الرئيس المصري: بدأنا طريقا صعبا لكنه الطريق الصحيح

منصور يستقبل وفدا من الكونغرس ويلتقي اليوم الرئيس اليوناني في أثينا

وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي خلال استقباله أمس وفد الكونغرس الأميركي بمقر وزارة الدفاع في القاهرة (صفحة المتحدث باسم الجيش «فيس بوك»)
TT

وسط موجة من الترحيب المتنامي عربيا ودوليا بإنجاز أولى خطوات «خارطة الطريق المصرية، وجه الرئيس المصري المستشار عدلي منصور كلمة عبر التلفزيون، الليلة الماضية، هنأ فيها الشعب المصري بالدستور الجديد، وقال، إن «الشعب يبرهن يوما تلو الآخر على الوعي الوطني الثاقب وتغليبه للمصلحة الوطنية». وأضاف أن «ما شهدناه من إقبال كبير على الاستفتاء على الدستور يدلل على أننا بدأنا طريقا، قد يكون صعبا، لكنه الطريق الصحيح». ووجه منصور التحية لشباب ثورة 25 يناير و30 يونيو وضحاياها، وقال إن «دور الشباب لم يكتمل بعد، وإنهم في بداية الطريق للتمكين ودعاهم للانخراط في الحياة السياسية من خلال العمل الحزبي».

كما أشار إلى أن «إقرار الدستور الجديد، وسيلة وخطوة وطنية جادة لوطن سيظل مهدا للحضارات وقلبا نابضا لمحيطه العربي ومركز إشعاع دينيا وثقافيا للعالم الإسلامي والعالم بأسره». وأضاف أن «الدستور سيتحول لقوانين لضمان الحقوق والحريات».

ودعا الأحزاب والقوى السياسية لاستغلال الأجواء الديمقراطية والتوافق على مصلحة الوطن. وقال إن «النجاح في مصر لن يكون إلا للأصلح». ووجه التحية للمرأة المصرية لدورها في الوعي السياسي وإشعال جذوة ثورتي يناير ويونيو والإقبال على الاستفتاء على الدستور. كما وجه التحية للقضاة ومن أشرفوا على الاستفتاء، وكذا للضباط والجنود الساهرين على تأمين الوطن.

في غضون ذلك، ووسط تفاؤل من جانب الحكام الجدد في القاهرة بشأن تطور العلاقات بين بلادهم وعدد من دول العالم التي انتقدت عزل الرئيس السابق محمد مرسي، خاصة من جانب بلدان غربية، بدت أمس «انفراجة متوقعة» في هذه العلاقات لأول مرة منذ نحو ستة أشهر، وذلك في أعقاب الالتفاف الشعبي الكبير حول خارطة المستقبل التي أعلنها قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، عقب الإطاحة بمرسي في يوليو (تموز) الماضي، وجرى إنجاز أول مراحلها بنجاح الاستفتاء الشعبي على الدستور.

وقبل ساعات من توجهه إلى اليونان التي تولت الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في الأول من هذا الشهر، وتستمر رئاستها إلى نهاية النصف الأول من عام 2014، استقبل الرئيس منصور بمقر الرئاسة في ضاحية مصر الجديدة أمس وفدا من الكونغرس الأميركي، بحضور القائم بأعمال السفير الأميركي في القاهرة، ديفيد ساترفيلد، الذي قال خلال اللقاء إن «الاستفتاء على الدستور مثل، بلا شك، انعكاسا لإرادة الشعب المصري التي تحترمها الولايات المتحدة»، مشيرا إلى تقييم المراقبين للانتخابات بأنها كانت نزيهة، وأن ما شابها من مشكلات كان محدودا ولأسباب فنية غير مؤسسية.

كما التقى الفريق أول السيسي مع وفد الكونغرس. وقال العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، المتحدث باسم الجيش، إن الوفد قدم التهنئة للقوات المسلحة والشعب المصري بنجاح عملية الاستفتاء على الدستور، والتأسيس لمرحلة جديدة من التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر، وتمكين الشعب المصري من التعبير عن إرادته في مناخ من الحرية والديمقراطية لاستكمال خارطة المستقبل. وأضاف أن اللقاء تناول تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاسها على الأمن والاستقرار بالمنطقة، ومناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في ضوء علاقات التعاون العسكري بين مصر والولايات المتحدة الأميركية.

وفي القصر الرئاسي، قال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن الوفد قدم التهنئة للرئيس منصور على إنجاز أول استحقاق رئيس لخارطة المستقبل، والذي تمثل في إقرار الدستور الجديد بهذه النسبة الفائقة، فضلا عن الإعراب عن دعم وتضامن الكونغرس مع مصر، مشيدا بالالتزام بالجدول الزمني لخارطة المستقبل على الرغم من عبء مكافحة الإرهاب، الذي تواجهه مصر في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها.

وأضاف أن الوفد عبر عن دعمه وتطلعه لبلورة الاستحقاقات الأخرى لخارطة المستقبل بما يدعم العلاقات البرلمانية بين البلدين بصفة خاصة، وعلاقاتهما الثنائية بصفة عامة. وتابع أنه جرى أثناء اللقاء استعراض مختلف جوانب العلاقات المصرية - الأميركية، وسبل دعمها وتطويرها، بما في ذلك العلاقات العسكرية وتكنولوجيا تحلية وإعادة استخدام المياه والفرص الاستثمارية المتاحة في مصر.

ومن جانبه، أكد القائم بأعمال السفير الأميركي، على الأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها مصر في منطقة الشرق الأوسط بأسرها. كما أشار أعضاء الوفد إلى أن الكونغرس الأميركي يدرك أهمية التحديات التي تواجهها مصر في المرحلة الانتقالية، مؤكدين على حرص بلادهم على دعم وتطوير العلاقات المصرية الأميركية. وأشاد أعضاء الوفد بمواد الحقوق والحريات التي زخر بها الدستور الجديد، سواء فيما يتعلق بحرية التعبير عن الرأي أو حرية الاعتقاد والدين، فضلا عن زيادة المخصصات المالية لقطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي.

وأكد الرئيس منصور أن هذه النصوص الدستورية يتعين تحويلها إلى قوانين ملزمة ومكسبة لهذه الحقوق والحريات، مشيرا إلى أن العبرة دائما تكون بالتطبيق، ونوه إلى أن الشعب المصري الذي تمكن من إزاحة رئيسين في غضون ثلاث سنوات يعد هو الضامن الأساسي لترجمة هذه النصوص الدستورية على أرض الواقع. وشدد على أهمية إدراك الإدارة الأميركية لطبيعة ونوعية التحديات التي تواجهها مصر في هذه المرحلة، لا سيما أن المصالح الحقيقية لا يمكن تحقيقها إلا مع دول وحكومات قوية ومدعومة شعبيا.

وأكد الرئيس المصري للوفد الأميركي أن حق التظاهر السلمي مكفول، أما اللجوء إلى العنف وتعطيل مسيرة الوطن واقتصاده، فهو أمر مرفوض جملةً وتفصيلا، وستقف الدولة المصرية في مواجهته بكل قوة وحسم. كما أثنى الرئيس منصور على النظام القضائي المصري، واصفا إياه بأنه قضاء عريق، راسخ، ذو تقاليد، ويقدم محاكمات عادلة.

وفيما عدته مصادر في الخارجية المصرية بوادر لتحول محتمل في العلاقات المصرية الأميركية، التي أصيبت ببعض الفتور بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق، أشاد وفد الكونغرس أثناء لقائه بمسؤولين في وزارة الخارجية المصرية بإنجاز مصر بعض خطوات خارطة المستقبل، التي أعلنها الفريق السيسي عقب عزل مرسي قبل ستة أشهر. وجدد السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية التزام بلاده بتنفيذ باقي استحقاقات خارطة المستقبل من انتخابات رئاسية وبرلمانية.

وقال عبد العاطي إن الوفد الأميركي أشاد بإنجاز أول استحقاقات خارطة المستقبل، وذلك أثناء لقائه مع نائب وزير الخارجية السفير حمدي سند لوزة. وتناول السفير لوزة أهمية العلاقات بين البلدين في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والحوار الاستراتيجي الجاري الترتيب له بين البلدين، وضرورة العمل على دفع العلاقات الاقتصادية والسياحية بين البلدين في ضوء التحسن الملموس للأوضاع الأمنية.

وعلى صعيد متصل، قالت الرئاسة المصرية إن منصور يتوجه اليوم (الاثنين)، في أول زيارة خارجية له بعد إقرار الدستور، إلى اليونان. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن منصور سيعقد عقب وصوله أثينا جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء اليوناني، أنتونيس ساماراس. وأضاف أن الزيارة تعد الزيارة الخارجية الأولى التي يجريها الرئيس عقب إنجاز أول استحقاقات خارطة المستقبل، وفي إطار رغبة البلدين في تدعيم وتطوير العلاقات الثنائية بينهما في شتى المجالات.

ويرافق منصور في زيارته للعاصمة اليونانية، والتي تستغرق يوما واحدا، وفد يضم كلا من وزير السياحة هشام زعزوع ووزير الخارجية نبيل فهمي. ويجري منصور جلسة مباحثات منفردة مع الرئيس اليوناني كارلوس بابولياس، بالقصر الجمهوري، يعقبها مؤتمر صحافي مشترك لرئيسي الدولتين. ثم يقيم الرئيس اليوناني مأدبة غداء على شرف نظيره المصري.

وتلقى منصور أمس اتصالا هاتفيا من الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان هنأه فيه بنتيجة الاستفتاء، وبخيار الشعب المصري نحو الاعتدال والديمقراطية. وأكد سليمان على الدور الرائد لمصر على الصعيدين العربي والدولي، معربا عن تمنياته للشعب المصري بالاستقرار، والازدهار للبلاد.

كما بعث أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمس، ببرقية تهنئه إلى الرئيس المصري عبر فيها عن خالص تهانيه بمناسبة نجاح عملية الاستفتاء على الدستور، وقال إنه خطوة هامة في خارطة المستقبل الهادفة لتحقيق الاستقرار والتنمية في مصر.

من جهته، وصف رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي نتائج الاستفتاء على الدستور المصري الجديد بأنها «مؤشر على رغبة الشعب المصري في الأمن والاستقرار ورفض العنف والإرهاب».

وقال المالكي، في برقية تهنئة إلى الشعب المصري، أمس: «أعرب باسمي، ونيابة عن الحكومة العراقية، عن التهاني الحارة للشعب المصري الشقيق والقيادة المصرية بنجاح الاستفتاء على الدستور المصري الجديد».

وأضاف أن «التأييد الكاسح للمصوتين المصريين لدستورهم الجديد، يمثل أكبر ضمانة لمستقبل مصر، كما يُعدّ مؤشرا على رغبة الشعب المصري الشديدة بالانطلاق نحو مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار والحرية، ورفض العنف والإرهاب».

وتابع: «إننا إذ نبارك للشعب المصري ولقيادته الشجاعة هذا الإنجاز الكبير، فإننا نتطلع إلى عودة مصر إلى ممارسة دورها الريادي في العالم العربي والمنطقة».