نزوح 140 ألفا من الأنبار مع احتمال تدخل عسكري في الفلوجة لإخراج «داعش»

وزير الدفاع ينتقد صمت البعض بعد اختطاف 11 امرأة من الرمادي إلى الصحراء

القوات المدرعة العراقية تنتظر خارج مدينة الرمادي أمس متهيئة لدخولها (رويترز)
TT

بينما يقترب الحل العسكري لأزمة «داعش» في مدينة الفلوجة فإن عمليات النزوح من المدينة فضلا عن بعض أحياء أطراف مدينة الرمادي مستمرة بشكل متواصل إلى الحد الذي قدرته إحصائية للأمم المتحدة بـ140 ألف نازح. وفي وقت يسود فيه هدوء قلق في مدينة الفلوجة فإن بعض الأحياء في أطراف مدينة الرمادي تشهد منذ نحو شهر قتالا بين عناصر من تنظيم القاعدة وداعش وثوار العشائر فضلا عن أعداد من المعتصمين ممن اضطروا لحمل السلاح ضد الحكومة بعد رفع الخيم طبقا لما كشفه خطيب جمعة الرمادي أمس.

وعلى صعيد عمليات النزوح المستمرة من الرمادي والفلوجة قالت الأمم المتحدة إن عدد النازحين من محافظة الأنبار غرب بغداد بلغ 140 ألف شخص منذ اندلاع الاشتباكات نهاية العام الماضي، موضحة أنه الأسوأ منذ أعوام 2006 - 2008. وقال بيتر كسلر المتحدث باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن «هذا أعلى عدد للنازحين شهده العراق منذ الصراع الطائفي بين عامي 2006 - 2008». وفر آلاف النازحين من أهالي الأنبار التي تشهد اشتباكات منذ أكثر من ثلاثة أسابيع إلى بغداد وإقليم كردستان ومحافظات أخرى. وأكد المتحدث أن «الناس لا يتوفر لديهم المال لشراء الطعام وهناك نقص في الملابس المناسبة للظروف الشتاء كالأمطار والبرد والأطفال من دون مدارس فضلا عن الظروف الصحية الصعبة لا سيما للنساء».

وفي هذا السياق أكد محمود شكر أحد وجهاء مدينة الفلوجة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوضاع داخل المدينة تزداد صعوبة وسوءا مع تضاؤل فرص الحياة من مواد غذائية وطبية فضلا عن النفط والغاز حيث إنه وعلى الرغم من أن الطريق تبدو مفتوحة فإن هناك حصارا من كل الجهات على المدينة باستثناء عملية النزوح التي تبدو متاحة للناس لكي تتوفر الحجة للحكومة من أجل شن عملية عسكرية عليها». وبشأن رؤيته لما يجري الحديث عنه بشأن السلطة التي تمارسها الجماعات المسلحة التي تطلق عليها الحكومة «داعش» قال شكر إنه «من الواضح أنه لا وجود لسلطة الدولة داخل المدينة من كل النواحي وأول مظاهر ذلك غياب شرطة محلية وبالتالي فإن الحياة تسير من دون وجود سلطة واضحة لأحد»، مؤكدا أن «هناك مبالغات فيما يجري الحديث عنه بشأن فرض نوع معين من الحياة داخل المدينة من قبل المسلحين».

من جانبه أكد الشيخ أبو جلال أحد شيوخ الفلوجة طالبا عدم الإشارة إلى اسمه الصريح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يجري هو فتنة مشتركة بين الحكومة ومن معها من شيوخ العشائر الموالين وبعض السياسيين الباحثين عن مكاسب انتخابية»، مضيفا أن «القصص كثيرة خارج الفلوجة ولكن في الداخل لا يوجد شيء من ذلك وفي المقدمة منها لا وجود لشيء اسمه داعش حتى تخرج حيث إن هناك ثوار عشائر لم تلب الحكومة أيا من مطالبهم التي اعتصموا من أجلها لأكثر من عام».

لكن وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي وهو من عشائر البوريشة في الأنبار أعلن لدى اجتماعه أمس مع مجلس محافظة الأنبار وعدد من شيوخ العشائر أن ما يسمى بـ«والي الأنبار (من تنظيم القاعدة) توعد شيوخ العشائر بعدم ارتداء العقال والبشت وعدم السماح للنساء بالخروج إلى الشارع أو إبقاء مدرسة لهن»، منتقدا «صمت البعض عن اختطاف 11 امرأة من قبل المسلحين واقتيادهن للصحراء بحجة عدم ارتدائهن الحجاب». وأشار الدليمي إلى أن «داعش تريد إقامة الدولة الإسلامية على جماجم أبناء محافظة الأنبار ومن ثم الانطلاق إلى بغداد»، متوعدا إياهم بأنه «سيكون بينهم وبين بغداد سد من النار».

وأكد الدليمي حرصه على «عدم إطلاق رصاصة واحدة أو دخول جندي واحد إلى الفلوجة»، لافتا إلى أن «من يقتل من أبناء العشائر من أجل الوطن سيحسب شهيدا على سلك الجيش أو الشرطة».

من جانبهم شدد خطباء الجمعة في الرمادي والفلوجة وسامراء على أهمية وأد الفتنة وتنفيذ مطالب المعتصمين مع مطالبة رئيس الوزراء نوري المالكي بإخراج الجيش من المدن. وذهب خطيب جمعة الرمادي أحمد الراوي إلى أبعد من ذلك حين أكد أن «الكثير من المعتصمين حملوا السلاح حاليا ضد الحكومة للدفاع عن أنفسهم من القتل والتهجير»، واصفا ذلك بـ«الإرهاب الحكومي».

وفي هذا السياق أكد نواف المرعاوي عضو لجان التنسيق الشعبية للمظاهرات السابقة في الأنبار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المعتصمين خرجوا من أجل مطالب مشروعة ولكن الحكومة لم تلب أيا منها على الرغم من أن اعتصاماتنا استمرت لمدة عام كامل سلمية»، مبينا أنه «لم يعد أمام الكثير من المعتصمين اليوم سوى حمل السلاح بعد أن أعلن المالكي نفسه من على منصة إحدى المحافظات الجنوبية أن ساحات اعتصامنا هي فتنة وأنه لم يعد بيننا وبينهم سوى بحار من الدم». وأضاف أن «الحكومة هي التي مارست التمييز الطائفي ورفعت الخيم وتحاول جاهدة خلق فتنة داخل الأنبار وبالتالي لم يعد أمامنا سوى الدفاع عن أنفسنا»، مشيرا إلى أن «تكرار الحديث عن داعش إنما هو محاولة للتغطية على ما تقوم به الميليشيات من قتل وتهجير في الكثير من المحافظات».

وفي سياق متصل نفت قيادة عمليات بغداد، دخول أعداد كبيرة من عناصر تنظيم «داعش» إلى بغداد. وقال الناطق باسم عمليات بغداد سعد معن في تصريح صحافي إن «معركتنا مع التنظيمات الإرهابية لم تنته، وقياداتنا الأمنية في الأنبار تحقق نتائج جيدة، وقد تكون هناك عناصر من هذا التنظيم دخلت إلى بغداد مع المدنيين والنازحين من محافظة الأنبار وهم يتنكرون عادة بزي النساء». وأضاف معن أن «عناصر التنظيم يحاولون إيجاد موطئ قدم لهم من خلال عمليات إرهابية لها صدى إعلامي».