طهران توقف التخصيب بنسبة 20 في المائة.. وواشنطن وبروكسل تخففان العقوبات عليها

بدء المفاوضات حول الاتفاق النووي النهائي في جنيف

تقني تابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية يقوم بتفتيش جانب من حقل تخصيب اليورانيوم في مدينة أصفهان الايرانية (إ.ب.أ)
TT

لأول مرة منذ عقد، أوقفت إيران تقدم برنامجها النووي ضمن اتفاق دولي يهدف إلى تجميد البرنامج النووي الإيراني إلى حين التوصل إلى اتفاق نهائي يمنع إيران من تطوير سلاح نووي. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران عطلت ظهر أمس أجهزتها التي ظلت لسنوات تدور لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة كما بدأت في إجراءات العلميات الفنية الخاصة بالخلاص مما خصبته بهذه النسبة العالية وأكسدته بحيث لا يصبح مصدر خطر نووي.

وأشرف مراقبون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مهام التحقق والرقابة الخاصة بمدى التزام إيران بالاتفاق الذي وقعته طهران 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مع المجموعة الدولية وبموجبه قبلت الحد من أنشطتها النووية مقابل رفع محدود للعقوبات الدولية المفروضة عليها. وأصدرت الوكالة الدولية تقريرا أمس يؤكد وقف طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، مما أدى إلى إعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بدء سريان الاتفاق المؤقت لتخفيف العقوبات عليها.

وكان فريق رقابة يتبع للوكالة قد شهد بمفاعلي ناتانز وفوردو ظهر أمس عمليات فصل أجهزة التغذية المتسلسلة التي تدور داخل أجهزة الطرد المركزي التي يتم شحنها باليورانيوم في هيئة غازية لتخصيبه للحصول على نسبة نقاء بنسبة 20 في المائة، وضمن ذلك تأكد المراقبون من إغلاق تلك الأجهزة كما شهدوا وقف إيران العمل بمفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل، وكان من المفترض في حال اكتماله هذا العام أن ينتج البلوتونيوم، الذي يعتبر مادة شديدة الانفجار تستخدم كبديل لليورانيوم المخصب.

إلى ذلك، أشارت الوكالة في تقريرها الذي رفعته للدول الموقعة على اتفاق نوفمبر الماضي، المعروف باتفاق جنيف، أن إيران قد سلمتها معلومات تختص بورش تجميع أجهزة الطرد المركزي ومنشآت تخزين اليورانيوم. وقال تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران بدأت تخفيف تركيز مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة وتقوم بتحويل بعض احتياطياتها إلى أكسيد لإنتاج وقود المفاعل مما يجعل المادة أقل فعالية لأي محاولات لإنتاج قنبلة نووية.

بدوره، كان علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة النووية الإيرانية، قد أكد لوسائل الإعلام الإيرانية أمس أن إيران ستنفذ اتفاق جنيف، فيما بادر مدير عام قواعد السلامة والأمان بالهيئة لتأكيد خبر تعليق التخصيب، وفق اتفاق جنيف، معللا التأخير لبعض ساعات بمشاورات فنية أجراها وفد من وكالتهم مع وفد الوكالة الأممية.

ووصل المديرون السياسيون للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا إلى جنيف لبدء البحث في كيفية التوصل إلى اتفاق نهائي يضمن عدم تطوير إيران سلاح نووي. ويسعى الاتفاق المؤقت، ومدته 6 أشهر، لإتاحة فرصة زمنية للمفاوضين الإيرانيين ومفاوضي الدول الست للتوصل إلى اتفاق نهائي من دون السماح لطهران بانتهاز تلك الفترة فرصة لتطوير برنامجها النووي.

ونجح اتفاق جنيف في الوصول لبنود تهدف لتقليص أهم الأنشطة الإيرانية النووية التي يخشى المجتمع الدولي أن تؤدي لاكتسابها سلاحا نوويا رغم الإنكار الإيراني والإصرار على أن نشاطها النووي لأغراض مدنية سلمية، وذلك مقابل رفع لبعض العقوبات وفك حظر بعض الأموال الإيرانية المجمدة، ويبدأ ذلك بتسليم إيران خلال فترة الأشهر الستة التي حددت للاتفاق لمبلغ 4.2 مليار دولار، كما سيسمح لها بمخصصات أزيد، ومن ذلك التجارة في المعادن النفيسة بما في ذلك الذهب والحصول على معونات وانفراج في الحظر المفروض على خطوطها الجوية.

وبدأت الولايات المتحدة خطوات فعلية لتخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران أمس. وقال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض «ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم أن إيران اتخذت خطوات محددة التزمت بتنفيذها قبل العشرين من يناير (كانون الثاني) الحالي كجزء من خطة العمل المشتركة مع مجموعة خمسة زائد واحد، ونتيجة لذلك فإن تنفيذ خطة العمل المشتركة سيجري». وشدد كارني على أن غالبية العقوبات المفروضة على إيران «ستبقى سارية المفعول خلال الأشهر الستة المقبلة، وهي الفترة التي من المقرر أن يتوصل المجتمع الدولي مع إيران على اتفاق نهائي حول برنامجها النووي». وتخفيف العقوبات الذي سيستمر ستة أشهر يتيح لست دول تبتاع النفط الإيراني هي الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا وتايوان مواصلة عمليات شرائها المحدودة للنفط الإيراني. كذلك، أعلنت الإدارة الأميركية أنها تعمل مع شركائها وطهران بهدف تحديد التفاصيل المالية بهدف السماح لإيران بإجراء نفقات إنسانية وطبية إضافة إلى تسديد كلفة المنح الدراسية لطلابها في الخارج، وفق بيان لوزارة الخزانة. وستسمح الولايات المتحدة أيضا وفي شكل تدريجي عمليات شراء قطع غيار وإجراءات تفتيش أمنية لبعض الرحلات التي يقوم بها الطيران الإيراني. وأضافت وزارة الخزانة الأميركية أن «عمليات تعليق هذه العقوبات كلها مشروطة بمواصلة التزام إيران» بمختلف مراحل اتفاق جنيف، موضحة أنه «إذا تأكد عدم وفاء إيران بالتزاماتها فإن حكومة الولايات المتحدة ستوقف هذا التعليق».

بدورهم، شدد مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى أمس على أن تخفيف العقوبات الأميركية عن إيران يشكل «تخفيفا ماليا محدودا». وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية في اتصال بعدد من الصحافيين «أود أن أشدد على أن هذا الأمر لا يعني انفتاح إيران على التجارة. على العكس تماما، فإن الغالبية الكبرى من عقوباتنا والهيكلية الأساسية للعقوبات المالية والنفطية باقية» كما هي. وأضاف أن «الإدارة ملتزمة تطبيق هذه العقوبات في شكل قوي». وشدد المسؤول على أن «العقوبات التجارية والمصرفية باقية، كما سنبقي على العقوبات المتعلقة بمكافحة الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان».

وأكد البيت الأبيض أن واشنطن ستستمر في التعاون مع مجموعة خمسة زائد واحد والاتحاد الأوروبي في عملية التفاوض للتوصل إلى حل شامل على المدى الطويل يسعى لمعالجة مخاوف المجتمع الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني. وقال البيت الأبيض «الولايات المتحدة ملتزمة باستخدام الدبلوماسية القوية والمنضبطة للتوصل إلى حل سلمي من شأنه منع إيران من الحصول على سلاح نووي».