المعركة ضد الإرهاب تتحول لحرب انتخابية بين كتلة النجيفي وائتلاف المالكي

رئيس الوزراء يريد توظيفها لكسب ناخبي الجنوب

TT

نقلت المعلومات التي كشف عنها مسؤولون حكوميون بارزون مقربون من نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي وزعيم ائتلاف دولة القانون، بشأن كمية الأسلحة في مدينة الفلوجة وأعداد الإرهابيين في المناطق الغربية من العراق، المعركة ضد الإرهاب من الصحراء إلى المدن (الرمادي والفلوجة) ومن ثم إلى أروقة الكتل السياسية، وتحديدا «متحدون» التي يتزعمها أسامة النجيفي، رئيس البرلمان، وائتلاف دولة القانون.

الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية العراقية، عدنان الأسدي، أعلن في مؤتمر ببغداد أن الأسلحة التي دخلت الفلوجة التي يسيطر عليها وفق الرؤية الحكومية تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تكفي لاحتلال بغداد.

في غضون ذلك، قامت قيادة عمليات بغداد بتكثيف إجراءاتها في العاصمة بغداد بدعوى أن أعدادا كبيرة من مسلحي «داعش» دخلوا العاصمة. وبالتزامن مع تصريحات الأسدي، أعلنت مريم الرئيسى، المستشارة السياسية في مكتب رئيس الوزراء، أن عدد الإرهابيين الموجودين في المناطق الغربية من البلاد هم نصف مليون إرهابي. هذه التصريحات وما سبقها أو تزامن معها من تأكيدات للمالكي نفسه بشأن بعض شركاء العملية السياسية الداعمين للإرهاب تدخل في سياق السباق الانتخابي المحموم من أجل تصوير ما يحصل في المحافظات الغربية على أن جزءا منه من فعل سياسيين من أبناء المنطقة أنفسهم. وبربط كل هذه الأحداث والمعلومات بعملية اعتقال النائب السني والقيادي في كتلة «متحدون» أحمد العلواني، على الرغم من حصانته البرلمانية، ومن ثم توجيه تهمة الإرهاب رسميا إليه، فإن الخيوط تكون قد اكتملت تماما.

في هذه الأثناء، دخلت واشنطن على خط الأزمة ولكن من زاوية بدأت تثير قلق المالكي وفريقه، إذ إن الإدارة الأميركية وجهت دعوات لقادة سنة بارزين، مثل النجيفي ونائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك، وبدأت تبحث معهم سبل إنهاء التوتر في المنطقة الغربية. وفي حين يبدو أن ما يفعله المالكي وفريقه ضد هؤلاء الذين تحولوا، بنظرهم، من شركاء سياسيين إلى خصوم ويدعمون الإرهاب، هو الإجهاز على خططهم الانتخابية، مع محاولة تأهيل بدائل لهم، فإن مباحثات النجيفي والمطلك مع الإدارة الأميركية بشأن المعركة المشتركة ضد الإرهاب من شأنها أن ترفع أسهمهما في محيطيهما الانتخابيين.

النجيفي بدا أكثر وضوحا من المالكي حين اتهم الأخير بـ«التفرد» بالقرار السياسي وبأنه لا يشرك أحدا فيه، بينما رئيس الوزراء يريد منهم اتخاذ موقف واضح ضد الإرهاب. المفارقة اللافتة لنظر المراقبين السياسيين هي أن هناك من يريد حسم المعركة ضد الإرهاب في أروقة الكتل قبل حسمها في سوح المعارك بالرمادي والفلوجة ما دام المكانان يوفران ميدانا خصبا للجدل السياسي في إطار البيئة الانتخابية.. فالمالكي وفريقه السياسي لا يراهنان على أي صوت انتخابي هناك في المحافظات الغربية الخمس التي بات يطلق عليها «المحافظات المنتفضة»، لكنهما يراهنان على بيئة انتخابية في الوسط والجنوب يثير الحديث عن الإرهاب رعبها ولا سيما مع تضخيم حجمها «أسلحة في الفلوجة تكفي لاحتلال بغداد»، كما قال الأسدي، و«أعداد الإرهابيين تربو على نصف المليون»، كما قالت مريم الريس. فالقضاء على كل هذه الأعداد والأسلحة، وفي معركة يقودها المالكي، يعني أنه أصبح بطلا أمام بيئته الجنوبية.

في السياق نفسه، لا يريد المالكي أن يظهر أيا من شركائه الشيعة في التحالف الوطني (التيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي) وأن لهم دورا «بطوليا» في هذه المعركة. ليس هذا فقط، بل إنه يسعى إلى أن يثبت أمام بيئته الانتخابية أنه يحارب نوعين من الإرهاب: إرهابا خارجيا وداخليا تمثله «داعش» و«القاعدة»، وآخر «سياسيا» يقوده خصومه السياسيون من أمثال النجيفي والمطلك ورافع العيساوي، وزير المالية المستقيل، وغيرهم.