دعوة إيران صفعة جديدة تهدد مصير «جنيف 2»

الائتلاف يهدد بالمقاطعة.. وكي مون يشعر بـ«خيبة أمل» إزاء طهران

TT

أثارت الدعوة المفاجئة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى إيران للمشاركة في مؤتمر «جنيف2»، المقرر عقده غدا في مدينة مونترو السويسرية، استياء «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الذي سارع إلى التهديد بمقاطعة المؤتمر ما لم تسحب دعوة إيران.

وشكلت هذه العقدة صفعة جديدة هددت مصير «جنيف2» الرامي لإيجاد حل سياسي لأزمة سوريا. وقال فايز سارة، عضو الائتلاف والمقرب من رئيسه أحمد الجربا، إن «موقف الائتلاف بشأن رفض مشاركة إيران نهائي ولن نتراجع عنه». وأشار إلى «رسالة وجهها الجربا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، يحضه فيها على تغيير موقف الأمم المتحدة وسحب دعوة إيران لأنها مخالفة لأصول الدعوات التي اتبعت مع كل الأطراف التي دعيت إلى المؤتمر، خصوصا لناحية عدم اعترافها بمقررات جنيف1 كمنطلق لانعقاد جنيف2، بما في ذلك القرار الدولي 2118 القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات شاملة».

وشدد سارة على أن «مشاركة إيران مرفوضة فيما تحتل قواتها أراضي في سوريا وتقتل ميليشيات تابعة لها المدنيين»، معتبرا أن «الأصول هي أن يطالب بان كي مون إيران بسحب قواتها لا أن يدعوها إلى جنيف».

وكان بان كي مون أعلن مساء الأحد توجيهه دعوة إلى إيران لحضور مؤتمر «جنيف2»، غداة إعلان الائتلاف موافقته على المشاركة فيه، وقال إنه «يتعين أن تكون إيران جزءا من حل الأزمة في سوريا»، مشيرا إلى تلقيه تأكيدات من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن طهران ستلعب دورا إيجابيا في تأمين حكومة انتقالية في سوريا.

لكن طهران، ووفق ما أعلنته وكالة «الطلبة الإيرانية للأنباء» أعلنت بعد ظهر أمس رفضها أي شروط مسبقة لمشاركتها في محادثات السلام السورية في جنيف، مؤكدة أنه لا يمكن القبول بمقررات «جنيف1». ونقلت الوكالة عن حسين أمير عبد اللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيراني قوله: «اشتراط قبول اتفاق (جنيف1) لحضور اجتماع (جنيف 2) أمر مرفوض وغير مقبول»، مشيرا إلى أن بلاده «ستحضر المحادثات من دون أي شروط مسبقة بناء على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة».

وفي رد من الائتلاف، هدد الناطق باسم الائتلاف لؤي صافي، في تغريدة على موقع «تويتر» أمس، بـ«الانسحاب من (جنيف2) إذا لم يتراجع كي مون عن دعوة إيران»، قبل أن يصدر الائتلاف بيانا يشترط فيه «سحب الدعوة الموجهة إلى إيران بحلول الساعة السابعة من مساء أمس (بتوقيت غرينتش)، أي التاسعة مساء بتوقيت دمشق». وأشار إلى أنه «يعطي مهلة للحصول على تعهد إيراني واضح وعلني بسحب جميع القوات والميليشيات من سوريا، والتزام كافة بنود (جنيف1)، والتعهد بالمساهمات الإيجابية في (جنيف2). وفي حال الإخلال بهذه المطالب، سيطلب الائتلاف من الأمين العام للأمم المتحدة سحب الدعوة من إيران، وإلا فإن الائتلاف الوطني لن يتمكن من حضور جنيف».

وأعقب تهديد الائتلاف بمقاطعة «جنيف2»، بسبب دعوة إيران للمشاركة فيه، إعلان بان كي مون مساء أمس أن محادثات «طارئة ومكثفة» تجري حول المؤتمر بعد تهديد المعارضة. وقال أمام مجلس الأمن الدولي «إن محادثات طارئة ومكثفة تجري حاليا (مساء أمس) وسيكون لدي المزيد لأعلنه لاحقا حول الوضع».

ثم أعلن مارتن نسيركي المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن كي مون يشعر بخيبة أمل حيال رفض إيران دعم عملية انتقالية في سوريا وهو «يدرس خياراته». وقال إن كي مون يأسف للجدل الذي أثارته الدعوة التي وجهتها الأمم المتحدة لإيران للمشاركة في المؤتمر. وأضاف أن «إيران، رغم الضمانات الشفوية، (...) أدلت ببيان مخيب للأمل».

وتتهم المعارضة إيران، أبرز الحلفاء الإقليميين لدمشق، بتوفير دعم عسكري ومالي لنظام الرئيس بشار الأسد، وهو ما يفسر معارضتها مشاركة إيران في مؤتمر السلام الذي يبدأ أعماله غدا في مدينة مونترو السويسرية، قبل أن يستكملها في جنيف. ويشارك فيه ممثلون للنظام والمعارضة بإشراف الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي، في سعي للتوصل إلى حل النزاع المستمر منذ منتصف مارس (آذار) 2011. ولم يعلن الائتلاف السوري بعد أعضاء وفده إلى المؤتمر، في ظل انقسام بين مكوناته، في وقت أعربت فيه «هيئة التنسيق الوطنية السورية»، التي تعرف بأنها من معارضة الداخل، عن أملها في تأجيل عقد مؤتمر «جنيف2» أسبوعين ليتاح للمعارضة تشكيل «وفد ذي ثقل»، وفق ما نقلته صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات في عددها الصادر أمس.

وكان رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا، وفي بيان أصدره مساء أول من أمس، اعتبر أن «الإرادة الدولية انتصرت ونجحت في تحقيق مأربها بدفع الائتلاف للالتحاق بركب جنيف2 من دون شروط ودون ضمانات»، في حين «يذهب النظام لاستعادة أهليته عربيا ودوليا مشفوعا بصمت دولي وأممي مريب يلامس حد التواطؤ». وسأل: «على ضوء ذلك، هل يحق لأحد أن يتساءل عما يمكن أن ينتجه للسوريين مؤتمر جنيف2 وأي شيء يمكن أن يعود به وفد المفاوضات غير عنترية الانسحاب؟»، معتبرا أن «هذا الأساس الذي بنى عليه المجلس الوطني السوري قراره بعدم الذهاب إلى جنيف».

وفي الإطار ذاته، اعتبرت مجموعة الـ44، التي تشمل الأعضاء المنسحبين من الائتلاف اعتراضا على الذهاب إلى جنيف، أن «قرار الذهاب إلى جنيف الصادر عن الهيئة العامة للائتلاف بمجمله باطل، لأنه اتُخذ بموافقة أقل من نصف أعضاء الائتلاف، بخلاف ما يشترطه النظام الأساسي للائتلاف ووثائق تأسيسه»، منتقدة «اتخاذ هذا القرار الخطير في مرحلة حساسة».