الحكومة الأوكرانية تختار التشدد مع المتظاهرين وتستبعد الحل السلمي للأزمة

قتيل ثالث.. ووزير الداخلية يتهم المحتجين باحتجاز شرطيين وتعذيبهما

متظاهرون يقطعون براميل معدنية بمنشار كهربائي للحصول على دروع يواجهون بها قوات مكافحة الشغب في وسط كييف أمس (أ.ب)
TT

شكك وزير الداخلية الأوكراني فيتالي زاخارتشنكو، أمس، في فرص التوصل إلى حل سلمي للأزمة المتصاعدة في بلاده، وأكد أن الشرطة ستتعاطى مع المتظاهرين المتجمعين في وسط العاصمة كييف ومع الذين يحتلون مباني حكومية على أنهم أعضاء في «مجموعات متطرفة». وأشاعت هذه التصريحات أجواء تشاؤم في البلاد غداة الإعلان عن تنازلات من جانب الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الذي يتعرض لضغوط متزايدة، سواء من الاتحاد الأوروبي أو من مؤيديه. وارتفعت الحصيلة الرسمية لمواجهات الأسبوع في كييف إلى ثلاثة قتلى بعد وفاة رجل في الخامسة والأربعين من عمره في المستشفى أمس. وقال حزب سفوبودا المعارض إن هذا الرجل أصيب بالرصاص في صدره الأربعاء الماضي. أما المعارضة فتتحدث عن ستة قتلى.

وقال زاخارتشنكو في بيان مخاطبا المتظاهرين «ابتعدوا عن المتشددين واذهبوا إلى مكان آمن»، مضيفا أن ناشطين من المعارضة احتجزوا شرطيين قبل أن يطلقوا سراحهما، وتبين أنهما تعرضا لأعمال «تعذيب». وأضاف «كل الذين سيبقون في ساحة الاستقلال (بكييف) وفي المباني الحكومية المحتلة سيعتبرون عناصر في مجموعات متطرفة».

وذكر زاخارتشنكو الذي يطالب المحتجون بإقالته، أيضا، أن المعارضة فقدت السيطرة على المتظاهرين الذين يخزنون الأسلحة كما قال. إلا أن رينات اخميتوف، أغنى رجل في أوكرانيا والمقرب من الرئيس، تحدث عن تصدعات في الحزب الحاكم، ووصف اللجوء إلى استخدام القوة بأنه «غير مقبول». وشدد هذا الملياردير على القول بأنه «لا يمكن إلا أن يكون هناك حل سياسي للأزمة السياسية». وهو يتحدر مثل فيكتور يانوكوفيتش من مدينة دونيتسك الصناعية شرق البلاد الناطق باللغة الروسية، والذي عد لفترة طويلة من أبرز ممولي «حزب المناطق». وبعد نحو يومين من عودة الهدوء تصاعدت من جديد حدة التوتر الليلة قبل الماضية في شارع غروشفسكي الذي شهد أعمال حرب عصابات هذا الأسبوع، وألقى المتظاهرون بزجاجات مولوتوف وحجارة على عناصر شرطة مكافحة الشغب الذين ردوا بإلقاء قنابل صوتية وإطلاق الرصاص المطاط.

ولم يقنع المتظاهرين المستنفرين منذ أكثر من شهرين إعلان فيكتور يانوكوفيتش عن تعديل وزاري الأسبوع المقبل وعن تعديلات للقوانين الجديدة التي تقيد حركة الاحتجاج. وقال متظاهر أمضى الليلة قبل الماضية في مواجهة عناصر الشرطة في شارع غروشفسكي «نقوم بكل ما في وسعنا حتى نطيح بالسلطة»، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وقال متظاهر آخر يدعى فيتالي «لم أعد أثق في السلطة. الجميع خائفون، لكن ليست لدينا خيارات أخرى».

وتبادلت السلطات والمعارضة التهم بالاستفزاز والتحريض بعد الإعلان عن العثور على جثة شرطي، من دون ربط مقتله بالاحتجاجات، وسجن 12 متظاهرا فترة شهرين. وفي خارج كييف، نزل آلاف المتظاهرين الذين يطالبون باستقالة الحكام الذين عينهم الرئيس في معظم مناطق الغرب الناطقة باللغة الأوكرانية والتي تطالب بالانضمام إلى أوروبا.

ويواجه الرئيس يانوكوفيتش ضغوطا دبلوماسية من الاتحاد الأوروبي الذي طالب أمس بـ«خطوات ملموسة» للعودة إلى الهدوء. وعقد لقاء بين رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي، والرئيس البولندي برونيسلاو كوموروفسكي، في وارسو أمس، تطرق إلى الوضع في أوكرانيا. كما يتوقع أن تزور منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون كييف في 30 و31 يناير (كانون الثاني) الحالي. وحتى ذلك الحين، ستعقد قمة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا التي يتهمها الأوروبيون باستخدام نفوذها لإقناع كييف بالتخلي عن اتفاق للتبادل الحر مع بروكسل، وهذا القرار هو الذي تسبب في الاحتجاجات الحالية.

وبعد لقاء عقد أول من أمس مع المفوض الأوروبي للتوسع ستيفن فولي، أعلن فيكتور يانوكوفيتش مجموعة من التنازلات التي أحدثت مفاجأة غداة مفاوضات مع المعارضة لم تؤد إلى أي نتيجة. وأعلن أن الحكومة التي تطالب المعارضة باستقالتها سيجري تعديلها خلال جلسة استثنائية للبرلمان الثلاثاء المقبل. وأوضح يانوكوفيتش أنه ينوي الإفراج عن جميع المتظاهرين المعتقلين وتعديل القوانين المثيرة للخلاف التي أقرت الأسبوع الماضي وكان الهدف منها تشديد العقوبات التي قد تصل إلى حد السجن ضد المتظاهرين.

وبعد توقيع هذه القوانين، اشتدت حركة الاحتجاج التي ولدت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إثر تغيير السلطة موقفها ورفضها توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي وتفضيلها روسيا. وقال الملاكم السابق المعارض فيتالي كليتشكو إن «تغيير الحكومة لا يكفي، يجب تغيير قواعد اللعبة»، معربا عن استعداده لإجراء محادثات جديدة مع السلطة.