افتتاح «جنيف 2» يثير عاصفة نكات وتساؤلات لدى السوريين

لم يعلقوا آمالا على المؤتمر

تسير الحياة طبيعية في دمشق بينما تعقد جلسات «جنيف 2» في مونترو السويسرية أمس (رويترز)
TT

سارت الحياة بشكل روتيني في العاصمة دمشق، على وقع إطلاق القذائف المدفعية باتجاه المناطق الساخنة في محيطها، بينما بدأت أعمال مؤتمر «جنيف2»، في مدينة مونترو في سويسرا. واستنفرت وسائل الإعلام الرسمي كل طاقاتها لنقل وقائع افتتاح المؤتمر إلا أن أيا من شاشات التلفزة المنتشرة في المحلات التجارية في أسواق وسط العاصمة لم تنقل شيئا عن «جنيف2»، بل إن معظمها كان مركزا على مسلسلات درامية وأغاني منوعات شبابية.

وما عدا موكب سيارات مؤلف من سيارتي «هامر» وخمس سيارات سياحية لمؤيدي النظام جاب شوارع العاصمة، مطلقا أبواقه على وقع أغان تمجد الرئيس السوري بشار الأسد طوال فترة انعقاد الجلسة الأولى من المؤتمر، فلا يوجد ما يشير إلى أن الشارع السوري مهتم بما سيتمخض عن جنيف.

وقالت سيدة في الستين من العمر: «الله يهدي الجميع لما فيه خلاص سوريا. بلدنا لا يستحق كل هذا الخراب». أما أبو أحمد، بائع الخضراوات، فضحك عندما سئل عن جنيف. وقال: «مل قلبنا من الحكي كله حكي بحكي». أما المهندس سامر فكان أكثر ثقة بأن لا حل سيأتي من جنيف، وقال غاضبا: «من أين يأتي الحل إذا كان الجميع برؤوس يابسة؟». وفي جلسة بإحدى مقاهي العاصمة اتفقت غالبية آراء مجموعة من المثقفين ورجال الأعمال على أن «هناك جدية بالمؤتمر ولكن هذا مرتبط بالنيات الدولية الأميركية والروسية. فإذا أراد هؤلاء فرض حل لأمكنهم ذلك». إلا أن محاميا معارضا خالف هذا الرأي بالقول: «إذا كان الحل يعني إيجاد صيغة تسوية، فهذا يعني أنه لا يوجد حل. الحل هو رحيل النظام كاملا».

وقالت أستاذة جامعية معارضة إن «مؤتمر جنيف هو بداية لعملية سياسية طويلة، يمكن أن تكون بداية لتفكيك النظام ولا حل يضمن ترحيل النظام وإنما هي عملية تسوية لتغيير شكل النظام».

في المقابل بدا مؤيدو النظام أكثر قلقا على مصيرهم في حال تنحي الأسد، رغم أنهم لا يجاهرون بهذا الشعور ويسعون للتأكيد أن الأسد باق. وكان لتصريح وزير الخارجية السوري وليد المعلم عشية جنيف بأن الأسد «خط أحمر» أثرا إيجابيا في رفع معنويات مؤيدي النظام. واطمئنوا إلى أن لا تنازلات. وقالت نيرمين (40 عاما) ممرضة: «بلا جنيف بلا بطيخ سوريا لنا وليذهب الخونة إلى الجحيم».

وبث التلفزيون السوري وقائع جلسة افتتاح مؤتمر «جنيف2» كاملة، بحسب توجيهات وزير الإعلام عمران الزعبي الذي قال إن الإعلام السوري «سيبث مع باقي القنوات الافتتاح كاملا وليس لدينا ما نخشاه مهما بلغت كلماتهم من شتائم وغيرها».

ولدى نقل التلفزيون السوري كلمة رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا، زاوجها مع بث صور في الوقت نفسه قدمت على أنها لـ«جرائم إرهابية». ولم يذكر التلفزيون اسم الجربا، كما لم ينقل تصريحاته في الشريط الإخباري، كما فعل بالنسبة لمداخلات الآخرين أثناء المؤتمر. وترك الشريط مع تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي ألقى كلمته قبل الجربا.

وكانت الشاشة مقسمة إلى قسمين: إلى اليمين خطاب أحمد الجربا مع إشارة «مونترو، سويسرا» وإلى اليسار صور القتلى والدمار مع عنوان «الجرائم الإرهابية في سوريا». أما الصحف الرسمية الصادرة أمس فركزت عناوينها العريضة على تصريحات المعلم بأن سوريا ترغب في إنجاح «جنيف2».

كما كان لافتا أن السوريين الذين تابعوا أخبار مؤتمر جنيف توقفهم عند رجل الدين المسيحي، الذي ظهر يجلس مع الوفد الرسمي السوري على طاولة المفاوضات، فهناك من اتهم النظام بأنه يريد من ذلك توجيه رسالة للغرب بأنه حامي الأقليات. في حين انزعج شاب من الطائفة العلوية وقال: «المسيحيون ليسوا الأقلية الوحيدة كان يجب أن يأخذوا ممثلين عن باقي الطوائف»، فيما سخر الشاب م.ع من «النظام العلماني الذي يصطحب رجل دين إلى مؤتمر سياسي».

وأثارت وقائع المؤتمر، كما نقلتها شاشات الإعلام، عاصفة من السخرية في أوساط السوريين. وأغلب التعليقات توقفت عن الملاسنة بين المعلم والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتجاوز الأول الوقت المحدد وعند الاكتراث بالجرس الذي قرع خمس مرات. كما توقفوا عند ضحكات الإعلامية في القصر الرئاسي لونة الشبل، ونظراتها القلقة وكأنها «مخبر مكلف بمراقبة الجميع ونقل كل شيء لمديرها»، بحسب تعبير أحد السوريين على الـ«فيس بوك». كما تبادل السوريون صورة لمعاون وزير الخارجية السوري حسام الدين آلا وقد بدا نائما خلال خطاب الوزير المعلم. بالإضافة إلى صورة لشاشة تلفزيون (بي بي سي) تظهر فيها صورة وزير الخارجية سيرغي لافروف وقد عرفته القناة على أنه «وزير الخارجية السوري سيرغي لافروف».

وعن وفد المعارضة كان المحامي هيثم المالح أبرز الذين دارت حولهم التعليقات بعد سقوطه أرضا قبل يوم من انطلاق المؤتمر وإصابة جبينه. وظهر أمس خلف رئيس الائتلاف معصوب الرأس، وقال ناشطون إن «عينا حسودة» أصابته.