البرلمان الليبي يفشل في إقالة زيدان ويكشف عن خطة بديلة لتسليم السلطة إلى «أي جهة»

رئيس الحكومة يتهم «الإخوان» مجددا ويتعهد باستعادة حقول النفط الشرقية

كيم كيو هيون نائب وزير خارجية كوريا الجنوبية خلال اجتماع في مقر وزارة الخارجية لبحث اختطاف مسؤول تجاري كوري في ليبيا امس (إ.ب.أ)
TT

بينما ضمن رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا علي زيدان البقاء في منصبه بسبب استمرار الخلافات بين الليبراليين والإسلاميين، أقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) تعديلا لامتصاص غضب الداعين إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة يضمن للمؤتمر إما البقاء حتى نهاية العام الحالي، أو تسليم السلطة إلى أي جهة أخرى، بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وقال أعضاء في المؤتمر الوطني الذي يعد أعلى سلطة سياسية في ليبيا لـ«الشرق الأوسط» إن مساعي حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين لإقالة زيدان اصطدمت بمعارضة أعضاء تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل.

وتحدث الأعضاء عقب جلسة استثنائية عقدها المؤتمر بمقره الرئيس في العاصمة طرابلس، حيث كان مقررا مناقشة مذكرة مقدمة من 72 عضوا لحجب لثقة عن حكومة زيدان، التي تشكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. وقال عضو في المؤتمر إن «المؤتمر لم يصوّت على حجب الثقة عن حكومة زيدان بسبب الافتقار إلى اكتمال النصاب القانوني اللازم، وامتناع بعض الأعضاء عن الحضور».

وتنص لائحة عمل المؤتمر، الذي تشكل عقب أول انتخابات برلمانية جرت في شهر يوليو (تموز) عام 2012، على ضرورة تصويت 120 عضوا من أصل إجمالي عدد الأعضاء الـ200 لإقالة رئيس الحكومة أو حجب الثقة عنه.

وقال عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني إن المؤتمر صوّت في جلسته التي عقدها مساء أول من أمس على إجراء تعديل على خارطة الطريق. وكشف حميدان للمرة الأولى النقاب عن وجود ما وصفه بخطة بديلة تحمل مسمى الخطة (ب)، مشيرا إلى أن الخطة الأولى تقضي بانتهاء مهمة المؤتمر بنهاية العام الحالي، بناء على القيام والإيفاد بجميع الاستحقاقات الدستورية الأولى، بمعنى الانتهاء من صياغة الدستور ثم التصويت عليه وإقراره نهائيا ثم العمل به بانتخاب مجلس برلماني يقوم بعدها المؤتمر الوطني العام بتسليم السلطة لهذا البرلمان في الـ24 من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وأوضح أن هذه الخطة أُسّست على افتراض أن تقام الاستحقاقات كافة وتنجز في مددها القانونية، بحيث تنتهي اللجنة التأسيسية من صياغة الدستور، في مدة أقصاها أربعة أشهر، ولا يحدث عطل، وسيجري الاستفتاء عليه.

وأوضح في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الرسمية أن المؤتمر أضاف خطة أخرى تقوم على افتراض أن تتعطل هذه الاستحقاقات، مما يسفر عن أن المؤتمر لا يستطيع أن يسلم السلطة إلى البرلمان المقبل، لأنه لن يكون موجودا نهاية العام الحالي، وهذا الأمر سوف يجبر نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر على التمديد، حتى يتمكن المؤتمر من إنهاء الاستحقاقات.

وقال حميدان إنه خوفا من حدوث فراغ في السلطة، قام المؤتمر بصياغة خطة أخرى (ب) سيخاطب المؤتمر بمقتضاها في شهر مايو (أيار) المقبل الهيئة التأسيسية لسؤالها حول ما إذا كانت قد أنجزت الدستور في مدته.

وتابع: «إذا أجابت بـ(نعم)، فسيجري تنفيذ الخطة الأولى وهي الأساسية والمعتمدة، وإذا ردت بالرفض فسوف نتأخر ويجري تفعيل الخطة (ب) التي تقضي بمخاطبة المفوضية للاستعداد لإجراء انتخابات أخرى، أي مؤتمر وطني عام آخر».

وأوضح أن المؤتمر لن ينتظر وسوف يسلّم السلطة إلى جهاز آخر أو إلى أي مؤسسة أخرى تحت أي مسمى في شهر أكتوبر المقبل، ليتولى تسيير المرحلة الانتقالية الثالثة إلى أن يجري تجهز الدستور.

في المقابل، دافع علي زيدان رئيس الوزراء الليبي عن حكومته، واتهم جماعة الإخوان المسلمين وجماعة إسلامية أخرى في اجتماع المؤتمر الوطني بمحاولة إسقاط حكومته من خلال إجراء اقتراع على الثقة فيه في البرلمان.

وعندما سُئِل عما إذا كان يشعر بقلق من احتمال أن يخسر الاقتراع على الثقة، قال زيدان إنه سيكون سعيدا إذا جرى الاقتراع، وإنه ليس متشبثا بالسلطة. وقال أيضا إن الوضع الأمني في جنوب البلاد المضطرب هدأ بعد قتال استمر أياما بين ميليشيات متناحرة في مدينة سبها، الذي أنحت الحكومة باللائمة فيه على أنصار نظام العقيد الراحل معمر القذافي، معلنا أنه لم يعد هناك قتال، وأن القاعدة الجوية أصبحت تحت سيطرة الحكومة.

كما تعهّد زيدان مجددا بإبعاد المحتجين الذين سيطروا على الموانئ الشرقية المهمة لصادرات النفط في غضون الأيام القليلة، وقال إن حكومته على وشك إخلاء الموانئ من المحتجين، إذا لم يغادروها خلال الأيام المقبلة، لافتا إلى أن زعماء قبليين ما زالوا يجرون محادثات في محاولة لإنهاء المواجهة سلميا.

بيد أن زيدان امتنع في مقابلة بثته قناة «ليبيا الأحرار» الفضائية، مساء أول من أمس، عن الإفصاح عن أي تفاصيل، مكتفيا بالقول إنه «لا يستطيع مناقشة أمور الدولة في التلفزيون».

وأخفق زعماء القبائل حتى الآن في إقناع إبراهيم جضران بإنهاء حصار الموانئ الذي ساهم في خفض إنتاج ليبيا من النفط إلى النصف منذ أغسطس (آب) الماضي، عندما بدأت الاحتجاجات، وأدى إلى ضغط كبير على الميزانية. وحذرت الحكومة من أنها لن تستطيع دفع مرتبات موظفي القطاع العام إذا استمرت المظاهرات. ومرت عدة مواعيد نهائية حددها زيدان دون القيام بأي عمل.

وتواجه السلطات صعوبة في كبح جماح الميليشيات ورجال القبائل الذين ساعدوا في إسقاط القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في 2011.

ومنذ الصيف، احتلت مجموعة من المتظاهرين المدججين بالسلاح ثلاثة موانئ نفطية بشرق ليبيا تسهم معا بتصدير 600 ألف برميل يوميا من النفط، في محاولة لإجبار حكومة طرابلس على منحها حكما ذاتيا سياسيا.

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الليبية، استمرار الطلعات الجوية التي يقوم بها سلاح الجو الليبي في جنوب ليبيا لبسط الأمن وسيادة الدولة، حيث قال الناطق الرسمي باسم الوزارة إن السلاح الجوي نفذ ضربات جوية لموقع بوابة «قويرة المال» بالمدخل الشمالي لمدينة سبها، استهدفت تجمعا لمجموعات مسلحة خارجة عن القانون بها.

كما دعت غرفة ثوار 17 فبراير سبها بكتائب الثوار الوجود بالمربعات المحددة لهم حسب الخطة المعدة، والتصدي بقوة السلاح لكل من تسول له نفسه المساس بثورة 17 فبراير المجيدة، وبأمن البلاد.

وقالت مصادر محلية إن الكتيبة 154 للحماية والحراسة التابعة لرئاسة أركان الجيش الليبي غادرت مدينة مصراتة، أمس، متوجهة إلى منطقة الجنوب للتمركز في قاعدة تمنهنت.

وكان مجلس مصراتة العسكري قد أعلن حالة النفير القصوى، وأمر جميع الكتائب التابعة له بالمدينة بالالتحاق بمعسكراتهم، وتجهيز وصيانة معداتهم وأسلحتهم تحسبا لأي طارئ، كما أمر المجلس الكتائب العسكرية بالاستعداد لتلقي أي أوامر تقتضيها الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد.