السعودية تحذر من تحويل مسار محادثات مونترو لتحسين صورة النظام

الفيصل: آن الأوان لإيقاف نزيف الدم وإنهاء معاناة الشعب المكلوم

وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل يصافح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قبيل بدء الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «جنيف2» (رويترز)
TT

أكدت السعودية أن مشاركتها في مؤتمر «جنيف2» للسلام في سوريا يأتي تأكيدا على نهجها واستمرارا لسياستها الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية منذ الأيام الأولى لنشوبها في مارس (آذار) 2011. ودعت السعودية إلى أن يرتكز الحل على أربع قضايا رئيسة، وهي انسحاب جميع القوات الأجنبية من سوريا، ووقف القتال وفك الحصار عن المدن، وإيصال المساعدات للسوريين، وإطلاق سراح المعتقلين.

وقال الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي رئيس وفد المملكة إلى أعمال المؤتمر الدولي حول سوريا الذي تستضيفه مدينة مونترو السويسرية: «نجتمع اليوم والأزمة السورية شارفت على نهاية عامها الثالث، دون بارقة أمل توقف نزيف الدماء المستمر للشعب السوري، وما لحق بالبلاد من ألوان الدمار والخراب، الأمر الذي جعل من هذه الأزمة أكبر الكوارث في تاريخنا المعاصر».

وبيّن الفيصل أن مشاركة السعودية في هذا الاجتماع تأتي تأكيدا على نهجها واستمرارا لسياستها الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي للأزمة، مشيرا إلى أنه ومنذ الأيام الأولى لنشوب الأزمة في مارس 2011 بادر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإجراء خمسة اتصالات مباشرة بالنظام السوري، في محاولة لثنيه عن استخدام العنف غير المبرر، وحثه على المبادرات السلمية في مواجهة المطالب المحدودة لشعبه.

وأضاف: «غير أن النظام أبى واستكبر وأصر على الاستمرار في استخدام العنف إلى حد اللجوء إلى الحل العسكري، مستخدما أكثر الأسلحة فتكا وتدميرا، بل إن النظام تمادى في غيه حين استخدم السلاح الكيماوي دونما وازع من ضمير أو أدنى احترام للقوانين الدولية التي تحرم استخدام هذا السلاح».

وأكد الأمير سعود الفيصل أنه ورغم ذلك استمرت السعودية في جهودها للأخذ بالحل السلمي دون كلل أو ملل، جنبا إلى جنب مع أشقائها في الجامعة العربية، وفي منظمة التعاون الإسلامي، وفي مجموعة أصدقاء سوريا، إلا أن كل هذه الجهود تحطمت أمام عناد النظام وإصراره على حسم النزاع عسكريا حتى لو تطلب الأمر الاستعانة بمرتزقة، واستباحة أرض بلاده للاحتلال الأجنبي، وتفتيت وحدة سوريا الوطنية، وتهديد سلامتها الإقليمية.

وبيّن وزير الخارجية السعودي أن تلبية المملكة للدعوة لهذا المؤتمر جاءت بناء على الضمانات والتأكيدات التي تضمنتها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة التي نصت على أن الهدف من مؤتمر «جنيف2» هو التطبيق الكامل لما ورد في مؤتمر «جنيف1». وقال: «ندرك جميعا أن أهم مضامين هذا الإعلان هو تشكيل حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة تمكنها من تسلم زمام الأمور وإدارة شؤون البلاد من مختلف الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية، ومن البديهي أن لا يكون لبشار الأسد أو أي من رموز نظامه أو من تلطخت أيديهم بدماء السوريين أي دور حالي أو مستقبلي في هذا الترتيب».

وطرح الأمير سعود الفيصل رؤية المملكة لتمكين سوريا من الخروج من النفق المظلم، عبر أربعة عناصر هي: أولا، الانسحاب الفوري لكل القوات والعناصر الأجنبية المسلحة من الأراضي السورية، بما في ذلك قوات الحرس الثوري الإيراني، وميليشيات حزب الله. وثانيا، وقف القتال وفك الحصار عن المدن والقرى السورية، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي الذي يشنه النظام. وثالثا، إيجاد مناطق وممرات آمنة لإيصال المساعدات للسوريين وبإشراف دولي يضمن ذلك. ورابعا، إطلاق سراح المعتقلين والمحتجزين لدى النظام السوري.

وشدد الفيصل على أن ذلك من شأنه تمكين السوريين من الاضطلاع بمسؤولياتهم بمعزل عن التدخلات الخارجية، وبما يمكنهم من تقرير مصيرهم والمحافظة على سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها الإقليمية، وتحقيق طموحات وتطلعات جميع مكونات الشعب السوري دون تمييز أو تفرقة.

وأضاف: «هذه المبادئ هي بالضبط ما نصت عليه وثيقة العهد الوطني الصادرة عن الائتلاف الوطني السوري باعتباره الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري الذي يحظى باعتراف الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وما يقارب من ثلثي سكان العالم الممثلين في مجموعة أصدقاء سوريا».

وحذر سعود الفيصل في هذا الخصوص من أي محاولات ترمي إلى تغيير مسار هذا المؤتمر وإبعاده عن الأهداف المرسومة له في محاولة يائسة لتحسين صورة النظام، والدعاية بأنه يحارب الإرهاب، فهل يمكن تصور أن ما يتجاوز مائة ألف ضحية قتلوا على يد النظام أن يكونوا إرهابيين؟ وذلك طبقا لآخر إحصائية للأمم المتحدة قبل أن توقف إحصاءها لعدد القتلى منذ فترة ليست بالقصيرة.

وانتهى وزير الخارجية السعودي في كلمته أمام المجتمعين بالقول: «إن الأمل يحدونا أن يجري التعامل مع الأزمة السورية في هذا المؤتمر بعيدا عن محاولات الاستقطاب أو الاسترضاء، أو المناورات السياسية التي كبلت مجلس الأمن، عسى أن يعيد المؤتمر لهذا المجلس دوره المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، وذلك بتبنيه ما يجري التوصل إليه من اتفاق، وضمان تنفيذه والالتزام ببنوده»، مؤكدا أنه «آن الأوان لإيقاف نزيف الدم وإنهاء معاناة الشعب السوري المكلوم، والفرصة مواتية لنا بعدم خذلان السوريين مرة أخرى».