رجل الأعمال في مواجهة الدبلوماسي «النرجسي»

البحرة تلقى دورات في فن التفاوض.. والجعفري يعرف «من أين تؤكل الكتف»

هادي البحرة و بشار الجعفري
TT

اختار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الدبلوماسي بشار الجعفري، ممثل سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، لقيادة مفاوضات «جنيف 2» للسلام في سوريا مع وفد الائتلاف السوري المعارض الذي سمى بدوره رجل الأعمال وخبير الاتصالات هادي البحرة لقيادة تلك المهمة الشاقة.

ويعرف عن الجعفري قربه من وزير الخارجية السوري وليد المعلم وبالتالي يعد من أكثر الشخصيات «إخلاصا للنظام السوري وولاء له»، وهو ما أهله في عام 2006، لتعيينه سفيرا فوق العادة والمفوض والممثل الدائم للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة في نيويورك.

يستدل كثيرون إلى هذا الواقع، من قراءة تجربة الجعفري في السلك الدبلوماسي، وترقيته، من غير أن ينفوا «كفاءته التي اقترنت بنسج شبكة علاقات قربته من النظام». ويقول سفير سوريا السابق لدى السويد بسام العمادي لـ«الشرق الأوسط» إن الجعفري، منذ عمله في فرنسا في الثمانينات من القرن الماضي، «أظهر إخلاصا للنظام، واستغل الظروف التي أهلته للوصول إلى المناصب، آخرها ممثل سوريا لدى الأمم المتحدة، ورئاسة الوفد التفاوضي إلى جنيف، وأهم تلك الظروف هي القرب من رجل النظام الدبلوماسي الأقوى وليد المعلم».

ويظهر إخلاص الجعفري للنظام، من واقعة إرساله مئات الرسائل إلى الأمم المتحدة، تضمنت معلومات عما سماهم «إرهابيين جاءوا إلى سوريا لقتال الجيش» النظامي، كما يعرف عنه مهاجمته الدائمة للإعلام، وقد سبق له أن هاجم قناة «العربية» في إحدى مداخلاته بمجلس الأمن على خلفية استضافتها قائدا ميدانيا معارضا قال عنه الجعفري إنه «إرهابي».

لكن تلك الميزات، ليست الوحيدة التي زادت ثقة النظام بالجعفري.. فقد بدأ قربه من النظام، منذ اقترانه بزوجته الإيرانية التي تعرف عليها في باريس، وقربته تلك المصاهرة بالإيرانيين خلال شهر العسل السوري - الإيراني إبان الحرب العراقية – الإيرانية، كما يقول العمادي، «مما وفر له دعما داخل النظام». وحين أرسل إلى باريس، ضمن بعثة لدراسة العمل الدبلوماسي مع صديقيه فيصل الحموي وحمزة الدواليبي، يقول العمادي إن «أصدقاءه كانوا يشتكون من تصرفاته النرجسية، وأظهرت تجربته أنه شخص ذكي، يعرف من أين تؤكل الكتف، وليس له صداقات حقيقية إلا بالمعنى المصلحي». وبهذا المعنى «كان يتخلى عن أصدقائه، مثل محمود الدريكي، بعدما اشتبك الأخير مع المعلم، وذلك بهدف حماية علاقته بالمعلم».

واستطاع الجعفري في ما بعد، نسج علاقات خاصة مع أوروبيين وأميركيين ساهمت إلى حد كبير في تركيبته كرجل يعتمد عليه في النظام. ويترأس اليوم الجعفري وفد النظام إلى جنيف الذي يصفه العمادي بـ«المتمرس في التفاوض والعمل الدبلوماسي».

في المقابل، اختار «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، رجل الأعمال وخبير الاتصالات هادي البحرة ليكون كبير المفاوضين في وفده الذي يضم 16 عضوا. ويتحدر البحرة، مواليد عام 1959، من مدينة دمشق. وهو حاصل على بكالوريوس في الهندسة الصناعية من جامعة ويتشتا في الولايات المتحدة. وسبق أن عمل مديرا تنفيذيا لمستشفيات «عرفان وباقدو» في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة بين (1983-1987)، ثم صار المدير التنفيذي لشركة الأفق للتطوير التجاري في الفترة بين (1987-2003)، ليشغل بعدها منصب المدير العام لشركة الأفق العالمية للمعارض بين عامي (2004-2005)، ثم مديرا تنفيذيا لشركة «تكنو ميديا» من 2005 وحتى الآن.

ورغم أن البحرة غير معروف من بين أسماء السياسيين الذين عارضوا نظام الرئيس بشار الأسد، لكنه يملك قدرات تفاوضية كبيرة بحكم عمله الاقتصادي والتجاري، بحسب ما يؤكده عضو «الائتلاف المعارض»، فايز سارة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «رئيس الوفد ستكون مهمته إدارة عملية التفاوض ضمن عمل جماعي، إذ يوجد ضمن وفد الائتلاف إمكانات مختلفة تتوزع بين الدبلوماسية والقانون والسياسة».

ويوضح سارة أن «البحرة تلقى دورات عدة في فن المفاوضات، إضافة إلى مشاركته في العديد من جولات التفاوض الداخلية والخارجية».

ويتقن البحرة الذي ينتمي إلى كتلة «الاتحاد الديمقراطي»، الإنجليزية محادثة وكتابة، كما لديه خبرة واسعة في أنظمة الاتصالات وتكنولوجيا العرض، وفي كل ما يتعلق بالإنتاج الإعلامي، وتنظيم المؤتمرات، وأنظمة العرض والترجمة. وقد استفاد البحرة من خبراته في الاتصالات ووظفها في تقديم خدمات تصب في صالح الحراك الشعبي في بلده، حيث ساهم في تأسيس مجموعات دعم وتنسيق التواصل بين الداخل ووسائل الإعلام، كما ساهم في النشاط الإعلامي والإغاثي والسياسي للحراك الشعبي المناهض للنظام السوري.