هدنة في حمص «بالونة اختبار» للمفاوضات السورية.. وبحث ملف المعتقلين اليوم

الإبراهيمي يعلن التقدم «نصف خطوة».. ويطالب الوفدين بالحد من التصريحات الإعلامية

وفد المعارضة السورية ووزير الخارجية وليد المعلم لدى وصولهما صباح أمس إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف (أ. ب)
TT

بعد إنجاز اليوم الأول من المفاوضات بين الحكومة والمعارضة السورية في جنيف، يستعد الطرفان لليوم الثاني من المفاوضات التي ترتكز على ملف المعتقلين والمخطوفين في سوريا. وصرح ممثل الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي بأنه سيعقد جلسة جديدة من المفاوضات الثلاثية مع الحكومة والمعارضة السورية، مضيفا أن «الطرفين يتحدثان، ولكن من خلالي».

ويأتي ذلك بعد إتمام اليوم الأول من المفاوضات الثلاثية بـ«نجاح نسبي»، إذ لم ينسحب أي طرف وجرى الاتفاق على السعي إلى فرض وقف إطلاق نار في حمص القديمة والسماح لدخول مساعدات غذائية وطبية للمحاصرين منذ أشهر فيها. وأوضح الإبراهيمي أن محادثات أمس تمحورت حول إمكانية تطبيق الهدنة في حمص والتي تعتمد على التطبيق على واقع الأرض في حال توصل محافظ حمص إلى اتفاق مع القوات الأمنية هناك.

واعتبر عضو الوفد المفاوض المعارض لؤي الصافي أن وقف الإطلاق المحلي في حمص «بالونة اختبار» للمفاوضات السورية، أي اختبار لإمكانية التوصل إلى اتفاقات مرحلية تساعد على بناء الثقة بين الطرفين السوريين وتحقيق إنجازات تحسن من وضع السوريين. وعلى الرغم من إجراء المفاوضات حول حمص والإعداد لمفاوضات اليوم حول المعتقلين، أبدى الإبراهيمي حذرا في التعبير عن أي تفاؤل، قائلا «إننا نتقدم نصف خطوة». وأضاف «كانت لدينا جلستان، لم نحقق الكثير ولكننا نواصل. الوفدان هنا».

وتطرق الإبراهيمي إلى التغيير في وفد الحكومة السورية، إذ لم يحضر الوزراء السوريون الجلسة الأولى من المفاوضات، وقال «الوفد قاده ممثل سوريا لدى الأمم المتحدة (بشار) الجعفري، وإن نائب رئيس الوزراء (وزير الخارجية وليد المعلم) كان في المبنى والتقيته».

وحول المحادثات الخاصة بحمص، قال الإبراهيمي «بحثنا الوضع في حمص والبلدة القديمة، وهذه القضية بحثها فريق الأمم المتحدة في دمشق سابقا، ومحافظ حمص سيلتقي بمستشاره الأمني، ونأمل في النهاية أن تدخل قافلة من المساعدات - غذائية وطبية - البلدة القديمة». وأضاف «إننا لم نصل إلى اتفاق حول حمص، لا أعتقد أن الناس هنا سيتوصلون إلى اتفاق - ذلك سيحدث في حمص - هناك قافلة من الاحتياجات جاهزة للدخول».

وفي جلسة اليوم، ستبحث «قضية المعتقلين والمخطوفين، وإذا كان من الممكن أن نفعل شيئا لتأمين حرية بعض المحرومين من حريتهم»، بحسب الإبراهيمي. ومن المتوقع أن يبحث أيضا مصير الراهبات المحتجزات من معلولا بالإضافة إلى المطرانين المخطوفين، بالإضافة إلى الناشطة رزان زيتونة وثلاثة معها اختفوا في دمشق ويتوقع أنهم في سجون النظام السوري. وقال الإبراهيمي «نأمل أن يستعيد كل هؤلاء حريتهم.. هناك الآلاف في سجون الحكومة».

واقر الإبراهيمي بأن المفاوضات صعبة جدا، قائلا «نحن نمشي بالنصف خطوة، لا الخطوة». وأضاف «لا يوجد شك في أننا سنتطرق بكل تأكيد إلى تطبيق بيان (جنيف 1) الصادر في 30 يونيو (حزيران)، هذا هو الموضوع الرئيس للاجتماع». وأوضح «الحديث في القضايا الأخرى يأتي للتمهيد وخلق جو إيجابي من أجل الهدف الأساسي الذي جئنا من أجله». وتابع «طموحنا إنهاء هذه الحرب وإعادة الاطمئنان للناس.. بدأنا بالأمور الإنسانية كي يتعود الناس على مخاطبة بعضهم البعض حتى عند الحديث عن الأمور الأصعب تكون أسهل، لكن لا أتوقع أن تكون سهلة». ويعتبر موضوع حمص وملف المعتقلين ضمن محادثات تمهيدية لبدء البحث في الحل السياسي غدا (الاثنين).

ولفت الصافي إلى «اننا نريد أن نفتح ممرات إنسانية في كل سوريا، حمص بالونة اختبار».

وردا على سؤال من صحافية من قناة موالية للحكومة السورية عن «مكافحة الإرهاب» وإدراجها في المفاوضات، قال الإبراهيمي «الهدف إنهاء الحرب. الحرب هي التي خلقت الظروف لوجود الإرهاب، وأن تكون له جذور وتمتد.. سيقل الإرهاب وينتهي إذا انتهت الحرب وعاد السلام إلى سوريا.. أنا متأكد».

من جهة أخرى، طالب الإبراهيمي كلا الطرفين بعدم الإدلاء بتصريحات تستفز الطرف الآخر. وقال «ترجيت الطرفين أن يكونا حذرين في ما يدليان به إلى الإعلام.. إنني لا أعطي أحاديث صحافية، أتحدث هنا فقط».

وتعليقا على تصريح الإبراهيمي، قال الصافي «إننا أحرار في الحديث للسوريين. يحتاج الناس أن يستمعوا منا بدلا من الاعتماد على إعلام غير موثوق. هناك جهود ممنهجة لتشويه صورة الأحداث» من قبل أطراف من الحكومة السورية.

ومن جهته، أكد وزير الإعلام نائب رئيس الوفد الرسمي السوري إلى مؤتمر «جنيف 2»، عمران الزعبي، أن الوفد موجود في جنيف لإطلاق «عمل ومسار سياسي واقعي ومنطقي يعنى بالشأن السوري ولا يسمح للآخرين بالتدخل». وأضاف في تصريحات للصحافيين «نحن منفتحون على كل نقاش ضمن توجهات السياسة السورية خاصة في ما يتعلق ببيان جنيف الأول وبالتحفظات السورية المعلنة وليست السرية»، لافتا إلى أنه «لا يجوز للفريق الآخر أن يكون متفاجئا بهذا الكلام إذ إنه وبعد صدور بيان جنيف الأول مباشرة كان هناك موقف سياسي رسمي سوري معلن ومبلغ إلى الأمم المتحدة وإلى الدول الكبرى حول التحفظات على البيان». لكنه أضاف أن لدى الحكومة السورية «تحفظات كاملة» على آلية الحكم الانتقالية المنصوصة في بيان «جنيف 1»، مما قد يصعب المفاوضات السياسية غدا.

ومن جهته، أكد نائب وزير الخارجية عضو وفد الحكومة السورية فيصل المقداد أن «القيادة السورية تؤمن بالشعب السوري وبأن إخراجه من الكارثة التي فرضتها الدوائر الاستعمارية القديمة الجديدة على سوريا مهمتها الأساسية». وأضاف «عادة في العمل السياسي تكون (البدايات) متواضعة، لكننا متفائلون، ونحن سنبني على هذه البدايات المتواضعة لأننا نرغب في أن نخرج شعب سوريا من هذه الكارثة التي يمر بها نتيجة للأعمال الإرهابية»، في تعبير يستخدمه النظام السوري للإشارة إلى الأزمة في البلاد على أنها «أزمة إرهاب».

وعلى الرغم من المهاترات الإعلامية، يبدو أن الطرفين ملتزمان بالحوار. ولفتت مصادر دبلوماسية عربية إلى أن هناك توقعات بأن تستمر المفاوضات خلال الفترة المقبلة، لأن الدولتين الأساسيتين الداعمتين للعملية السياسية، الولايات المتحدة وروسيا، ملتزمتان باستمرار المفاوضات في هذه المرحلة. وأفادت المصادر بأن الأنظار تتجه للحكومة السورية لتقديم تنازلات تساعد على دفع عملية التوافد. وأوضح دبلوماسي عربي مطلع على سير المحادثات لـ«الشرق الأوسط»: «النظام لديه السلطة في البلد والقدرة على تقديم التنازلات، كما تزداد الضغوط عليه للالتزام بمبادئ (جنيف 1) وسيكون ذلك اختبارا لوفد النظام خلال الفترة المقبلة».

والتقى رئيس البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة في جنيف اليكسي بورودافكين بالمقداد، أمس، بينما واصل المبعوث الأميركي للمعارضة السورية روبرت فورد اتصالاته بوفد المعارضة السورية. وجرى لقاء بين أعضاء من الفريقين الأميركي والروسي أمس حيث بحثا سير المفاوضات وإمكانية إنجاح هدنة حمص.