«داعش» تخسر مواقعها في الشمال تدريجيا وتوسع نفوذها في الرقة

مركزية القيادة وخبرات المقاتلين الأجانب أعاقا حسم المعركة ضدها

TT

لم تتمكن كتائب المعارضة السورية والمقاتلين الإسلاميين المساندين لها من هزيمة تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية (داعش)» بشكل نهائي في مناطق الشمال السوري والرقة، بعد أكثر من أسبوعين على المعارك التي اندلعت بين الطرفين. وفي حين يعزو خبراء في الجماعات الجهادية «صعوبة التصدي لمقاتلي (داعش) إلى الخبرات العسكرية التي اكتسبوها في أفغانستان والعراق ومالي»، يؤكد قياديون معارضون أن «تنظيم الدولة» يملك قيادة مركزية ما يساعده على التنسيق بين الجبهات على النقيض من كتائب المعارضة التي تعاني أزمة ثقة بين صفوفها.

وكانت تشكيلات قريبة من هيئة أركان الجيش السوري الحر، أبرزها جبهة ثوار سوريا و جيش المجاهدين، وانضم إليهما لاحقا الجبهة الإسلامية، أعلنت الحرب على تنظيم «داعش» في الثالث من الشهر الحالي، على خليفة الانتهاكات التي نفذتها الأخيرة ضد مقاتلين معارضين.

وتولت جبهة ثوار سوريا التي تضم 14 فصيلا مسلحا، بمساندة مجموعات أخرى في المعارضة، مواجهة تنظيم «الدولة» في محافظة إدلب دون أن تتمكن من طرده منها بالكامل، إذ لا يزال مقاتلو «داعش» يتمركزون في بلدة سرمين، إضافة إلى عدد من المواقع في المنطقة الفاصلة بين بلدة جسر الشغور والحدود التركية. لكن قائد لواء درع هنانو التابع لجبهة ثوار سوريا، حمزة حبوش يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مقاتلي المعارضة تمكنوا من تحقيق انتصارات كبيرة على مقاتلي (داعش) فقد طردوا من مناطق: حارم وسلقين وكفر تخاريم وسرمدة وأرمناز ودركوش والدانا وبنش وسراقب وتفتناز». ويعزو حبوش احتفاظ «داعش» بمواقعها في سرمين وبعض مناطق جسر الشغور إلى وجود القوات النظامية وتأمينها الحماية لمقاتلي «الدولة» هناك.

وتتهم أطراف في المعارضة السورية تنظيم «داعش» بالتعاون مع النظام على خلفية عدم استهداف الأخير أي من مقراتها.

ولم تقتصر الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» على إدلب بل امتدت إلى حلب حيث تمكنت فصائل من «جيش المجاهدين» المعارض ومجموعات من لواء التوحيد التابع للجبهة الإسلامية من طرد مقاتلي «داعش» من حلب المدينة إثر معارك عنيفة. لكن هذا التقدم الميداني لم يجر على الوتيرة ذاتها حين وصلت المعارك بين الطرفين إلى الريف، فقد تمكن تنظيم «الدولة الإسلامية» من الاحتفاظ بثلاث بلدات استراتيجية: الباب ومنبج وأعزاز.

ويرجع عضو مجلس قيادة الثورة في حلب ياسر النجار لـ«الشرق الأوسط» سبب نجاح «داعش» في الاحتفاظ بهذه البلدات إلى طبيعة القيادة المركزية التي تحكم العلاقة بين كتائب التنظيم المتشدد، مشيرا إلى أن مركزية القرار العسكري في «داعش» يكفل التنسيق بين الجبهات، على النقيض من كتائب المعارضة التي يبدو قرارها متشرذما إضافة إلى أزمة الثقة بين القاديين العسكريين.

من جهته، يوضح الخبير في الحركات الجهادية عمر بكري فستق لـ«الشرق الأوسط» أن «مقاتلي (الدولة) لن ينهزموا بسهولة كما تظن المعارضة لأنهم يملكون خبرات عسكرية وقتالية اكتسبوها من أفغانستان والعراق ومالي»، مشددا على أن «المقاتلين الجهاديين ينطلقون في قتالهم من عقيدة دينية ما يجعل هزيمتهم أمرا صعبا».

وفي تطور ميداني يظهر انحسارا عسكريا لتنظيم «داعش» في الريف الحلبي، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس انسحاب مقاتلي «داعش» من الريف الغربي لحلب، مشيرا إلى أن «عناصر التنظيم أخلوا مقراتهم في ريف المهندسين وكفر جوم».

ويخوض تنظيم «داعش» معظم معاركه في المناطق الحدودية لا سيما في محافظات الشمال المتاخمة لتركيا، ما ساهم في إغلاق المعابر التي يستخدمها السوريون لإدخال مواد غذائية. كما يستخدم عناصر «داعش» سلاح السيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية ضد مقاتلي المعارضة.

وكان خمسة أشخاص قتلوا أمس في تفجير انتحاري بسيارتين مفخختين قرب معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في شمال غربي سوريا، بحسب ما أفاد «المرصد السوري»، مرجحا أن يكون «التفجيران من تنفيذ الدولة الإسلامية».

أما في الرقة، فقد تمكنت «داعش» من إحكام سيطرتها على كامل المدينة بعد خروج مقاتلين من لواء أحرار الشام ولواء التوحيد ولواء ثوار الرقة إثر معارك عنيفة بين الطرفين. وبعد أيام من تفردها بالسيطرة على الرقة، أعلنت «الدولة» في بيان نشرته مواقع جهادية إصدارها قرارا بمنع بيع أقراص الغناء وآلات الموسيقى وتشغيل الأغاني الماجنة في السيارات والحافلات والمحلات وجميع الأماكن، معللة الخطوة بكون المعازف والغناء حرام في الإسلام لأنها تلهي عن ذكر الله وعن القرآن، وهي فتنة ومفسدة للقلب.