مفجر انتحاري من طالبان يقتل 14 قرب مقر الجيش الباكستاني

الهجمات الدامية تثير تساؤلات حول استراتيجية التهدئة التي تنتهجها حكومة نواز شريف

TT

أسفر اعتداء انتحاري طالباني عن سقوط 13 قتيلا و18 جريحا صباح أمس قرب المقر العام للجيش الباكستاني في روالبندي بضواحي العاصمة إسلام آباد، في ثاني هجوم دام في خلال يومين. وتبنت حركة طالبان الباكستانية هذا الاعتداء على غرار هجوم بعبوة أسفر أول من أمس عن مقتل 26 جنديا وجرح 25 آخرين في شمال غربي البلاد وفق آخر حصيلة رسمية صدرت أمس في أعنف اعتداء خلال السنوات الأخيرة ضد الجيش. وينذر هذان الاعتداءان باشتداد هجمات حركة طالبان الباكستانية التي تراجع عددها خلال الأشهر الأخيرة ولا سيما منذ مقتل قائدها حكيم الله محسود في نوفمبر (تشرين الثاني) في غارة شنتها طائرة أميركية من دون طيار.

ووقع اعتداء أمس قبيل الساعة 08:00 (03:00 بتوقيت غرينتش) في حي السوق بمدينة روالبندي المجاورة للعاصمة إسلام آباد في منطقة تخضع لإجراءات أمنية مشددة لأنها تقع على مسافة نحو كيلومتر من المقر العام للجيش الذي يعد أقوى مؤسسة في البلاد.

ومنفذ الاعتداء الانتحاري يبدو أنه جاء راكبا دراجة قبل أن يرتجل وفق ما أعلنه سجيد ظفر دال المسؤول الكبير في الشرطة المحلية. وأضاف: «لا ندري كيف تمكن من دخول هذه المنطقة»، موضحا أن الانفجار وقع على مسافة عشرين مترا من حاجز للجيش.

وسرعان ما فرضت وحدات الجيش والشرطة التي حضرت سريعا إلى مكان الاعتداء طوقا أمنيا وسط حطام المتاجر والدكاكين والأشلاء البشرية، وأغلقت السوق بعد الانفجار الذي تسبب أيضا في تحطيم زجاج واجهات المباني المحيطة. وقال لياقات علي، التاجر في الحي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنت أقرأ الجريدة بعد فتح دكاني عندما سمعت انفجارا قويا طرحني أرضا من على الكرسي فخرجت ورأيت الدخان في كل مكان وجرحى ممددين على الأرض يصرخون».

وسرعان ما تبنى المتحدث باسم حركة طالبان باكستان شهيد الله شهيد الاعتداء في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية.

وتشن الحركة المتحالفة مع تنظيم القاعدة، تمردا مسلحا ضد الحكومة منذ 2007 وتندد بتحالفها الاستراتيجي مع واشنطن وتطالب بإقامة نظام إسلامي متطرف. وهدد شهيد الله شهيد أمس بأن حركته ستشن عمليات أخرى «ضد النظام العلماني». وأكد أن هجوم بانو كان يهدف إلى الثأر من مقتل حكيم الله محسود، وولي الرحمن، وهما قائد ومساعد قائد حركة طالبان الباكستانية، العام الماضي في غارات طائرات أميركية من دون طيار على المنطقة القبلية في وزيرستان الشمالية، أكبر معاقل الحركة عند الحدود مع أفغانستان.

وتثير الهجمات الدامية الأخيرة تساؤلات حول استراتيجية التهدئة التي تنتهجها حكومة رئيس الوزراء نواز شريف الذي عاد إلى الحكم في مايو (أيار) الماضي واقترح في ذلك السياق مفاوضات سلام مع حركة طالبان الباكستانية. لكن الحركة رفضت الاقتراح بعد مقتل حكيم الله محسود الذي حل محله الملا فضل الله الذي كان قائد طالبان في وادي سوات (شمال غربي) والمعروف بشراسته وتطرفه، غير أن الحركة أعلنت أنها ما زالت مهتمة بمفاوضات «صادقة» بشرط أن ينسحب الجيش من المناطق القبلية شمال غربي البلاد وأن يكف الأميركيون عن قصف المقاتلين الإسلاميين بطائراتهم. لكنها شروط وخاصة الشرط الأخير منها، لا يتوقع المراقبون أن يقبلها الجيش الذي قد يكون يشعر بلا شك بغضب كبير أمس بعد أن فقد 32 من جنوده في خلال يومين.

ويعد اعتداء أول من أمس في بانو الأسوأ ضد الجيش منذ الهجوم الذي أوقع 89 قتيلا من القوات شبه العسكرية في أحد مراكز التدريب في شرسدا (شمال غربي) في مايو 2011 وتبنت حركة طالبان الباكستانية حينها الهجوم ردا على مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في غارة أميركية في مطلع ذلك الشهر في شمال البلاد. وقد أسفرت هجمات حركة طالبان الباكستانية منذ 2007 عن سقوط أكثر من 6600 قتيل في مختلف أنحاء باكستان.