المباحثات الحكومية تدخل أسبوعها الحاسم.. بين «الصيغة الجامعة» أو «الحيادية»

مصادر لبنانية مطلعة: سلام وسليمان لن ينتظرا أكثر من أيام قليلة لاتخاذ القرار المناسب

وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور بحضور نائب رئيس الوزراء سمير مقبل يضع حجر الأساس لمبنى جديد للوزارة في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

أدت العقبات التي تواجه كلا من الرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام إلى عودة الحديث عن صيغة «الحكومة الحيادية» (من غير السياسيين) أو «حكومة أمر واقع» من دون الحزبين المسيحيين «القوات اللبنانية» في قوى «14 آذار»، و«التيار الوطني الحر» في قوى «8 آذار».

جاء هذا التطور في ظل قرار القوات اللبنانية، الإحجام عن المشاركة في الحكومة قبل انسحاب حزب الله من القتال في سوريا، وتصلب النائب ميشال عون في موقفه لجهة رفضه المداورة في الحقائب، وتحديدا رفضه التنازل عن حقيبة وزارة الطاقة والمياه. وفي هذا السياق، أشارت مصادر الرئيس المكلف لـ«الشرق الأوسط»، إلا أن الأخير لا يزال في انتظار نتائج المباحثات التي تجرى بين حزب الله والنائب عون، لافتة إلى أنه لا قرار بتأليف حكومة من دون «الحزبين المسيحيين».

من جهة ثانية، بات واضحا أن القرار بتأليف الحكومة بات في سباق مع الوقت الذي يضيق يوما بعد يوم، ما قد يدفع سليمان وسلام للبت بصيغة الحكومة المناسبة، والامتناع عن الانتظار لأكثر من أيام قليلة، على أن يكون الأسبوع المقبل حاسما، وفق كلام مصادر متابعة للمباحثات لـ«الشرق الأوسط».

المصادر استندت في ذلك إلى موقف صادر عن رئيس كتلة حزب الله النيابية النائب محمد رعد إذ طلب من الرئيس سليمان خلال زيارته الأخيرة الخميس الماضي، إعطاء الحزب مهلة بضعة أيام إضافية لاستكمال المفاوضات مع عون.

وهذه الأجواء نفسها، نقلها المهندس سمير مقبل، نائب رئيس مجلس الوزراء، بقوله في تصريح إنه «إذا لم تتألف الحكومة حسب الاتفاقات خلال ثلاثة أيام، سيعمد الرئيس اللبناني بالتعاون مع رئيس الحكومة المكلف إلى إصدار مراسيم الحكومة بالطريقة التي تناسب البلد. إننا نتحدث في هذا الإطار عن حكومة جامعة ولكن بالطريقة التي تناسب الدولة».

وتابع مقبل «لا نستطيع إبقاء ملف الحكومة معلقا من أجل شخص أو حقيبة ما.. فهناك قضايا تتطلب حلولا، وهناك مصلحة وطنية عليا وعلى كل الأفرقاء أن يساهموا في تأليف الحكومة وسير عجلة الدولة». وفي حين يبذل حزب الله جهودا لإرضاء النائب عون في محاولة منه ليكون قرار قوى «8 آذار»، موحدا.

هذا ونصح رعد بالتريث في موضوع التأليف، والامتناع عن «إبقاء مكون أساس خارج الحكومة في هذه المرحلة خصوصا إذا كان يحقق تمثيلا وازنا للمسيحيين (في إشارة إلى عون).. فمعنى ذلك أن الحكومة قد يكون مشكوكا في ميثاقيتها. وعليه ينبغي أن نعطي لأنفسنا فرصة من أجل بذل جهود مخلصة لاستيعاب الجميع وللتوافق مع الجميع. من صبر تسعة أشهر يمكن أن يصبر تسعة أيام». كذلك تطرق رعد إلى موضوع البيان الوزاري، ولا سيما معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» التي تطالب قوى 14 (آذار)، بالاستعاضة عنها بـ«إعلان بعبدا»، الذي ينص على حياد لبنان، فقال رئيس كتلة حزب الله موضحا «منذ البداية كنا نطالب بحكومة سياسية وانتظرنا حتى تم التوافق عليها، ومن ثم قلنا نؤجل البيان الوزاري وسنجد في اللغة العربية ما يسعفنا في التوصل إلى مفردات ترضي وتوصل إلى قواسم مشتركة».

وهذا ما ذهب إليه أيضا نبيل نقولا النائب في كتلة عون. إذ عد نقولا في تصريح صحافي «أن هناك عملية إقصاء للشريحة الكبرى من المسيحيين»، مضيفا «إذا أرادوا تأليف حكومة من دوننا فليفعلوا، ولكننا لا نقبل أن يأخذونا على عجالة». وتمنى نقولا ألا يجرب الرئيس المكلف تشكيل حكومة «أمر واقع» تقصي «مكونات أساسية عن الحكومة لأن هذا يعني خراب البلد»، معتبرا أن إبقاء الممثلين الحقيقيين للمسيحيين في لبنان خارج السلطة فهذا يعني أن الحكومة غير ميثاقية، واستطرد «لا شرعية لسلطة تناقض العيش المشترك». ثم لفت إلى أن مدة الحكومة ستكون ثلاثة أشهر وادعى أنه ليس المطلوب من «المداورة» (أي تداول الحقائب الوزارية) إلا تأخير مشاريع «التيار الوطني الحر» (العوني) في الوزارات التي بحوزته، إلا إذا كان هناك نية أن تحل هذه الحكومة مكان رئيس الجمهورية.

في المقابل، دعا الدكتور سمير جعجع، رئيس حزب «القوات اللبنانية»، إلى تأليف حكومة حيادية، قائلا «لا يمكن ترك البلاد من دون حكومة، شرط أن تكون منسجمة بالحد الأدنى وفعلية، ومواصفات كهذه لا تتأمن في الوقت الراهن إلا بحكومة حيادية». وأردف: «لدي قناعة بأنه طالما حزب الله موجود بالوضعية التي هو عليها الآن، لن نتمكن من تحسين البلاد بل ستتجه الأمور من سيئ إلى أسوأ»، قبل أن يتساءل «كيف يمكن أن نزاوج بين حرب حزب الله في سوريا ووجود دولة لبنانية؟» ومن جهته، أعلن النائب محمد الحجار، عضو كتلة «المستقبل»، أن هناك عقبات مستجدة أمام تأليف الحكومة، لافتا إلى أنه تبين أن النائب عون يرفض الالتزام بمبدأ «المداورة» في الحقائب الوزارية، معتبرا أن هذا الرفض مستجد. وتابع الحجار، في تصريح له «رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد لنا، عند لقائنا معه، أن حزب الله ملتزم بموضوع المداورة وأنه والحزب سيتكفلان بإقناع عون، وما طمأننا أيضا أنه عندما التقى الوزير جبران باسيل الرئيس سليمان أبلغه أنه موافق على تأليف الحكومة لم يأت على ذكر رفضه مبدأ المداورة». ثم أضاف «لقد قدمنا كل شيء، ولكن إذا كان الطرف الآخر غير قادر على الالتزام بتعهداته فيجب على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تأليف حكومة».