زعيم حركة انفصالية جزائرية يطالب كي مون بإيفاد «القبعات الزرق» لـ«حماية شعب الأمازيغ من الإبادة»

بعد أن خلفت مواجهات طائفية في غرداية قتلى وجرحى وخسائر في ممتلكات خاصة

فرحات مهني
TT

طالب زعيم تنظيم انفصالي جزائري، أمين عام هيئة الأمم المتحدة بان كي مون، بإيفاد القبعات الزرق «لحماية شعبنا الأمازيغي الميزابي من العنف والإرهاب الذي يتعرض له»، في إشارة إلى اقتتال طائفي يجري في غرداية (600 كم جنوب الجزائر) منذ شهرين، بين «الشعانبة» الناطقين بالعربية و«الميزابيين» الذين يتحدثون بالأمازيغية. وخلفت المواجهات قتلى وجرحى وتخريب ممتلكات خاصة.

وقال فرحات مهني، الناشط الأمازيغي المقيم بفرنسا، ورئيس «حكومة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل» الجزائرية الانفصالية، في رسالة إلى كي مون نشرتها أمس «وكالة أنباء القبائل»، إن «شعبنا الأمازيغي يعيش وضعا مأساويا بسبب العنف الذي يتعرض له منذ أسابيع، على أيدي السلطة بالتواطؤ مع الشعانبة». واتهم الحكومة بـ«قمع الشعب الأمازيغي في غرداية ومحاولة طمس هويته وممارسة التمييز العنصري ضده». وتحدثت الرسالة عن «تطهير عرقي متعمد ضد الأمازيغ».

وذكر مهني، الذي كان قياديا بالحزب المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، أن «السلطة الجزائرية تمارس منذ الاستقلال (1962) سياسة التطهير ضد شعب الأمازيغ، وتهميش هويته ولغته، لفائدة التمكين للغة العربية في المناطق التي يسكنها مواطنونا. وتقود السلطة منذ زمن بعيد حروبا ضد شعبنا الأعزل»، مشيرا إلى أن ولايات القبائل (تيزي وزو وبجاية والبويرة التي تقع شرق العاصمة، ويسكن بها عشرة ملايين شخص، حسب مهني) «واجهت مجازر في 1963 و1965 و1980 وفي 2001 و2003. وتعرضت منطقة الأوراس (شرق البلاد) حيث يسكن شعبنا الشاوي، للتصفية العرقية وشعبنا الطوارقي (أقصى الجنوب) للقمع بشكل منظم».

وأضاف «شعبنا الأمازيغي الآخر بمنطقة الميزاب، حيث يعيش 800 ألف ساكن، تمارس السلطة ضده أبشع أنواع الاستغلال وتحرمه من المعادن التي تكتنزها أرضه وذلك منذ 1975، ويتعرض بشكل مركز منذ 2008 للاستفزاز بتخريب ممتلكاته وأضرحة رموزه في المقابر. وبلغ الأمر بالسلطة إلى تحريض الشعانبة العرب لإبادته».

وعقد رئيس الوزراء عبد المالك سلال، مطلع الشهر الحالي، جلسة صلح بين أعيان الطائفتين، وأعلن عن «خطة سلام» بينهما لوقف المواجهات في غرداية. غير أن الضغائن ازدادت حدة، وبدا في الميدان أن التعزيزات الأمنية التي أرسلتها السلطات من العاصمة إلى غرداية عاجزة عن وضع حد للمناوشات التي توسعت رقعتها في اليومين الأخيرين، لتصل إلى أحياء كانت هادئة إلى حد ما.

واللافت أنه لا أحد يعلم كيف انطلقت شرارة المواجهة، لكن المعروف أن «الميزابيين» يتهمون السلطات المحلية بـ«تفضيل الشعانبة» في التوظيف بالمؤسسات الحكومية، فيما يقول الشعانبة إن الميزابيين «يحتكرون التجارة (ميزة غرداية) ويحرموننا من الاشتغال فيها».

وطالب «مجلس أعيان بني يزقن»، وهي أشهر مناطق الميزاب، في بيان أمس، الحكومة بـ«معاقبة المعتدين والمجرمين والمخططين للاعتداءات»، من دون توضيح من هم بالتحديد. وندد بـ«انتهاك حرمات الديار بالسرقة والتخريب والحرق أثناء المشادات وقبلها». وتحدث عن «بلوغ الأحداث ذروتها بسفك دماء مواطنين جزائريين ظلما وعدوانا»، وعن «منكرات لا يقرها الشرع ولا العقل ولا حقوق المواطنة». واستنكر «التخطيط للاعتداءات والتنسيق المبيت لها، لإشعالها في وقت واحد بعدة أحياء».

يشار إلى أن السلطات ترفض الدخول في مواجهة مع نشطاء الحكم الذاتي، للحيلولة دون ظهورهم في صورة «أقلية إثنية تتعرض للقمع»، لكنها تحرص بشدة على وضع حدود لمساعيها في نشر فكرة الانفصال، التي لا تحظى بتأييد كبير في الولايات حيث يسكن الأمازيغ.

وأثار مهني العام الماضي جدلا، عندما زار «المجلس التمثيلي للهيئات اليهودية بفرنسا» والتقى برئيسه ريشارد براسكييه، وبحث معه «القضايا التي تهم الشعب اليهودي والشعب القبائلي»، بحسب بيان صدر عن «المجلس» في باريس. وتثير كلمة «الشعب القبائلي» أو «الأمازيغي» حساسية كبيرة لدى السلطات وقطاع من الجزائريين.