الأسد يؤكد رغبته في البقاء بالسلطة ويدعو لأن يكون هدف «جنيف 2» مكافحة الإرهاب

أوصى وفده إلى المؤتمر «برفض تقديم أي تنازل»

الأسد لدى لقائه أمس أعضاء وفده المتوجه إلى مؤتمر «جنيف2» برئاسة المعلم (رويترز)
TT

بدا الرئيس السوري، بشار الأسد، واثقا بنفسه في مواجهة معارضة تطالب برحيله عن السلطة، بإعلانه قبل يومين من عقد مؤتمر «جنيف 2» للسلام أن أمام ترشحه لولاية رئاسية جديدة في يونيو (حزيران) المقبل «فرصا كبيرة»، مستبعدا القبول برئيس حكومة جديدة من معارضة الخارج، التي عدها «صنيعة أجهزة مخابرات أجنبية».

وأوصى وفده الرسمي إلى جنيف برفض أي تدخل خارجي، وعدم تقديم أي تنازل عن «الثوابت» المعروفة.

وقال الأسد للوفد الذي التقاه صباح أمس قبيل التوجه إلى جنيف إن «أي حل سياسي يتطلب أولا وقبل كل شيء وقف الإرهاب تماما والضغط على الدول الداعمة والراعية له للامتثال للمواثيق والقوانين والشرائع الدولية التي تجرم كل من يقدم أي شكل من أشكال المساعدة للإرهاب والتنظيمات الإرهابية».

وبحسب بيان رئاسي سوري، زود الأسد الوفد «بتوجيهاته، وعلى رأسها الارتقاء إلى مستوى التفويض الشعبي بآلامه وآماله» و«المحافظة على سيادة سوريا كما دائما، ومنع ورفض أي تدخل خارجي أيا كان شكله أو مضمونه، وأنه لا تنازل على الإطلاق عن الثوابت الوطنية السورية المعروفة وأهمها الحفاظ على الوطن والشعب ووضع مصلحته فوق كل اعتبار». وقال الأسد للوفد إن «أي شيء يجري التوصل إليه لن يكتب له النجاح ما لم يحظ بقبول الشعب السوري.

ونقل البيان الرئاسي عن الوفد تأكيده أنه يحمل «توجيهات الرئيس الأسد للبدء بحوار سياسي كخطوة أولى باتجاه حوار سوري - سوري على الأرض السورية». ويتألف الوفد من وليد المعلم رئيسا للوفد، وعمران الزعبي نائبا لرئيس الوفد، وبثينة شعبان نائبة لرئيس الوفد، والأعضاء فيصل المقداد وحسام الدين آلا وبشار جعفري وأحمد فاروق عرنوس ولونه الشبل وأسامة علي.

وعد الأسد، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أجرتها أول من أمس (الأحد)، «مكافحة الإرهاب» هي «القرار الأهم» الذي يمكن أن يصدر عن مؤتمر «جنيف 2»، محذرا من أن المعركة ضد «الإرهاب» في بلاده ستطول.

وقال الأسد، في المقابلة التي أجريت في «قصر الشعب» بدمشق، ردا على سؤال عن احتمال ترشحه لولاية رئاسية جديدة: «بالنسبة إلي، لا أرى أي مانع من أن أترشح لهذا المنصب، أما بالنسبة إلى الرأي العام السوري، إذا كانت هناك رغبة شعبية ومزاج شعبي عام ورأي عام يرغب في أن أترشح، فأنا لن أتردد ولا لثانية واحدة في أن أتخذ هذه الخطوة». وتابع: «بالمختصر، نستطيع أن نقول إن فرص الترشح فرص كبيرة».

وكان الأسد يرتدي بزة رسمية كحلية اللون، وبدا مرتاحا ومبتسما. وأوضح أنه لا يعيش في القصر القائم على تلة من تلال دمشق، بل يفضل عليه شقته ومكتبه في وسط العاصمة.

وردا على سؤال عما إذا كان يوافق على تعيين رئيس حكومة ووزراء من المعارضة الموجودة خارج سوريا في حكومة انتقالية، حسب مقررات «جنيف 1»، عد الأسد أن لا صفة تمثيلية لهذه المعارضة وأنها «من صنع» أجهزة مخابرات أجنبية. وقال: «الكل يعرف الآن أن بعض هذه الأطراف التي قد تجلس معنا لم تكن موجودة، بل وجدت خلال الأزمة من خلال أجهزة المخابرات الأجنبية»، لكنه أشار إلى وجود «قوى أخرى معارضة سورية لديها أجندة وطنية، يمكن أن نفاوضها حول ما الرؤية لمستقبل سوريا، ويمكن لهذه القوى أن تشارك معنا في إدارة الدولة السورية».

وتابع الرئيس ساخرا: «لنفترض أننا وافقنا على مشاركة هؤلاء (معارضو الخارج) في الحكومة، هل يجرؤون على المجيء إلى سوريا؟ إنهم لا يجرؤون. كانوا يتحدثون في العام الماضي أنهم يسيطرون على 70 في المائة من سوريا، ولكنهم لا يجرؤون على المجيء إلى الـ70 في المائة التي حرروها كما يدعون. فهم يأتون إلى الحدود لمدة نصف ساعة ومن ثم يهربون من سوريا، فكيف يمكن أن يكونوا وزراء في الحكومة؟».

وخلص إلى أن «هذه الطروحات غير واقعية على الإطلاق، نستطيع أن نتحدث عنها بصيغة النكتة أو المزاح».

وعما هو منتظر من «جنيف 2»، قال الأسد: «الشيء البديهي الذي نتحدث عنه بشكل مستمر هو أن يخرج مؤتمر جنيف بنتائج واضحة تتعلق بمكافحة الإرهاب في سوريا، وخصوصا الضغط على الدول التي تصدر الإرهاب عبر إرسال الإرهابيين والمال والسلاح إلى المنظمات الإرهابية.. وطبعا الدول الغربية التي توفر التغطية السياسية لهذه المنظمات». وعد «أي نتيجة سياسية تخرج من دون مكافحة الإرهاب ليس لها أي قيمة». وبرر الأسد مشاركة حزب الله اللبناني في القتال بسوريا، بدخول «العشرات من الجنسيات من خارج سوريا» للقتال فيها، مشيرا إلى أن أصحاب هذه الجنسيات «اعتدوا على المدنيين في لبنان، وخصوصا على الحدود السورية وعلى حزب الله»، إلا أنه أشار إلى أن «خروج كل من هو غير سوري خارج سوريا» هو «أحد عناصر الحل». وأوضح أن ذلك سيكون من ضمن «سلة متكاملة تهدف إلى خروج المقاتلين وتسليم كل المسلحين - حتى السوريين منهم - سلاحهم إلى الدولة السورية».

وعما إذا كان الوضع الأمني في سوريا سيسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية بعد أشهر، قال الأسد: «الطرق بين المناطق مفتوحة، وكل الناس تستطيع أن تتحرك، فيستطيع الأشخاص في مناطق ساخنة أن يأتوا إلى المناطق المجاورة القريبة ويمارسوا عملية الانتخاب». وأضاف: «تكون هناك صعوبات، ولكنها ليست عملية مستحيلة».

على صعيد آخر، حمل الرئيس السوري بقوة على فرنسا، متهما إياها بالتحول إلى «دولة تابعة» لدول إقليمية بسبب «البترودولار».

كما اتهم فرنسا بتنفيذ السياسات الأميركية، مضيفا: «لا أعتقد أن فرنسا سيكون لها دور في القريب العاجل (بسوريا والمنطقة) حتى تبدل سياساتها بشكل كلي وبشكل جذري وحتى تكون دولة مستقلة بسياساتها».