ثلاثة أحزاب جزائرية معارضة تقاطع انتخابات الرئاسة بدعوى «انعدام فرصة التغيير»

مراقبون يتوقعون اقتصار المنافسة على مرشحين يوصفون بـ«أبناء النظام»

TT

ستجري انتخابات الرئاسة الجزائرية المقررة في 17 أبريل (نيسان) المقبل، من دون مشاركة ثلاثة أحزاب سياسية معارضة هي «حركة مجتمع السلم» (إسلامي) و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، و«جبهة القوى الاشتراكية» (علماني وأقدم حزب معارض في البلاد)، وبذلك سيقتصر الترشح على مجموعة شخصيات تصفهم الصحافة بـ«أبناء النظام».

وأعلن «مجتمع السلم» أمس على موقعه الإلكتروني، عن نتائج اجتماع مجلس شوري الحركة الذي التأم يومي الجمعة والسبت الماضيين لبحث موقف الحزب من انتخابات الرئاسة. وبرر الحزب، الذي خرج من الحكومة في 2012 وانتقل إلى المعارضة، قرار مقاطعة الاستحقاق بـ«غياب فرصة حقيقية للإصلاح السياسي من خلال هذه الانتخابات» وبـ«استفراد السلطة القائمة بالانتخابات الرئاسية، وتجاهل مطالب الطبقة السياسية الداعية إلى إرساء شروط النزاهة والشفافية وفق المعايير المتعارف عليها دوليا»، في إشارة إلى رفض الحكومة مطلب قطاع من الطبقة السياسية بالتنازل عن تنظيم العملية الانتخابية لصالح «لجنة تتكون من شخصيات مشهود لها بالنزاهة». وترى المعارضة أن وزارة الداخلية «تنحاز لمرشح السلطة في كل استحقاق».

ومن بين أسباب مقاطعة الانتخاب، حسب الحزب الإسلامي «التجاوز المتعمد لإرادة الشعب في الاختيار الحر لمن يمثله ويحكمه»، من دون توضيح ما يقصد. غير أن ما توحي إليه المقاطعة يبقى متداولا في الأوساط السياسية والإعلامية، ويتعلق بحرص النافذين في مؤسسة الجيش وقلبها النابض جهاز المخابرات العسكرية، على حسم نتيجة الانتخاب مبكرا باختيار المرشح الذي سيفوز، والذي يوصف بـ«مرشح النظام». وكل الرؤساء السبعة (بمن فيهم بوتفليقة) الذين تعاقبوا على حكم الجزائر، منذ الاستقلال، خرجوا إما من رحم المؤسسة العسكرية أو مدنيون اختارهم العسكر لقيادة البلاد. ودعا «مجتمع السلم» «المناضلين والشعب الجزائري بكل فعالياته، إلى تثمين قرار الحركة (بالمقاطعة) والالتفاف حول ما يصلح البلد ويحقق الانسجام المجتمعي». وسعى الحزب في وقت سابق إلى البحث عن «مرشح توافقي»، تختاره المعارضة الإسلامية، غير أن الفكرة سرعان ما تلاشت بسبب ضعف الأحزاب الإسلامية.

أما الحزب العلماني، «التجمع من أجل الديمقراطية»، فقد عقد الجمعة الماضي اجتماعا لأطره بقيادة رئيس الحزب محسن بلعباس، أفضى إلى قرار رفض المشاركة في الاستحقاق. وكان للحزب الموقف نفسه في استحقاق 2009، بل وشن حملة في الميدان لإقناع الناخبين بعدم التوجه إلى صناديق الاقتراع. وذكر رئيس الحزب أن موعد 17 أبريل المقبل «يهدف إلى إبقاء الأوضاع على حالها، وبالتالي لا جدوى من تزكية مسار لا يرجى منه التغيير». وقال إن «عجز رئيس الجمهورية عن ممارسة مهامه (بسبب المرض) منذ زمن غير قصير، مؤشر قوي على قرب زوال النظام»، وعد الحديث عن ترشح بوتفليقة لولاية رابعة «انحدارا في الأخلاق لم يسبق أن وصلت إليه البلاد من قبل».

وخرجت جبهة القوى الاشتراكية من اجتماعها أول من أمس في بجاية (250 كيلومترا شرق العاصمة)، بقرار عدم المشاركة في الانتخابات. وقال السكرتير الأول للحزب أحمد بطاطاش إن «استحقاق 17 أبريل سيكون مغلقا لأن النظام أصلا مغلق، ولا يقدم أي مؤشر على الانفتاح». وأضاف: «تواصل السلطة في الجزائر الهروب إلى الأمام، وهي بذلك تقود البلاد إلى الكارثة».

ويقول مراقبون إن تغيب الأحزاب الثلاثة الكبيرة عن انتخابات الرئاسة، وغياب مرشحين عنها، يمس بمصداقية الاستحقاق. وأمام هذا الوضع سيقتصر الترشح على وجوه مألوفة لدى الناخب الجزائري، هي رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، وزعيمة «حزب العمال» اليساري، ورئيس حزب «عهد 54» علي فوزي رباعين، ورئيس «الجبهة الوطنية الجزائرية» موسى تواتي، وكلهم ترشحوا في استحقاقات سابقة، وانهزموا أمام المرشح الفعلي للنظام، الرئيس بوتفليقة.