فريق الدفاع عن المتهمين في المحكمة الدولية ينتقد استناد الادعاء إلى «نظرية الاتصالات»

الحريري يواكب المحاكمات ويتهم الأسد بإعطاء الأوامر

TT

انتقلت جلسات المحاكمة الخاصة باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، أمس، إلى مرحلة الدفاع، إذ أتاحت لفريق الدفاع عن المتهمين مصطفى بدر الدين وحسين نعيسي الرد وتقديم حججه، بعدما قدم الادعاء الأسبوع الماضي القرار الاتهامي، على أن يبدأ الادعاء بتقديم الجزء الأول من الملف بدعوة ثمانية من الشهود إلى المحكمة، غدا (الأربعاء).

وتوقف فريق الدفاع عن المتهمين اللذين ينتميان لحزب الله اللبناني، في مرافعته، عند ما وصفها بـ«ثغرات» الادعاء، التي تمثلت بغياب أي أدلة «تثبت وجود انتحاري في مسرح الجريمة»، كما الغموض الذي اكتنف مصدر المتفجرات التي استخدمت في العملية، واستناد الادعاء إلى «نظرية الاتصالات لفشله في تحديد هوية الانتحاري»، متهما الحكومة اللبنانية بأنها «تعتمد سياسة الكيل بمكيالين في انتهاك صارخ لواجباتها بالتعاون مع الطرفين».

وواكب رئيس تيار المستقبل، ورئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري، مرافعات الدفاع في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بالإعراب عن اعتقاده أن الرئيس السوري بشار الأسد كان وراء مقتل والده في انفجار شاحنة مفخخة عام 2005، ووجهت الاتهامات على نطاق واسع إلى حزب الله. وقال الحريري في حديث لراديو «أوروبا 1»: «الكل يعرف من أعطى الأمر. هو بشار الأسد. يوما ما سننال منهم وسيدفعون ثمن ما فعلوا»، في إشارة إلى محاكمتهم أمام المحكمة الدولية. كما حمّل الحريري الأسد مسؤولية اغتيال أحد أقرب مستشاريه الوزير السابق محمد شطح في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

في المقابل، رأى الأسد أن «ما يحصل في المحكمة الخاصة بلبنان (مسيس)»، معتبرا أنه «يهدف إلى الضغط على حزب الله» الذي يقاتل إلى جانب قوات النظام في سوريا. وقال الأسد في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إنه لم ير «أي دليل حسّي قُدّم حول الجهات التي تورطت في هذه القضية».

ورد الناطق الرسمي باسم المحكمة مارتن يوسف على الأسد بالتأكيد أن «الإجراءات في المحكمة قانونية وقضائية بحتة، وليست لها علاقة بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد»، مشيرا في حديث للوكالة الوطنية للإعلام إلى أن الادعاء «يتهم أشخاصا فقط، ولا يتهم أحزابا أو حكومات»، لافتا إلى أن الدفاع «له مطلق الحق في الترافع والدفاع عن المتهمين، وأهم جزء من الإجراءات في هذه المحكمة هو سماع صوت المتضررين».

وكان رئيس غرفة الدرجة الأولى القاضي ديفيد راي، افتتح جلسة المحكمة، مشيرا بإضافة اسم شاهد من آل الغلاييني إلى لائحة الشهود. وتحفظ رئيس مكتب الدفاع فرنسوا رو على حضور محامي المتهم الخامس من حزب الله حسن مرعي الجلسات بصفة مراقب، موضحا أن «اسم مرعي ذكره الادعاء 124 مرة من دون أن تكون لفريق الدفاع عنه فرصة للرد»، مؤكدا أنه «لا يحق للمدعي العام اتهام مرعي قبل الإجراءات التمهيدية للاتهام»، مطالبا «بالتوقف عن انتهاكات حقوق مرعي». في المقابل، أوضح القاضي راي أن غرفة الدرجة الأولى «لم تستلم أي طلب من محامي مرعي بتأجيل موعد المحاكمة»، مؤكدا أن «التصريحات التمهيدية ليست إلا عرض للأدلة التي ينوي الادعاء استخدامها في المحاكمة».

وبدأ فريق الدفاع عن المتهم بدر الدين الذي وجهت إليه تهمة الإعداد للتفجير وتنفيذه، إلى جانب سليم عياش، بتأكيد محامي الدفاع عنه أنطوان قرقماز، أنه «يجب الحرص على ألا تتحول هذه المحكمة إلى محكمة وهمية»، مشددا على أن «محامي الدفاع لم يتمكنوا من إجراء تحقيقات معمقة حول القضية»، معلنا أن «الحكومة اللبنانية لا تتعاون معنا وهي تعتمد مبدأ الكيل بالمكيالين».

ورأى قرقماز أن «ملف التحقيقات تشوبه ثغرات كبيرة واختلال في التوازن، وأن هناك محاولة لإخفاء الوقائع عبر ملاحقات صورية خلال الجلسات»، معتبرا أن المحكمة «باتت تخدم غايات لا تزال غير معروفة حتى هذه اللحظة». وإذ أكد قرقماز أن «الانتهاك الأسوأ للمتهمين يندرج في طبيعة المحاكمات الغيابية»، اعتبر أن «التوصيف القانوني للعمل الإرهابي لا أساس له». وأكد أنه «ما من أدلة تثبت وجود انتحاري في مسرح الجريمة»، مشيرا إلى أنه «لا دليل على أن صور السيارة التي عرضت هي السيارة المفخخة». وقال إن «الأدلة التي قدمها الادعاء ظرفية لا مادية ولا يقبل بها القانون وسنطعن فيها»، لافتا إلى أن «الادعاء لا يستدعي أي شاهد يؤكد مشاركة بدر الدين في الاعتداء».

وكان الادعاء أكد أن بدر الدين تولى الاتصالات المغلقة وترأس المجموعة التي نفذت الاغتيال في 14 فبراير (شباط) 2005، فيما اتهم حسين عنيسي بتلفيق الشريط المسجل الذي زعم فيه أبو عدس مسؤوليته عن العملية، وسط شكوك قدمها الادعاء بأن «محمد» الذين تواصل مع أبو عدس قبل العملية، هو نفسه عنيسي.

وأوضح محامي الدفاع عن عنيسي، ياسر حسن «اننا لسنا في مرحلة إبداء الدفاع الموضوعي، بل إبداء ملاحظات»، متهما الادعاء «بإعاقة عمل الدفاع عبر تأخير وصول المستندات إليه»، وذلك «حين أصدر الادعاء (داتا الاتصالات) كما وردت من الحكومة اللبنانية. كل الاتصالات جرى الحصول عليها منذ ما يزيد على أربع سنوات»، مشيرا إلى أن «هناك من منع تتبع إجراءات التحقيق اللبنانية وتعقب الحقائق». واعتبر حسن أن «نظرية الادعاء افتراضية تستند إلى غياب المتهمين»، معتبرا أن «الادعاء يستند إلى نظرية الوجود المكاني دون البحث عن السبب، كما يستند إلى نظرية الاتصالات لفشله في تحديد هوية الانتحاري».

بدوره، قدم محامي الدفاع عن المتهم عنيسي، فانسان كورسيلابروس، مرافعته، طالبا «المساعدة في التوازن مع الادعاء حول وفرة الموارد». وقال «نحن في فريق الدفاع متفاجئون من أن بعض العناصر التي يتضمنها الملف اختفت فجأة»، مؤكدا أن «هذا الملف هو اتهام سياسي وأمامنا ملف بلا دافع، والمدعي العام لا يتحدث إلا عن عدد ضئيل من المعلومات حول أبو عدس».

ورأى كورسيلابروس أنه «من حقنا السؤال عن سبب التخلي عن بعض خيوط التحقيق»، مشيرا إلى «اننا ضحية غموض وضعنا به المدعي العام». وأعلن أن الدفاع سيطلب «كل المساعدة الممكنة التي تمكنا من الخروج من هذا الممر الضيق الذي نحن فيه»، وقال «أمامنا ملف بلا دافع جنائي واتهام باغتيال سياسي». وقال «ملف الادعاء يفتقد إلى الأدلة لإدانة عنيسي وأدلة المدعي العام أقرب إلى التجريد». ورأى أنه «من الثغرات عدم معرفة مصدر المتفجرات ومن نظم المؤامرة».

وإذ أكد أن «الاتهام لا يستند إلى وقائع ثابتة، هو مجرد تأكيد لفرضية» و«لا ندين متهما ما لأن هناك ملاءمة قي الأدلة»، اعتبر أن «الاتهام الذي أدلى به المدعي العام أشبه بعرض للعضلات يهدف إلى تأكيد الأدلة الظرفية، إنه فرضية غير مؤكدة لن تصبح ثابتة».