدد من أشرفوا على الاستفتاء بلغ 15560 قاضيا، و116918 معاونا، في 352 لجنة عامة و30317 لجنة فرعية و146 لجنة وافدين. وأضاف أن الاستفتاء الأخير هو أعلى رقم لمشاركة الناخبين وأعلى نسبة للتصويت، مقارنة بمن شاركوا في دستور 2012 حيث كان عدد الناخبين 17 مليون ناخب بنسبة 32.9 في المائة.