تكتيكات جديدة للمتشددين في مصر

وصفها البعض بـ«جمعة الترويع بالتفجيرات»

مدرعات الجيش المصري عند أحد مداخل ميدان التحرير في الذكرىالثالثة وسط القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

أثار وقوع أربعة انفجارات متتالية هزت المناطق التي وقعت بها في القاهرة الانتباه إلى التكتيكات الجديدة التي بدأت تتبعها الجماعات الإسلامية المتشددة الموالية للرئيس السابق محمد مرسي. وخلا نهار يوم أول من أمس الجمعة من مسيرات جماعة الإخوان لتحل محلها سلسلة من التفجيرات في الكثير من المواقع كان أخطرها في مديرية أمن القاهرة، المركز الرئيس لشرطة العاصمة، بالإضافة إلى تفجيرات طالت بعض النقاط الأمنية ومحطات المترو.

ومع انقضاء يوم الجمعة أصبح من المعتاد أن تستمع إلى تعليقات المصريين التي تقول إجمالا إنها كانت «جمعة الترويع بالتفجيرات»، بدلا من الأسماء المعتادة التي كانت يطلقها أنصار مرسي على مظاهرات أيام الجمع، مثل «جمعة الشرعية» و«جمعة الحرائر» وغيرها. وتقول مصادر أمنية، إن «جماعة الإخوان ومن معها من تيارات إسلامية متشددة بدا أنها تريد إخافة المواطنين من النزول للاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير 2011 بالتفجيرات لا بالمظاهرات».

ولوحظ طيلة يوم الجمعة، وعلى غير المعتاد اختفاء مشاهد الخروج الجماعي للإخوان في المسيرات التي ترفع إشارة رابعة العدوية (الأصابع الأربعة) أو صور الرئيس المعزول في الشوارع الرئيسة بمدينتي القاهرة والجيزة، واكتفت الجماعة برفع هذه الشعارات في بعض الضواحي الفقيرة وفي الشوارع الجانبية البعيدة عن وسط المدن وفى أطراف عدة محافظات.

وكان المشهد في شارعي فيصل والهرم، أهم شارعين في محافظة الجيزة المجاورة للقاهرة، مختلفا حيث اتبعت الدولة تكتيكاتها ونشرت مجموعات أمنية بزي مدني دون نشر أي معدات للشرطة أو الجيش للمتابعة. وفى حال حدوث أي عنف أو إرهاب سرعان ما تجد انتشارا أمنيا كبيرا.

لكن يبدو أن هذا المشهد فتح شهية بعض العناصر المتشددة فعندما وجدوا أن الشوارع خالية من المعدات الأمنية قاموا بزرع عدة متفجرات بدائية الصنع في أكثر من موقع، لكن رجال الشرطة سرعان ما قاموا باكتشافها وتفكيكها قبل الانفجار ومنها ما انفجر بالفعل أمام سينما رادوبيس بالهرم، وكانت خسائرها محدودة.

بينما قامت مجموعات أخرى من المتشددين بالخروج في مسيرات محدودة في منطقة المطبعة والطالبية في الجيزة أيضا للاشتباك مع المسيرات التي خرجت للاحتفال بذكرى ثورة يناير وتأييد الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وهي المسيرات التي كانت ترفع الأعلام الوطنية وترفع صور السيسي تحت شعارات «الجيش والشرطة والشعب يد واحدة».

وقامت مجموعات المتشددين الذي يعتقد أنهم من أنصار مرسي بالاشتباك مع عدة مسيرات من هذا النوع، واشتبكت بالسلاح والخرطوش وأشعلت إطارات السيارات على طول شارعي الهرم وفيصل إلا أن المواطنين وسكان هذه المناطق خرجوا عليهم بالعصي، وقاموا بمطاردتهم وفتحوا الطريق الذي حاول أتباع الإخوان قطعه وهو المشهد الذي تسبب في الفوضى وإرباك المرور.

والغريب والملاحظ أن كل ما يقوم به أنصار الجماعة مجرد مناوشات لا تستغرق أكثر من ساعة مع اتباع سياسة الكر والفر السريع حتى لا تلاحقهم القوات الأمنية، وسرعان ما يختفون جميعا متنقلين إلى مناطق أخرى.

وتحاول مجموعات أخرى من المتشددين بث الرعب والخوف في نفوس المصرين بمحاولة إظهار أن الدولة غير قادرة على التأمين وأن الأجهزة والمعدات الأمنية اختفت خوفا منهم، وينصحون المواطنين بعدم الخروج يوم 25 يناير، حتى لا يتعرضوا للموت والإصابة بسبب عمليات العنف والإرهاب التي ستحدث.

وانتهت نيابة عين شمس في شرق القاهرة أمس من معاينة معهد مندوبي الشرطة عقب انفجار قنبلة بجواره صباح أمس. وأدى التفجير لتلفيات في محولي الكهرباء والمربع الرابع في سور المعهد، بالإضافة إلى تحطيم نوافذ وزجاج مسجد المعهد، بالإضافة إلى احتراق ثلاث سيارات خاصة، وإتلاف عدة محال تجارية. وقال شهود عيان، إن «الحادث نتج عن قيام مجهولين بالنزول من سيارة وإلقاء القنبلة بجوار محول الكهرباء المجاور للمعهد وفروا هاربين».

على الجانب الآخر أثار انفجار مديرة أمن القاهرة يوم الجمعة سيلا من الشائعات والاتهامات المتبادلة بعدم اتخاذ وزارة الداخلية الإجراءات الكافية للتأمين. وأحدث الانفجار خسائر لا يمكن تعويضها خاصة ما لحق بالمتحف الإسلامي المجاور لمديرية الأمن وتحطم مقتنيات نادرة وكأن المستهدف وزير الداخلية وأجهزته، أو كما يقول البعض أيضا «استهداف ذاكرة التاريخ المصري الإسلامي المتمثل في الآثار التي يحتويها المتحف الإسلامي».

ورغم شدة التفجير فإن جماهير الشعب المصري خرجت إلى موقع الحدث وتلاحمت مع الشرطة دون خوف أو تردد وأعلن الجمهور من موقع الحدث أن الانفجار سيكون آخر يوم في تاريخ الإرهاب.