الغنوشي يكشف عن إدراج اسمه ضمن قائمة الاغتيالات في تونس.. ويتبرأ من المتشددين

نقابة الصحافيين تصدر تقريرا حول اختلالات الصحافة المكتوبة

راشد الغنوشي (رويترز)
TT

كشف راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية، متزعمة الترويكا الحاكمة في تونس، عن إدراج اسمه ضمن قائمة 150 سياسيا مهددين بالاغتيال. وقال إن حراسة أمنية تلازم تلك الشخصيات السياسية والإعلامية والحقوقية حتى الآن، مشيرا إلى أن «الدين لا يعطي لمسلم الحق في قتل أخيه المسلم».

وتبرأ الغنوشي من العناصر المتشددة دينيا التي تحتكم إلى العنف، وحمله السلاح في وجوه التونسيين، وقال موضحا: «كانوا أبناءنا، لكنهم لما حملوا السلاح لم يظلوا كذلك»، في إشارة إلى تصريحات للغنوشي أدلى بها عقب الثورة، وقال فيها إن المتشددين دينيا من التيارات السلفية هم أبناؤنا.

وأقر الغنوشي، في حوار بثته قناة «التونسية» الخاصة، أمس، بأن حركة النهضة تحاورت سابقا مع السلفيين المتشددين، وأصغت إلى أفكارهم المتطرفة في إطار المجتمع المدني وحاولت مجادلتهم وإقناعهم بالتعايش مع بقية مكونات المجتمع التونسي.

ونفى الغنوشي في المقابل تساهل الحركة معهم لدى احتكامهم للعنف، واستباحتهم دماء السياسيين والأمن والجيش، على حد تعبيره.

وتُوجّه اتهامات إلى تيار أنصار الشريعة السلفي الجهادي المحظور بالوقوف وراء اغتيال شكري بلعيد القيادي اليساري، في السادس من فبراير (شباط) 2013، ومحمد البراهمي النائب في البرلمان يوم 25 يوليو (تموز) الماضي.

وقال الغنوشي إن تصنيف تيار أنصار الشريعة تنظيما إرهابيا دوليا وزعيمه سيف الله بن الملقب «أبو عياض» إرهابيا دوليا أمر «غير مشرّف لتونس».

وفي مقابل تشدد الحكومة تجاه تنظيم أنصار الشريعة وحظر أنشطته، فإن رئيس حركة النهضة لم يحسم الموقف بالنسبة لرابطة حماية الثورة المتهمة بدعم آراء وتوجهات التيارات الإسلامية والاستعانة بها لفرض واقع معين على المجتمع التونسي، واكتفى بالقول: «القانون هو الفيصل».

وتطالب أحزاب المعارضة بالقضاء على كل المنظمات والميليشيات المنادية بالعنف، وهو ما تضمنته بنود خريطة الطريق المنظمة لأهداف الحوار الوطني.

من جهة أخرى، أعاد الغنوشي تأكيده على خروج حركة النهضة من السلطة، وبقائها في الحكم، وقال إنها لا تزال تستأثر بأغلبية الأصوات داخل المجلس الوطني التأسيسي (89 مقعدا من مجمل المقاعد الـ217) ولا يمكن التصديق على الدستور أو منح الحكومة المقبلة الثقة في حالة رفضت حركة النهضة ذلك.

ورفض الغنوشي الفترة التي قضتها الحركة في الحكم بـ«الفشل»، وقال في المقابل إن فترة حكم النهضة يجب أن تحفظ في سجل التاريخ، فهي التي أوصلت تونس إلى صياغة دستور جديد، وتشكيل هيئات تعديلية للإعلام والقضاء وانتخاب هيئة للانتخابات، على حد تعبيره.

وكشف الغنوشي عن بديل الحركة في حال تعذّر فوزها مجددا في الانتخابات، وقال إنها ستتحالف مع الإسلاميين المعتدلين والعلمانيين المعتدلين، ولم يستبعد تحالف حركة النهضة مع حركة نداء تونس، التي يقودها الباجي قائد السبسي، في حالة تصدرهما نتائج الانتخابات المقبلة.

وفي رده على سؤال حول البرودة التي تطبع علاقات تونس بدولة الإمارات العربية المتحدة، قال الغنوشي إنها «سحابة صيف وستتحسن العلاقات وتتطور». ولفت الانتباه إلى روابط تونس الجيدة مع «أشقائها العرب»، بدءا بليبيا والجزائر، وصولا إلى دول الخليج. وأشار إلى الاستثمارات الكبيرة التي وجهها بيت التمويل السعودي إلى تونس.

من ناحية أخرى، يضغط المجتمع التونسي من أجل دفع الطبقة السياسية إلى الانتهاء من وضع الصيغة النهائية للدستور الجديد، وتشكيل حكومة المهدي جمعة، وتحديد موعد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة في أقرب الآجال. إلا أن هذه الأهداف لا تبدو قابلة للتحقيق على الأقل في المنظور القريب، ولم يبقَ لجمعة إلا ثلاثة أيام لإعلان تشكيلة الحكومة التي يترأسها بعد انتهاء مهلة الأسبوعين الممنوحة له، وفق وثيقة خارطة الطريق. وتنتهي هذه المهلة يوم 24 يناير (كانون الثاني) الحالي.

كما أقر شفيق صرصار الرئيس الجديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بـ«صعوبة تحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تونس قبل التصديق على الدستور الجديد، وصدور القانون الانتخابي».

وتتمسك حركة النهضة بتلازم المسارات الثلاثة (الحكومية والتأسيسية والانتخابية)، وأعلنت قياداتها أن الحركة لن تسلم الحكم إلى حكومة جمعة إلا بعد توقيع علي العريض رئيس الحكومة، على النسخة النهائية للدستور.

ويعاني مشروع الدستور الحالي من عدة ألغام، على حد تعبير أحزاب المعارضة، التي ترى أن مجموعة من فصول الدستور المصدق عليها، غير قابلة للتنفيذ، أو أنها تمثل «خطرا مستترا على مدنية الدولة التونسية».

وتأكيدا لهذه الخلافات التي تحولت إلى حالة مزمنة، لم تتوصل لجنة التوافقات حول الدستور في اجتماع لها يوم أمس إلى ضمان أرضية مشتركة بين الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني حول الفصل السادس من الدستور، الذي ينص على أن «الدولة كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية».

وتنتقد الجمعيات الدينية هذا الفصل من الدستور لضمانه «حرية الضمير»، وترى أنه «محطة أساسية في طريق إعلان الإلحاد»، من دون تدخل من الدولة.

ولم ينجح المتفاوضون في إضافة فصل إلى توطئة الدستور بشأن مناهضة الصهيونية، إلى جانب الفشل في التوافق حول إدراج مجلس الحوار الاجتماعي ضمن فصول الدستور.

وتتهم قيادات من المعارضة حركة النهضة بالسعي إلى مقايضة هذا المجلس، الذي تتمسك به الهياكل النقابية وأحزاب المعارضة، بتشكيل مجلس إسلامي أعلى.

وفي تناقض مع كثرة العقبات التي تعترض مشروع الدستور الجديد، حددت محرزية العبيدي النائب الأول لرئيس المجلس التأسيسي (البرلمان)، والقيادية في حركة النهضة، يوم غد (الأربعاء) كأقصى تقدير للانتهاء من مناقشة الدستور.

وقالت العبيدي لـ«الشرق الأوسط» إنها لا تعير اهتماما كبيرا لانتقادات بعض أعضاء حركة النهضة لمشروع الدستور، وقارنت بين ما ذكره بعض نواب المجلس التأسيسي من أن «الدستور وُلِد ميتا»، في إشارة إلى تصريح الصادق شورو الرئيس السابق لحركة النهضة، واتفاق مجموعة أخرى من أعضاء المجلس التأسيسي على أن «الدستور الحالي منبع للحياة»، على حد تعبيرها.

وعلى مستوى تشكيل الحكومة الجديدة، فإن الانتقادات طالتها قبل أن يعلن عنها جمعة، ولم تتضح تركيبتها النهائية بعد، وتتابع وسائل الإعلام التونسية هذا الموضوع باهتمام شديد، وتسوق بشكل متواتر تشكيلات حكومية لا تشبه الواحدة منها الأخرى.

وفي تفاعل مع ما يُعلن من تشكيلات حكومية، أشار زهير الحمدي القيادي في تحالف الجبهة الشعبية (تجمع سياسي يجمع 12 حزبا من اليسار والقوميين) إلى قرار الجبهة التحفظ على حكومة جمعة، إذا ثبت أنها تضم وجوها من الصف الثاني في حزب التجمع المنحل أو وزراء من حكومة علي العريض المتخلية.

وأضاف الحمدي: «ستكون الجبهة الشعبية بريئة من الحكومة المقبلة، وستكون في الصفوف الأولى المعارضة لحكومة جمعة».

وقال موضحا: «بعد الإعلان الرسمي عن تشكيل الحكومة سيكون للجبهة الشعبية الرد المناسب على ذلك».

ومن جهته، أعاد الاتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد عمالي) إلى الأذهان المطالب النقابية العاجلة المتمثلة في فتح باب المفاوضات مع الحكومة المقبلة، بهدف الترفيع في الأجور، وكذلك اتخاذ إجراءات لفائدة آلاف المسرحين من العمل.

وطالب الحسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام للشغل أثناء تدشين المقر الجديد للنقابة بالعاصمة، جمعة بضرورة مصارحته للتونسيين بكل الحقائق. ودعا رئيس الحكومة المكلف إلى الالتزام ببنود خريطة الطريق في ضمان الاستقلالية والحياد، وأن يطلع الشعب على النهج السياسي والاجتماعي الذي سيتبناه خلال الفترة الانتقالية الثالثة.

من ناحية أخرى، أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تقريرا حول «أخلاقيات العمل الصحافي المتعلق بالصحافة المكتوبة»، ورد في 340 صفحة. وأنجز هذا التقرير «مرصد أخلاقيات المهنة والممارسات الصحافية» التابع للنقابة. واقتصر التقرير على ذكر اسم الصحيفة من دون ذكر اسم الصحافي. واصطدم بانتقادات كثيرة من قبل الإعلاميين وأصحاب المؤسسات الإعلامية، على حد سواء، وشبهه البعض منهم بـ«الكتاب الأسود» الذي أصدرته رئاسة الجمهورية حول إعلام الدعاية في نظام زين العابدين بن علي.

ودافعت نجيبة الحمروني، رئيسة النقابة، عن هذا التقرير، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه يهدف إلى إصلاح قطاع الصحافة من الداخل من دون تشهير بالصحافيين. وأضافت: «لم نورد اسم أي صحافي ضمنه».

وتضمن التقرير الكثير من الاختلالات التي لم تنج منها أي صحيفة تونسية، ولخصها في نشر الأخبار الزائفة، وإيذاء الغير، وإصدار أحكام تحط من الكرامة البشرية، إضافة إلى نشر إعلانات الدجل والشعوذة.