اتفاق جنيف النووي المرحلي يدخل حيز التنفيذ.. وإيران تأمل في تسوية شاملة

طهران استنكرت نشر واشنطن للوثيقة «للإيحاء بأنها رسمية»

TT

يدخل اليوم الاتفاق النووي المرحلي، الذي أبرم في جنيف في الـ24 من نوفمبر (تشرين الثاني) بين إيران ومجموعة الدول الكبرى (5+1)، حيز التنفيذ، حيث توقف طهران كل أنشطتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، كما تبدأ المرحلة الأولى للخلاص مما خصبته منه، مقابل رفع محدود للعقوبات الدولية المفروضة عليها.

وأعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن «أمله» أمس في أن يؤدي الاتفاق المؤقت مع القوى العظمى إلى تسوية شاملة حول البرنامج النووي الإيراني المثير للخلاف. وبموجب الاتفاق تجمد إيران ولمدة ستة أشهر الأنشطة النووية الحساسة في مقابل رفع جزئي للعقوبات الغربية. وستتيح هذه الفترة بدء محادثات حول اتفاق شامل يتعلق بالبرنامج النووي من شأنه أن يؤدي إلى تسوية أزمة بين إيران والمجموعة الدولية مستمرة منذ أكثر من 10 سنوات.

وقال ظريف في تصريحات: «آمل أن يؤدي تطبيق المرحلة الأولى من خطة العمل (المشتركة) التي أعدت في جنيف إلى نتائج إيجابية للبلاد وللأمن الإقليمي والدولي». وأضاف: «وأن يفتح ذلك الطريق إلى مفاوضات جدية من أجل حل شامل» مع بلدان مجموعة «5+1» (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا بالإضافة إلى ألمانيا)، فقد تعهدت إيران ابتداء من اليوم بالحد من تخصيب اليورانيوم بحدود خمسة في المائة وتحويل مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة وتجميد أنشطتها في موقعي نظنز وفوردو وفي مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل ووقف تركيب أجهزة الطرد المركزي التي يبلغ عددها 19 ألفا في الوقت الراهن، في هذه المواقع.

وسيشرف على تطبيق هذه التدابير ويؤكدها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إحدى وكالات الأمم المتحدة. وشدد الرئيس الإيراني حسن روحاني على القول الخميس إن التوصل إلى اتفاق شامل سيكون «مهمة صعبة». وأضاف: «صحيح أن بنية العقوبات ما زالت قائمة لكننا أسقطنا ركيزة أو ركيزتين».

ويتعرض روحاني لضغوط من قسم من أعضاء مجلس الشورى الذي يهيمن عليه المحافظون الذين يعتبرون أن الحكومة قدمت كثيرا من التنازلات للدول العظمى. وفي الولايات المتحدة يحاول الرئيس باراك أوباما منع الكونغرس من التصويت على عقوبات جديدة ضد طهران، على أن تدخل حيز التنفيذ إذا ما فشلت المفاوضات الحالية.

ويشرف على تنفيذ الاتفاق النووي المؤقت فرق تفتيش تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وصلت طلائعها طهران فجر أول من أمس. وتوجه الوفد أمس لمنشأتي نظنز وفوردو لمراقبة يومية ولصيقة لإجراءات التطبيق، بما في ذلك خلاص إيران من نصف أجهزة الطرد المركزي بنطنز وثلاثة أرباع ما تمتلكه منها بمنشأة فوردو، على أن يرفعوا تقارير متتابعة لإثبات الصدقية أو عدمها حيال التزام إيران بالاتفاق.

ووفقا للتقرير الأخير الصادر من مدير عام الوكالة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإن إيران حتى ذلك التاريخ كانت تمتلك 19 جهاز طرد مركزي كما نجحت في تخصيب 196 كيلوغراما من اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وما يزيد عن سبعة آلاف كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسب أقل.

يذكر أن مدير الوكالة ظل يرفع تقارير دورية عن النشاط النووي الإيراني منذ 2003 بعد أن تكشف في سنة 2002 أن لإيران نشاطا نوويا ظل سريا طيلة 18 سنة.

في غضون ذلك التزمت إيران وفق اتفاق جنيف على أن لا تزيد نسبة ما تخصبه من يورانيوم فوق خمسة في المائة، وأن تقلل من نسبة ما خصبته من يورانيوم بنسبة 3,5 في المائة، كما التزمت بعدم تكملة تشييد ما تبقى من مفاعل آراك للمياه الثقيلة أو تزويده بالوقود والمياه الثقيلة. في سياق آخر استنكر عباس عراقجي كبير المفاوضين، نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية، صباح أمس، نشر واشنطن لوثيقة عن اتفاق جنيف باعتبار أنها، كما قال لوسائل إعلام محلية، محاولة لإعطاء وثيقة غير رسمية صفة رسمية رغم أن طرفي جنيف بعد اتفاقهما قد أجريا مباحثات حول أسلوب تطبيقه، وكانت النتيجة التوصل إلى انطباعات واستنتاجات بشكل شفهي في إطار غير مكتوب «غير ورقي»، مؤكدا أنهم، أي المفاوضون الإيرانيون لم يخفوا شيئا عن الشعب الإيراني وأنهم نشروا بكل شفافية ما جرى الاتفاق عليه، كما أنهم وزعوا ما اتفق عليه بجنيف على كل الأجهزة الإيرانية المسؤولة. ورجح عراقجي أن تكون الإدارة الأميركية قد أقدمت على نشر الوثيقة «غير الرسمية»، ليس كمعيار للتحكيم، بل للاستهلاك المحلي بسبب المشكلات الموجودة بين البيت الأبيض والكونغرس واختلافهما حول ضرورة فرض عقوبات جديدة ضد إيران.

ولم يغفل عراقجي عن تجديد التهديد أن إيران بإمكانها أن تعيد نشاطاتها النووية إلى حالتها السابقة في حال لم تلتزم المجموعة الدولية وفي حال فرضت عقوبات جديدة ضد إيران.

يذكر أن واشنطن كانت قد سارعت عقب التوصل إلى اتفاق جنيف بنشر بنوده التي تنص على التزام إيران بوقف تخصيب اليورانيوم إلى مستوى أعلى من خمسة في المائة، وهو ما أثار حفيظة طهران. وأشارت الوثيقة التي نشرتها واشنطن إلى أن طهران ستتخلص من مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، وستوقف التقدم في نمو مخزونها بنسبة 3,5 في المائة، ولن تقوم بتركيب أجهزة طرد مركزي إضافية من أي نوع. كما التزمت بأن لا تطور أو تكمل العمل بمفاعل آراك للماء الثقيل وأن تسمح للوكالة الدولية التي تقوم بالتحقق من تنفيذها لبنود الاتفاق بمعاينته ومعاينة تصميمه، وأن تسهل عمل الوكالة بصورة شبه يومية لمواقع نظنز وفوردو، حيث كانت تجري عمليات التخصيب ولجميع مرافق تخزين اليورانيوم.

مقابل ذلك، تعهدت المجموعة الدولية بتقديم مساعدات محدودة ومؤقتة لإيران مع الحفاظ على معظم العقوبات، بما في ذلك النفطية والمصرفية، كما التزمت بعدم فرض أية عقوبات جديدة خلال الأشهر الستة التي حددت للاتفاق، أيضا ينص الاتفاق على إزالة الحظر على بعض العقوبات المفروضة على شراء الذهب والمعادن الثمينة، وصادرات إيران البتروكيماوية مما يعود لإيران بمبلغ 1,5 مليار دولار، كما يسمح لبعض شركات الطيران بتراخيص لعمليات صيانة داخل إيران.