دمشق لم تسمح للمحاصرين بمغادرة حمص ولا إدخال المساعدات

200 امرأة وطفل مستعدون للرحيل.. والنساء يرفضن ترك أزواجهن

TT

تعثرت جميع المساعي الرامية إلى فك الحصار عن أحياء مدينة حمص المحاصرة أمس، وذلك غداة تلقي الموفد الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي وعدا من السلطات السورية بالسماح للنساء والأطفال المحاصرين منذ أشهر في وسط حمص، بمغادرة المدينة.

وقال ناشطون حقوقيون لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمور في حمص ما تزال على حالها، ولم يسمح لأي عائلة بمغادرة المدينة»، في حين اتهم المتحدث باسم «الائتلاف الوطني المعارض» لؤي صافي النظام السوري بـ«عدم الالتزام بوعوده بخصوص حمص المحاصرة».

وأكدت منظمة الصليب الأحمر الدولية أنه لم تتخذ أي خطوة لإجلاء المدنيين المحاصرين في حمص، كما لم يتخذ أي إجراء من قبل الحكومة السورية لتسهيل وصول القوافل الإنسانية.

وقال روبرت مارديني رئيس العمليات في الشرق الأوسط لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر: «حتى ظهر اليوم (أمس) لم يتخذ أي إجراء ملموس للقيام بأية عملية من هذا النوع في أحياء حمص القديمة».

وشدد على أن إفساح الفرصة أمام المدنيين لمغادرة المناطق المحاصرة لا يعني بالضرورة إرغامهم على الرحيل. وقال: «يجب ألا يرغم أحد المدنيين على الرحيل»، مضيفا: «نعلم من خبرتنا أن بعض الناس لا يرغبون في مغادرة منازلهم وترك ممتلكاتهم من دون ضمانات لما قد يواجهونه في الخارج». وقال: إنه يجب السماح لوكالات الإغاثة بالدخول إلى المناطق المحاصرة لتقييم الاحتياجات. وأوضح أن الصليب الأحمر الدولي لم يدخل حمص منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2012.

في المقابل، أكد محافظ حمص طلال البرازي استمرار «التنسيق مع السفير المقيم للأمم المتحدة لإخراج المدنيين من أحياء حمص القديمة»، نافيا في تصريحات نقلها عنه التلفزيون السوري الرسمي «وجود علاقة لهذا التنسيق بما يجري من مباحثات في مؤتمر (جنيف2)، وإنما يأتي ضمن متابعة ما تقوم به الحكومة السورية منذ أشهر في جميع المناطق السورية من أجل خروج المدنيين من المدينة القديمة».

وتحتاج أكثر من 4000 عائلة تضم نساء وأطفالا لإجلائها عن أحياء حمص المحاصرة بسبب سوء أوضاعهم الإنسانية. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم الهيئة العامة للثورة أبو رامي الحمصي قوله: إن «الناس في حمص بحاجة إلى كميات كبيرة من الأغذية والمعدات الطبية، وضمان عدم توقيف النساء والأطفال والجرحى الذين سيتم إجلاؤهم من المناطق المحاصرة في حمص».

وكان النظام السوري اشترط الحصول على أسماء الأشخاص الذين سيخرجون من حمص متذرعا بالتخوف من تسلل عناصر من «الجماعات الإرهابية» بينهم، إلا أن ناشطين في أحياء يحاصرها الجيش النظامي في مدينة حمص طالبوا بـ«ضمانات» بعدم توقيف دمشق المدنيين الذين سمح لهم بمغادرة المدينة. وقال أبو رامي: «لا نثق بالنظام ونريد ضمانات من الأمم المتحدة أو من اللجنة الدولية للصليب الأحمر».

وبحسب ناشطين في حمص، فإن «نحو 200 امرأة وطفل أي ما يمثل نحو نصف النساء والأطفال في أحياء حمص القديمة، مستعدون لمغادرة هذه المناطق التي تحاصرها القوات السورية، لكن النساء في الوقت نفسه يرفضن ترك أزواجهن بمفردهم».

ويقصف الجيش منذ يونيو (حزيران) 2012 بانتظام أحياء المعارضة المسلحة حيث يعيش آلاف السوريين في ظروف مروعة وينقصهم الغذاء والدواء.

ودفعت هذه المدينة التي تعد معقل الحركة الاحتجاجية ثمنا باهظا لمعارضتها للنظام السوري، حيث هُجّر عدد كبير من سكانها الذين ينتمون إلى الطائفة السنية، ليقتصر وجود عدد قليل منهم في الأحياء المحاصرة حاليا.

وفي هذا السياق، رفض وفد «الائتلاف الوطني المعارض» إلى جنيف أمس تقارير مفادها بأن «المعارضة السورية وافقت على إخلاء بعض الأحياء في مدينة حمص وسط سوريا من سكانها الأصليين والسماح لهم بالخروج من تحت الحصار وعدم العودة ثانية».

وقال العضو المفاوض في وفد المعارضة أنس العبدة: «ما زلنا نطالب بفك الحصار عن حمص وإيصال المواد الإغاثية للمناطق المحاصرة بدءا بحمص القديمة والقوافل الإغاثية، ولا صحة إطلاقا لكل الشائعات التي تتحدث حول طلبنا ترتيبات مغادرة المدنيين لمناطقهم المحاصرة دون عودة، وهدفنا فك الحصار مرحليا ليس إلا».

ويخشى بعض السوريين أن يكون هدف السلطات السورية من السماح للمحاصرين بالمغادرة، منعهم من العودة لاحقا إلى منازلهم، ما يعني حصول تغييرات ديموغرافية في المجتمع السوري وهو ما سبق وحصل في بعض المناطق منذ بداية الصراع قبل نحو ثلاث سنوات.

وانسحب الفشل في إحراز تقدم بملف فك الحصار على حمص على موضوع المعتقلين في السجون السورية، إذ أشار الناطق الإعلامي باسم وفد الائتلاف المعارض لؤي صافي إلى أنه «لا تقدم في قضية المعتقلين ولا نزال نعمل من أجل الوصول إلى حلها والتقدم بها». وكان وفدا النظام والمعارضة بحثا قضية عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين في ثاني يوم من جلسات التفاوض ضمن مؤتمر «جنيف2».