أمين عام الاتحاد الاشتراكي المغربي المعارض يتهم الأحزاب بالتنصل من مقترحات المساواة

المعارضة تجتمع اليوم لبحث خطط مواجهة حكومة ابن كيران

TT

اتهم إدريس لشكر، الأمين العام لحزب لاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي المعارض الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية، التي تتغاضى عن الخوض في قضايا المساواة بين الرجال والنساء في جميع مناحي الحياة، بالتنصل من مقترحاتها التي قدمت للجنة الملكية الاستشارية لتعديل الدستور، معلنا أن المئات من المقترحات التي قدمت للجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، كانت قضية المساواة في صلب النقاش فيها.

وعد لشكر، في كلمة ألقاها باسم المكتب السياسي للحزب لدى افتتاحه مساء أول من أمس في الرباط أشغال الدورة الخامسة للجنة الإدارية للحزب، أن إقرار الدستور لمبدأ مساواة الحقوق المدنية يصبح غير ذي معنى من غير تجسيد كل المقتضيات الدستورية التي تضمن المساواة الكاملة بين المواطنات والمواطنين.

ونفى لشكر أن يكون وراء دعوته في وقت سابق إعادة النظر في أحكام الإرث وتعدد الزواج «مس بمعتقداتنا وهويتنا الجماعية، أو افتعال صراع آيديولوجي». وقال إنه انطلق من «مشروعية مطالب نسائنا التي تفرضها تحولات المجتمع، ومقتضيات العصر، ومستلزمات التنمية، وتفعيلا للدستور المغربي»، داعيا مرة أخرى «إلى تعميم النقاش حول الإرث والتعدد والإجهاض داخل الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني».

وأعلن لشكر، الذي تعرض لفتوى التكفير من طرف أحد شيوخ السلفية، عبد الحميد أبو النعيم، بأنه كان يتوقع «ردود الفعل السلبية من قوى الجمود والمحافظة، التي لا ترى في النساء إلا أجسادا للمتعة». بيد أن لشكر استغرب «تحصن هؤلاء وراء مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحث على الحوار والجدال بالحسنى، ليصدروا فتاوى التكفير والقتل، وينعتوا مناضلات شريفات محصنات بنعوت ينكرها صحيح الدين، وترفضها قيم الحضارة الإنسانية».

في غضون ذلك، شهد اجتماع اللجنة الإدارية اتهامات قوية لقيادة الاتحاد الاشتراكي بالمس بالآيديولوجية الاشتراكية التي يتبنى الحزب مبادئها منذ 40 سنة خلت، وهاجم محمد بوبكري، عضو المكتب السياسي القيادة الحالية للحزب، متهما إياها بمحاولة «تغيير ملامح الهوية السوسيولوجية الاشتراكية للحزب في حال الاستمرار على نفس النهج الذي تسير عليه»، داعيا قادة الحزب إلى «ضرورة القيام بنقد ذاتي من أجل تفادي الوصول إلى الباب المسدود». وأكد بوبكري أن الاتحاد الاشتراكي يواجه مشكلات تنظيمية كبرى وعلينا أن نعمل مجتمعين على تجاوز هذه الوضعية الصعبة، حتى نتقدم مجتمعين إلى الأمام.

ورد لشكر بشكل غير مباشر على زميله في المكتب السياسي قائلا: «الاتحاديون استطاعوا تخييب آمال أعداء الحزب الذين كانوا يراهنون على انقسامه بعد المؤتمر الأخير، لكن على العكس من ذلك، فقد استطعنا بحكمتنا جميعا أن نقوم بخطوة غير مسبوقة، تمثلت في توحيد الصف بيننا وبين الحزبين العمالي والاشتراكي، إضافة إلى التحالف مع حزب الاستقلال، وهو التحالف الذي صنع اللحظات الكبرى في تاريخ المغرب».

ارتباطا بذلك، دعا بيان صدر أمس عقب الانتهاء من أشغال الدورة الخامسة للجنة الإدارية للحزب «كل الديمقراطيين والحداثيين وكل الفئات الحية في المجتمع المؤمنة بالتقدم والتطور والحقوق والحريات والمساواة والعدالة الاجتماعية، للتكتل بمختلف أشكال الصيغ الوحدوية الممكنة، من أجل مواجهة مخاطر العودة إلى الوراء، والإجهاز على المكتسبات الدستورية والسياسية والثقافية».

وندد البيان بـ«النهج التحكمى التسلطي» لرئيس الحكومة وبأسلوبه في ممارسة العنف اللفظي، وتمييع الحياة السياسية وتبخسيها من أجل تضليل الرأي العام. وأكد البيان رفضه لأي تستر بشكل مغرض وراء الدين ومبادئه واستغلاله، وكل فتاوى العنف والقتل التي لا تتلاءم والقيم الدينية للشعب المغربي المناهضة للتشدد والتطرف وكذا للحضارة الإنسانية.

ودعا البيان نخب المجتمع المثقفة وعلماءه المتنورين إلى مواجهة هذا الانحراف الخطير عن مقاصد الدين وعن الثقافة المغربية المنفتحة والقائمة على التسامح، وفتح باب الاجتهاد في الأمور الدينية المتعلقة بالمرأة وأوضاعها، بما يستجيب لمتطلبات العصر ومتغيراته وتحولات المجتمع.

وحذر البيان من ترويج الفكر الظلامي الرجعي من طرف حركات سياسية - دعوية، في إشارة ضمنية لحركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي، معدا أنها تقدم نفسها كـ«وصية على دين المغاربة».

في سياق ذي الصلة، يتوقع أن يشهد مقر الاتحاد الاشتراكي في الرباط اليوم اجتماعا لقادة تحالف المعارضة الذي يضم أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «اللقاء سيجري على مستوى زعماء المعارضة ورؤساء فرقها البرلمانية بالغرفتين». وذكرت المصادر ذاتها أن اللقاء الذي يعد الثالث من نوعه في غضون شهرين يأتي من أجل تنسيق الخطوات السياسية لمواجهة قرارات الحكومة خصوصا فيما يتعلق برفع الدعم عن أسعار المحروقات.

وتجري اتصالات مكثفة بين أحزاب المعارضة والاتحادات العمالية المقربة منها لخوض احتجاجات غير مسبوقة ضد قرارات الحكومة.