تيار «بلا هوادة» في حزب الاستقلال يحذر من عودة العنصرية والقبلية إلى المغرب

بناني سميرس: بلادنا تشهد اليوم إسناد الأمور إلى غير أهلها

عبد الواحد الفاسي رئيس تيار «بلا هوادة» في حزب الاستقلال المغربي المعارض يتحدث في مائدة مستديرة حول «المجتمع المدني والتطور الدستوري» مساء اول من امس في الرباط وبدت بجانبه لطيفة بناني سميرس رئيسة المجلس الوطني للتيار (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

انتقدت لطيفة بناني سميرس، رئيس المجلس الوطني لتيار «بلا هوادة» في حزب الاستقلال المغربي المعارض، ما قالت إنه عودة قوية للدعايات «العنصرية والقبلية» في البلاد، بعد أن اختفت منذ مدة طويلة، وأرجعت سبب ذلك إلى تفشي خطاب منتشر في الصحف والشبكات الاجتماعية يذكي النعرات، ويسعى إلى تفرقة المجتمع المغربي إلى طوائف، ويقلل من أهمية المفكرين، و«يشكك في الأدوار التاريخية للمجاهدين»، على حد قولها.

ولفتت سميرس إلى أن هذه الوضعية تعد تراجعا عن المكتسبات، فوثيقة المطالبة بالاستقلال قبل سبعين سنة وقع عليها أشخاص من مختلف المناطق والاتجاهات الفكرية. وكان المغرب يعرف لحمة وطنية كبيرة، ووحدة في الصف.

وقالت سميرس، خلال لقاء عقده «بلا هوادة» مساء أول من أمس (السبت) إن المغرب يعرف درجة كبيرة من «الميوعة السياسية»، وتراجع دور الشباب والمفكرين، وفي المقابل أفسح المجال لأشخاص «غير مؤهلين».

ونظم تيار «بلا هوادة» في الرباط مائدة مستديرة حول موضوع «المجتمع المدني والتطور الدستوري من خلال وثيقة 11 يناير (كانون الثاني) 1944 للمطالبة بالاستقلال»، وهو أول نشاط «فكري» للتيار بعد تحوله إلى «جمعية بلا هوادة للدفاع عن الثوابت»، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بقيادة الوزير السابق عبد الواحد الفاسي، المناوئ لحميد، الأمين العام لحزب الاستقلال.

وأضافت سميرس، العضو السابق في مجلس النواب، أن الديمقراطية في المغرب حاليا «تحولت إلى مجرد أرقام وأصوات في الصناديق»، في حين أنها في عمقها الحقيقي تعني توعية الناس، وتثقيفهم، وجعلهم يعرفون كيف يختارون، وأنها يجب أن تكون أداة لتطوير المجتمع والفكر السياسي والاجتماعي.

ودعت بناني إلى ضرورة استكمال التخلص من «رواسب الاستبداد» لبناء مغرب جديد، يلبي طموحات من كتبوا «وثيقة الاستقلال والديمقراطية» 1944. وقالت إن الرواسب ستستمر ما دام هناك انعدام إشراك للأمة في تسيير الأمور العامة، وتعذر الاستفادة من قدرات المغاربة في العمل العام.

وأضافت أن «إعادة بناء مغرب الحداثة يتطلب تخليص الشعب من رواسب الاستبداد، من دون المساس بالثوابت، فالمغرب يستحق التضحية من شعبه ومفكريه على حد سواء». وانتقدت سميرس صمت المفكرين والمثقفين في أوقات الحاجة إليهم. وأردفت قائلة: «الحداثة لا تعني إعطاء الشأن لمن لا يصلح له.. هذا ليس تنقيصا من أحد، لكنها الحقيقة، فلكل مكانته ولا يجب أن يتجاوز حده، وإذا تجاوزه سيكون ذلك وبالا عليه وعلى الأمة، ولن يأتي بنتائج إيجابية»، مؤكدة أن المغرب اليوم يعرف «إسناد الأمور إلى غير أهلها».

وانتقدت القيادية في حزب الاستقلال تعامل المنظومة الدولية مع الدول على قدم المساواة، متسائلة: «كيف يمكن أن يتساوى المغرب ودول أخرى مثل بوركينا فاسو؟»، مشيرة إلى أن المغرب كان له كيان دولة «الإمبراطورية الشريفية» قبل قرون عدة، وهو كيان سياسي سابق على غيره، وأنه حتى 1844 لم تكن هنالك دولة تجرؤ على المساس بحدوده، لكن تقسيم مناطق النفوذ بين القوى الاستعمارية في مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906 كان نقطة تحول كبيرة، وأضافت أن السلطان عبد الحفيظ ضيع فرصة تاريخية لملكية دستورية ديمقراطية، قبل توقيع اتفاقية الحماية مع الفرنسيين، ورضخ لإملاءات مؤتمر الجزيرة الخضراء.

من جهته، قال عبد الواحد الفاسي، وزير الصحة الأسبق، رئيس جمعية «بلا هوادة»، إن اللقاء يشكل أول «خروج فكري» للتيار، وإن مناسبة نقاش وثيقة الاستقلال تكتسي أهميتها، من كونها تاريخيا تعد الانطلاقة الحقيقية «للوطنية الفعالة وللمغرب العصري»، وإنها تعبر عن ثقة كبيرة في النفس، فبعدها بسنوات قليلة أجبرت فرنسا على منح الاستقلال، وإعادة السلطان محمد الخامس من المنفى.

وأكد الفاسي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، والمرشح السابق لأمانته العامة، أن المجتمع المدني بطبعه مناوئ للاستبداد، وبالتالي يظل دائما هو العماد الحقيقي للمعارضة، وللتوجيه السياسي، مشيرا إلى اقتران الاستقلال بالمطالبة بالديمقراطية، قائلا إن «الوطنيين لم ينسوا الديمقراطية، وجعلوها جزءا من الوثيقة».