إصرار عون على حقيبة الطاقة يهدد فرصة تشكيل حكومة جامعة

باسيل يعد وزارة النفط «ضمانة جديدة للمسيحيين»

ميشال عون
TT

يهدد إصرار النائب ميشال عون، الحليف المسيحي لقوى 8 آذار، على رفض المداورة في الحقائب الحكومية وتمسكه تحديدا بحقيبة الطاقة، التي وصفها وزير الطاقة جبران باسيل أمس بأنها حقيبة «ضامنة للمسيحيين»، إضافة إلى حقيبة الاتصالات - بعودة مشاورات تأليف الحكومة اللبنانية إلى المربع الأول، مع إصرار الرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام على التمسك بمبدأ المداورة في الحقائب والمضي بتشكيل الحكومة.

وفي انتظار بلورة نتائج اتصالات يجريها حزب الله مع عون من أجل التوصل إلى مخرج لا يطيح بتشكيل حكومة «جامعة»، قالت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتصالات مستمرة بين كل الأفرقاء، والرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام يتابعان حراكهما لتأليف حكومة جامعة»، مؤكدة أن «جلاء الصورة رهن نجاح مفاوضات يجريها وسطاء مع عون»، في إشارة إلى حزب الله، من أجل تغيير موقفه من «مداورة الحقائب».

ورفضت المصادر ذاتها التعليق على اعتبار وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية جبران باسيل أن سلام «ليس حاكما بأمره في التأليف»، مؤكدة أن الكرة في ملعبه حاليا، وأن العقدة الأساسية هي في مطالب عون في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن إيجاد مخرج لمطالب 14 آذار يبقى أسهل من حل عقدة عون.

وكان باسيل أعلن أمس أن «مجلس الوزراء يشكل مركز السلطة الإجرائية التنفيذية وهو بعد اعتماد المناصفة في اتفاق الطائف أخذ صلاحيات رئيس الجمهورية»، مستنتجا أن «القرارات العادية تؤخذ بالنصف زائدا واحدا، أي ليس باتفاق طائفة بكاملها على ذلك، ما يعني أن الرئيس المكلف ليس حاكما بأمره في التأليف».

ودعا باسيل، خلال مؤتمر صحافي في البترون، إلى «تخفيف التعقيدات القائمة وليس اختلاق تعقيدات جديدة مثل المداورة وتسمية الحقائب وتوزيعها». وشدد على أن «حقيبة النفط ضمانة جديدة للمسيحيين»، موضحا أن «من حولها إلى هكذا حقيبة لا يعاقب، وأعني بها تيارا وليس شخصا، فمن حق هذه الطائفة أن تؤتمن مرحليا عليه».

ورأى باسيل أن المقصود من الإصرار على مبدأ المداورة بالحقائب في الحكومة الجديدة «هو استهداف وإقصاء لما هو أكبر من شخص أو اسم فقط، والاستهداف هو لتيار أولا ولطائفة ثانيا ولوطن ثالثا، والاستهداف هو لإنجاز ولقطاع، فنفط لبنان مستهدف ورفضنا اقتناص حقيبته هو من خوفنا عليه».

وفي سياق متصل، رأى النائب في كتلة عون سيمون أبي رميا أن «المطالبة بالشراكة هو حق، ومنطق التغييب والتهميش قد ولى ولن نقبل بالعودة إلى نمط التعاطي الفوقي الذي كان سائدا سابقا. وهذا الهدف ليس حكرا على التيار الوطني الحر وحده، بل أيضا يمثل إجماعا مسيحيا صارخا من كل التيارات والأحزاب المسيحية»، لافتا إلى أن حزب الله واع لهذه الحقائق، وهو يتعاطى معها بإيجابية نابعة من تفهم وقناعة.

في موازاة ذلك، لا يزال حزب الله على إصراره لناحية تشكيل حكومة سياسية جامعة، وهو يتولى التواصل مع عون من أجل تليين موقفه، لا سيما أن من شأن إصراره على نسف المداورة على الحقائب أن يطيح بموافقة 14 آذار على المشاركة في الحكومة. وأشار النائب في حزب الله حسن فضل الله، إلى «مساع جدية لإنجاز تأليف الحكومة السياسية الجامعة التي كنا ندعو إليها منذ البداية»، داعيا إلى «الإسراع في تشكيلها لكن من دون تسرع». وقال إن «العقبات والعراقيل يمكن معالجتها بالحوار البناء بين المكونات الأساسية ليأخذ كل ذي حق حقه». ولفت فضل الله، خلال احتفال تأبيني أمس في جنوب لبنان، إلى أن «الاتصالات والفرصة لا تزال قائمة، والأبواب لم تقفل بعد، فعلينا جميعا أن نغتنم هذه الفرصة وألا يسعى أحد إلى تضييعها بالشروط والعراقيل وبمحاولة سن أعراف جديدة في تشكيل الحكومات»، مشددا على أن «حكومة الوحدة الوطنية حاجة ضرورية وليست محطة تفصيلية أو أنها مرحلة من المراحل من أجل الانتقال إلى مرحلة أخرى».

في المقابل، ناشد النائب في كتلة «المستقبل» نضال طعمة «الرئيس المكلف المضي في مشروع تشكيل حكومة الأمر الواقع، دون مسايرة، أو مهادنة»، مطالبا «رئيس الجمهورية» بضرورة وضع حد لمريدي الفراغ ولمستغلي مقدرات البلد، والمضي قدما في مسيرة استعادة الدولة، وتشكيل حكومة قادرة، منتجة، محمية من فلسفة التعطيل، بأسرع وقت ممكن، في حال استمر هؤلاء في مواقفهم، غير مقدرين التنازلات الكبيرة التي قدمها (رئيس الحكومة الأسبق ورئيس تيار المستقل) الشيخ سعد الحريري، في محاولة صادقة للإنقاذ.

وانتقد في تصريح من «يضعون عقدة المداورة أمام منشار تذليل العقبات، وكأنهم نذروا أنفسهم ليكونوا ستارا لطرف محرج في البلد، وأمسوا طرفا يتقن فن التعطيل، وينقذ حليفه من كل إحراج، ويشكل بمعانداته الدورية واجهة يختبئ خلفها الآخرون، ليمرروا نهج التعطيل، ويكسبوا المزيد من الوقت».

من ناحيته، أكد عضو القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا أنه «من دون اتفاق سياسي مسبق لسنا معنيين بمناقشة شكل الحكومة والحقائب الوزارية فيها»، موضحا أن «قرار القوات ليس قرار رئيس الحزب سمير جعجع، بل قرار الهيئة التنفيذية بأجمعها، مشددا على أن موقف القوات محسوم ونهائي في هذا الموضوع».

وأشار زهرا، في حديث إذاعي، إلى أن «الاتفاق داخل قوى 14 آذار على المشاركة في الحكومة هو أن كل شرط من الشروط الموضوعة لا يمكن المناقشة فيها»، موضحا أن «رفض القوات مشاركة حزب الله في الحكومة ليس لإنكار لبنانيته بل لعدم احترامه أصول الشراكة الوطنية».

من ناحيته، رأى رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، أنه «لا يجوز أن نقع في مسألة عرقلة تشكيل الحكومة على قاعدة الشيطان يسكن في التفاصيل»، آملا أن «تكون هناك حكومة جامعة لكل اللبنانيين وهي حكومة الوحدة الوطنية، لأن أي حكومة لها طابع آخر لن تؤدي إلى الغرض المطلوب لا من قريب ولا من بعيد».

وقال أرسلان في تصريح أمس، ردا على اشتراط قوى مسيحية في فريق 14 آذار الاستبدال بثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، التي تشرع عمليا سلاح حزب الله، «إعلان بعبدا» القاضي بتحييد لبنان عن أزمة سوريا، إن «المطلوب القليل من التواضع في طرح الأمور، وهناك ثوابت معينة يجري طرحها قبل التأليف، كالبيان الوزاري، هذا أمر يجب تركه لما بعد تأليف الحكومة، فتكون لجنة وزارية تبحث في تفاصيل البيان الوزاري»، موضحا أن «طرح مثل هذه الأمور قبل تأليف الحكومة يعرقل تشكيلها».