قصف مدفعي كثيف على الفلوجة يخليها تدريجيا من سكانها

تضارب معلومات بشأن «تطهير» مناطق في الرمادي من مسلحي «داعش»

الدخان يتصاعد من عربة عسكرية بعد أن هاجمها مسلحون في الفلوجة أمس (أ.ف.ب)
TT

تضاربت الأنباء خلال الأيام القلائل الماضية على صعيد ما يجري في الرمادي، لجهة البدء في عملية تطهير للمناطق التي لا يزال يتحصن فيها المسلحون، ممن ينتمون إلى «داعش»، في مناطق البوبالي البوفراج والملعب وشارع 60.

ففي الوقت الذي أعلنت فيه قيادة عمليات الأنبار وعدد من قادة الصحوات وشيوخ القبائل المساندة للجهد الحكومي في مطاردة التنظيمات المسلحة أن هذه المناطق «طهرت»، أفادت مصادر، أمس، بأن القتال لا يزال يدور في تلك المناطق بطريقة الكر والفر، بينما أعلنت جمعية الهلال الأحمر العراقي عن نزوح أعداد جديدة من أهالي الرمادي والفلوجة.

وفي هذا السياق، كتب قائد الفرقة الذهبية للعمليات الخاصة في الجيش العراقي، اللواء فاضل جميل برواري، في صفحته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، أن «العمليات التي قمنا بها بالاشتراك مع الجيش العراقي أسفرت عن تطهير عدة مناطق في الأنبار من عناصر (داعش)». وأضاف: «كبّدنا العدو خسائر كبيرة، دمرناه بالكامل»، مشيرا إلى أنه «لا توجد في صفوفنا خسائر».

لكن مصادر أمنية أعلنت وقوع خمسة جنود، صباح أمس، أسرى بيد «داعش» جنوب مدينة الفلوجة. وبحسب المصادر وشهود عيان، فإن مسلحين من «داعش» هاجموا ثكنة للجيش في منطقة النعيمية واشتبكوا مع الجنود لمدة ثلاث ساعات، تمكن خلالها التنظيم من أسر خمسة جنود بينهم ضابط. وتمكن المسلحون كذلك من الاستيلاء على ست عربات عسكرية قاموا بحرق ثلاث منها، واحتفظوا بثلاث جابوا فيها شوارع مدينة الفلوجة.

وبعد ساعات من وقوع الحادث، نشر «جهاديون»، على شبكات التواصل الاجتماعي، صورا للجنود الأسرى وهم مكبلون في شاحنة صغيرة ويجوبون بهم شوارع المدينة. ونشروا فيديو آخر يظهر فيه حرق عربة عسكرية من طراز «همر»، وعربتين أخريين تجوبان شوارع الفلوجة. وتعد هذه ثاني مرة ينجح فيها تنظيم داعش بأسر جنود عراقيين، بعد حادثة أسر أربعة من عناصر وحدة عسكرية طبيعة تابعة للقوات الخاصة، في منطقة البوبالي شرق الرمادي، قبل أسبوعين، وأقدموا على إعدامهم، ونشر فيديو للعملية.

وعلى صعيد ما يجري في الفلوجة نفسها، هناك، طبقا للروايات التي يوردها من تبقى من سكانها، عمليات قصف لعدد من الأحياء السكنية في المدينة، وبشكل يبدو عشوائيا.

ويقول محمود شكر، وهو من وجهاء المدينة، لـ«الشرق الأوسط»: «قررت البقاء في منزلي بعد أن أخرجت عائلتي، لأنه لا يمكننا ترك منازلنا تماما». ويضيف أن «القصف بدأ يتكثف، وهو ما يعني أن هناك نية لاقتحام المدينة من قبل الجيش، وكل موجة قصف تتبعها موجة نزوح على الرغم من أن الحياة لم تنعدم كليا، ولا توجد نية للمغادرة بشكل كامل من المدينة لأنها سبق أن مرت بظروف أسوأ، ولم يغادرها أهلها بالكامل».

وكان طيران الجيش قد نفذ، أمس، عدة عمليات قصف لمواقع المجموعات المسلحة في منطقة قرى زوبع، شرق مدينة الفلوجة. كما شمل القصف أحياء الشهداء ونزال والنعيمة.

من جهتها، أعلنت جمعية الهلال الأحمر العراقية عن ارتفاع عدد النازحين من الأنبار إلى أكثر من 34 ألف أسرة. وقال الأمين العام المساعد بالجمعية محمد الخزاعي في بيان إن «أعداد النازحين من محافظة الأنبار ارتفع إلى 34 ألفا و685 عائلة نزحت إلى داخل وخارج المحافظة، وتوزعت على المدارس والأبنية العامة»، مبينا أن «أغلب النازحين كانوا من مدينة الفلوجة». وأضاف الخزاعي أن «عدد النازحين من الفلوجة بلغ 24 ألف عائلة نزح بعضها إلى مناطق البونساف والحلابصة والبوعلوان والمحامدة والفلاحات ومجمع العامرية السكني وغيرها من المناطق»، مشيرا إلى أن «عدد النازحين من منطقتي البوبالي والجزيرة بلغ عددهم 1123 عائلة، في حين بلغ عدد النازحين من منطقة شارع 60 وحي الضباط والملعب بالرمادي 1200 عائلة». وأضاف الخزاعي أن «جمعية الهلال الأحمر وزعت مساعدات غذائية على أكثر من 20 ألف عائلة داخل وخارج الأنبار، فضلا عن تقديم خدمات طبية ودعم نفسي للعوائل المتضررة».

وسياسيا، طالبت كتلة «متحدون»، التي يتزعمها رئيس البرلمان أسامة النجيفي، رئيس الوزراء نوري المالكي بأن تكون لديه رؤية لحل الأزمة في الأنبار. وقال ظافر العاني، الناطق باسم الكتلة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «استمرار الأزمة في الأنبار ليس من صالح أحد، لا سيما مع تفاقم معاناة السكان».

وأضاف العاني أن «رئيس الوزراء، وهو المسؤول التنفيذي الأول، لم يقدم رؤية للحل ويرفض المبادرات الهادفة لاحتواء الوضع، فضلا عن رفضه أي حوار سياسي مع الشركاء أو مع من يقاتل المجموعات الإرهابية من فصائل مسلحة طالما جرى الحديث عن دمجها في مشاريع المصالحة وغيرها».

وأوضح العاني أن «الحلول العسكرية التي يفضلها المالكي أثبتت عدم فعاليتها في حل الأزمة، ما دامت تفتقر إلى الحلول السياسية التي من شأنها معالجة جذورها ومسبباتها المتمثلة بالمطالب العادلة والمشروعة التي رفعها المعتصمون لأكثر من عام، بسبب شعورهم بالغبن».