تونس توقع دستورها الجديد.. والبرلمان يصوت اليوم على منح الثقة لحكومة جمعة

المرزوقي: تمكنا من تجنب ويلات العنف والفوضى

TT

وقع رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان في تونس أمس دستور «الجمهورية الثانية» الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) بأغلبية ساحقة الليلة قبل الماضية، وذلك بعد مضي ثلاث سنوات على اندلاع «الثورة» في تونس مهد «الربيع العربي».

وفي غضون ذلك، سيصوت المجلس التأسيسي اليوم على منح الثقة لحكومة مستقلة برئاسة المهندس مهدي جمعة يفترض أن تحل محل الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، وتسيّر البلاد حتى إجراء انتخابات عامة.

وجرى أمس التوقيع على الدستور الذي يشتمل على «توطئة» و149 فصلا، خلال جلسة عامة استثنائية انعقدت بمقر المجلس الوطني التأسيسي وحضرها ممثلو دول وبرلمانات أجنبية ومواطنون.

ووقع الدستور رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي، ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر ورئيس الحكومة المستقيلة، علي العريض.

وخلال توقيع الرؤساء الثلاثة على «دستور الجمهورية الثانية» (وفق تعبير مصطفى بن جعفر) سادت فرحة عارمة داخل المجلس التأسيسي حيث تعالت زغاريد نائبات، ومواطنات حضرن الجلسة الاستثنائية.

وقبل توقيع الدستور، قال الرئيس التونسي، في خطاب توجه به إلى أعضاء البرلمان، بأن المصادقة على هذا النص تمثل «انتصارا» لتونس وللشعب التونسي على «الديكتاتورية» في إشارة إلى نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به «ثورة» 14 يناير (كانون الثاني) 2011.

وأكد المرزوقي «هذا يوم اكتمال انتصارنا على الديكتاتورية المقيتة التي أطحنا بها. وهذا اليوم هو تواصل لانتصارنا على الإرهاب الذي حاول عبر اغتيال شهيدي الشعب شكري بلعيد ومحمد البراهمي إيقاف مسلسل التحرّر الفكري والسياسي الذي يجسده دستورنا الذي نحتفل به».

وفي 2013 قتل مسلحون المعارض اليساري البارز شكري بلعيد، المعروف بانتقاده الشديد لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة، ومحمد البراهمي النائب المعارض بالمجلس التأسيسي ونحو 20 من عناصر الأمن والجيش في عمليات نسبتها وزارة الداخلية إلى الجماعة السلفية المتشددة «أنصار الشريعة بتونس» التي صنفتها تونس والولايات المتحدة تنظيما «إرهابيا». وفجّرت هذه العمليات أزمة سياسية حادة في تونس.

وتابع المرزوقي «هذا الدستور خطوة على الطريق.. الطريق ما زال طويلا.. ما زال أمام العقل الجماعي الذي كتب هذا النص، أمام الإرادة الجماعية التي فرضته، الكثير والكثير من العمل لتصبح قيم الدستور جزءا من ثقافتنا العامة والفردية ولتصبح مؤسساته الديمقراطية جزءا من تقاليد راسخة لا يهمها مجيء زيد ورحيل عمرو».

وذكر الرئيس التونسي بأنّ بلاده التي وجدت نفسها «أحيانا بين فكي كماشة الإرهاب والفوضى»، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تمكنت من «تجنب ويلات العنف وعدم الاستقرار».

من ناحيته، قال مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي في خطاب، إن «التوافق» بين إسلاميي حركة النهضة وأحزاب المعارضة العلمانية الممثلة في المجلس التأسيسي «كان خيارا استراتيجيا عند كتابة الدستور» الذي «يبني لدولة القانون والمؤسسات.. والحكم الرشيد.. ولدولة مدنية ديمقراطية حديثة»، وفق تعبيره.

وأضاف بن جعفر «أمامنا الآن تحديان: بناء المؤسسات الديمقراطية، وربح معركة التنمية التي من دونها يكون كل البناء مهددا وعلى حافة الخطر».

وأشاد بقوات الجيش والأمن في بلاده من أجل «وقوفها مع (الثورة) وتأمينها للمسار الانتقالي والتزامها بالحياد».

وتابع أن المجلس التأسيسي سوف «يعمل في الأيام المقبلة على إنجاز القانون الانتخابي وتحديد موعد الانتخابات» العامة المقبلة وذلك بالتعاون مع الهيئة المستقلة المكلفة بتنظيم هذه الانتخابات.

وسينشر الدستور بعد توقيعه في الجريدة الرسمية للبلاد على أن يدخل حيز التنفيذ تدريجيا في انتظار انتخاب برلمان ورئيس جديدين.

وهذا الدستور هو الثاني في تاريخ تونس منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956.

من جهة أخرى، يصوت المجلس التأسيسي الثلاثاء على منح الثقة لحكومة جمعة.

وقالت النائبة كريمة سويد مساعدة رئيس المجلس التأسيسي المكلفة الإعلام على حسابها في «تويتر» بأن المجلس سيعقد صباح اليوم جلسة عامة سيجري خلالها تقديم تشكيلة حكومة مهدي جمعة، على أن يجري «بعد الظهر» التصويت على منح الثقة لهذه لحكومة.

ولكي تحظى حكومة مهدي جمعة بثقة المجلس التأسيسي، يتعين أن تصوت لها «الأغلبية المطلقة» من النواب (109 نواب من إجمالي 217)، وذلك بحسب «التنظيم (القانون) للسلط العمومية» الصادر نهاية 2011.